1 الجمھوریة الجزائریة الدیمقراطیة الشعبیة وزارة التعلیم العالي والبحث العلمي –المسیلة –جامعة محمد بوضیاف لغة وأدب عربي :میدان الآداب واللغات : كلیة دراسات أدبیة: فرع اللغة والأدب العربي :قسم نقد أدبي حدیث :تخصص L15 / 436/ :رقم يـــــــــمذكرة مقدمة لنیل شھادة الماستر أكادیم خیرة بوقرة )ة(الب إعداد الط تحت عنوان 07/05/2017: تاریخ المناقشة :لجنة المناقشة .رئیسا . المسیلة: الربیع بوجلال جامعة . د .المسیلة مشرفا ومقررا :بلخیر أرفیس جامعة . د .المسیلة مناقشا :.عثمان مقیرش جامعة . أ م 2017/ 2016 -ھـ 1437/1438: السنة الجامعیة الحداثة وما بعد الحداثة في الفكر النقدي الحدیث )نقد النص ( قراءة في كتاب على حرب 2 شكر و تقدیر 3 شكر و تقدیر الحمد الله والشكر له على أ ن وفقني لإنجاز هذا العمل أدعو لها بالرحمة " خضرة" وأمي " رابح " أتقدم بالشكر الجزيل إلى والدي الكريمين أبي أشكر أستاذي المشرف أرفيس بلخير الذي لم يبخل علي بنصائحه وتوجيهاته التي أنارت الدرب لهذا العمل المتواضع كما اشكر أعضاء لجنة المناقشة على قبولها مناقشة عملي شكري الموصول أيضا إلى كل من قدم لي يد العون من قريب أو من بعيد كما أخص بالذكر مكتبة النسيم * وكل من ساعدوني في إنجاز هذا العمل المتواضع ولو بالكلمة الطيبة أو الدعاء لكم مني كل الشكر والامتنان خیرة 4 الإھداء 5 الإھداء لمن اهتدى بهمنورا على نور وهدى الحمد الله الذي جعل الفجر لأهل العلم ة الرحمان يا منبع إليك يا هب أمي... إلى أغلى اسم نطقه لساني : أتقدم بإهداء هذا العمل المتواضع إلى . رحمك االله الحنان ،غاليتيالحب و أبي العزيز أدامك االله تاجا فوق راسي ستبقى بالنسبة لي رمزالامل والفخر . .... إلى الذي يتعب ويضحي والاعتزاز ........... اهديكم عملي نجاحا وتألقاإلى كل الأهل والأحباب إجلالا ووفاءا اهديكم عملي هذا إخوتي إلى .......ها أطفال العائلة وملائكة الرحمان الحياة وأجمل ما فيإلى براعم ........ يحترق كالشمعة ليضيء منإلى كل من علمني حرفا ، ومن غرس في نفسي حب العلم والمعرفة ، .لجميلتقديرا وعرفانا با لاساتذتي على الآخرين ، أهذي هذا العمل ي ،مشاعر الصداقة إليكن يا صديقاتي أهدالو من جمعتني بهم أسمى مشاعرإلى من رحلوا وغابو وفي القلب لاز .هذا العمل عربون محبة وتقدير . لم تلدهم أمي إخوتي اللذينإلى قمة الأخوة ، .كما أهديه لكل طاقم جامعة المسيلة التي احتضنتني خمس سنوات . لذكرهمإلى كل من عجزت الأوراق على احتوائهم يبقى القلب متسعا .أهدي هذا العمل جميعاإليكم خیرة 6 المقدمة 7 المقدمة مقدمة الحداثة وما بعد الحداثة لم تبق حبیسة الثقافة الغربیة بحكم منبتها ومنشئها بل ذاعت والتحدیث فأصبحت من المفاهیم الأكثر تداولاً وراجت وامتدت إلي بیئات غیر بیئتها بإسم التحدید وتستهدف كشرط , تستخدم علي نطاق واسع, في الدراسات الفكریة والأدبیة والنقدیة العربیة وخصوصیة وجودها ضمن نسق ثقافي یقوم على التراث , وقواعدها,لتأسیس هویة لها مقوماتها یا التي أثارت الكثیر من الاهتمام والجدل وتعد الحداثة وما بعد الحداثة من أهم القضا, والأصالة ا ذلك لكونها قضیة تتضمن الكثیر من , لیس في النقد الأدبي فقط ولكن في الفكر العربي عمومً فهي , ولكونها أیضًا من القضایا القلیلة التي استوعبتها أغلب العلوم الإنسانیة, الالتباس والتعقید , ستكشاف المجاهیل والركض وراء المستقبل البعیدشاملة تعبر عن رغبة الكائن البشري في إ .واللحاق بركب التطور المستمر الذي لا تحده نهایة , ولقد وجدت قضیة الحداثة صداها في أدبیات ونقدیات الخطاب العربي الحدیث المعاصر ا لتوطین فحصلت محاولات واجتهادات كثیرة ومختلفة لتداول وتزوید هذا المشروع الغربي تطلعً كتسباتها المنهجیة والمعرفیة في نسیج الثقافة العربیة حیث هناك من النقاد العرب من أدرك هذا م .فعمل على التعاطي معه, الوافد الغربي عبد العزیز حمودة الذي عمل تقدیم رؤیة نقدیة للمظاهر الفلسفیة التي شكلت العقل الحداثي ات الفكر العربي الذي حاول خلق حداثة وهذا من جهة ومن جهة أخرى تقویم إنتاجی, يو الغرب .عربیة لها أي مدى یمكن الكشف عن أسس الحداثة وآلیاتها في إلي: التي نود طرحها هي والإشكالیة هي المواقف التي اتخذها ؟ فكر علي حرب، وما 8 :أما سبب اختیار الموضوع فهي مایلي أسباب ذاتیة وهي التطلع على كتب الفكر والنقد وحب الإطلاع على ماهو مستحدث في * الحداثة وما بعد الحداثة ( هذا المجال، أما الأسباب الموضوعیة فهي هیمنة هذین الموضوعین على الساحة النقدیة عالمیة كانت أو عربیة محلیة، حیالة الدراسات النقدیة حول الناقد علي ) السعید بن كراد، سعید یقطین، القذامي ( م الدراسات تتجه الى الأسماء اللامعة حرب، فمعظ وغیرهم من النقاد، أما الهدف من الموضوع فهو تسلیط الضوء على كتاب نقدي غایة في الا وهو نقد النص وكشف إستراتیجیة على حرب في قراءة النص وما هي أهم المكونات الأهمیة . لاء نظرة على حرب للحداثة ومدى ارتباطها بالوعي والإبداعالتي ركز علیها واستج أما المنهج المتبع في موضوعنا هذا هو المنهج الوصفي القائم على التحلیل لكونه یقوم ا لا یخرج عن لغة المنهج في وصفه المقولات التي تعكس على تقریر ما هو واقع وتفسیر تفسیرً .الرؤیة النقدیة لعلي حرب .خطة البحث مقدمة وفصل تمهیدي وفصلین كما تتضمن ومن أهم المصادر والمراجع المتبعة علي حرب نقد النص - .إشكالیة تأصیل الحداثة, عبد الغني بارة- وقد واجهتنا بعض الصعوبات أهمها تعقید المادة العلمیة وما كان لهذا العمل ما كان له لا مساعدة الأخر وأخص بالذكر أُستاذي لیتحقق ویستوي علي صفحات هذا البحث المتواضع لو .الدكتور أرفیس بلخیر وأتقدم له بأسمى معاني الشكر والتقدیر لأنه كان مرافقي دائما واالله الموفق 9 مدخل .لحداثة المصطلح والمفهوم .1 ما بعد الحداثة .2 الحداثة عند الغرب .3 الحداثة عند العرب .4 10 الحداثة وما بعد الحداثة: أولاً .الحداثة المصطلح والمفهوم-1 , حدث الشئ, نقیضه القدمة, الحدیث نقیض قدیم والحدوث): لسان العرب(جاء في المعجم ا وحداثة .)1("فهو محدث وحدیث وكذلك إستحداث, وأحداثه هو , یحدث حدوثً وقد استخدمت العرب حدث مقابل قدم أي ما یعني أن الحداثة تعني الحدة والحدیث یعني .الجدید حدثان : یقال: لمجمع اللغة العربیة مادة حدث الحدثان) معجم الوسیط(كما وراد في المعجم .)2("أوله وابتداءه:الشباب وحدثانا لأمر إستخدم هذا المعني بكثرة كنایة عن سن الشباب وأول العمر یقال فلان في حداثة سنه أي ویقال هؤلاء قوم ...وحدثاؤها, وحدثاتها, ورجال أحداث السن"في مرحلة شبابیة وتقول العرب .)3("جمع حدث: حداثان الجدید من الأشیاء أما الحدیث في معني أخر الخیر یأتي : فالحداثة سن الشباب والحدیث .علي القلیل حدوثا , وفي معني أخر للحداثة حدثان الشئ بكسرة أوله وهو مصدر حدث یحدث .)4("وحدثا وأحدها حادث وكذلك , وما یحدث منه , نویة: دهر وحوادثهوحدثان ال<<وجاء في المعجم )1("أحداثه واحدها حدث .796ص, 1ط, دار المعارف القاھرة مصر, لسان العرب: أبن منظور- )1( .769نفسھ صالمرجع - )2( .160ص القاھرة ، ,4ط, معجم الوسیط مكتبة الشروق الدولیة مصر: شوقي ضیف- )3( .138صالقاھرة ، , المعجم الوجیز وزرة التربیة والتعلیم مصر: شوقي ضیف وأخرون- )4( 11 والحداثة كنایة عن أول , والحداثة أول الأمر وابتداؤه, وتعني الجدة, الحداثة نقیض القدیم .وحوادث الدهر نوائیة, والحدي هو الخبر, والحدیث الجدید من الأشیاء, العمر وبین الشباب ة في الفكر الغربي أیضا مصطلحات ومفاهیم متداولة في فكر الحداثة والتي كما أن الحداث و ) /moderne/moderne(إستعمالاتها في اللغة العربیة تعددها وهي modernityوmodernisme / modernité هي الترجمة " حدیث: "یمكن ملاحظته أن هناك شبه معارف على إن كلمة غیر أن ما وأنساهه في اللغات الأوربیة فكلمة حدیث مشتقة من , moderneالعربیة للمصطلح الغربي والتي عبرت عن الاعتراض على ما هو قدیم والذي كان یمیز modo (2) ظرف الزمان اللاتیني المیلادي 14ة عندما ظهرت في القرن العصور الیونانیة والرومانیة القدیم لقد ظهر هذا المصطلح في أوله للتمییز أو الفصل بین فترتین زمنیتین صدهما الصراع .بین القدیم والحدیث مع تأكید القطیعة مع الفترة الماضیة بدخول عصر النهضة والتجدید اثة والمعاصرة حیث أن الحد", ثم تجاوز إلي فترة المعاصرة والتي تعني ضمنیا التحدث قد ) modernisme(یمكن القول أن مصطلح الحداثة)3("توأمان یتجدبان الفكر العلماني الحدیث حیث من یفسر , الحداثة كإسم متأخر -وكان ظهوره, modprmeظهر بصیغة صفة الحدیث ر حلو المعاجم من هذه الفظة حتى نهایة القرن التاسع عش" هذا الظهور المتأخر للفظ الحداثة ا ولم یظهر شرح ... فطیلة القرنین السابع عشر والثامن عشر لم یكن استخدام لفظ حدیث موسعً )4("وتفسیر لمعني الكلمة في المعاجم الفرنسیة إلا باحتشام وباختصار شدید .798ص, لسان العرب: أبن منظور- )1( .798صابن منظور ، - )2( 1وت طركز دراسات الوحدة العربیة ببیمعجم المصطلحات الثقافیة والمجمع سعید الغانمي م, مفاتیح اصطلاحیة جدیدة, طوني بنیت وأخرون -)3( .276ص, , :2010 .107ص, 1998بیروت, إفریقیا الشرق الغرب, نور الدین أفایة الحداثة والتوصل الفلسفة النقدیة المعاصرة محمد -)4( 12 أن الروائي الفرنسي leRobertأما أول من استعمالها فیشیر في اللغة الفرنسیة القاموس ثم بدا یتداول " 1823وذلك سنة modernitéهو أول من استعمل لفظ ) Balzac( بلزاك وشارل بودلیز Gemervod علي ید كل من جیراردي نیرفال 1850الحداثة كمفهوم حوالي cbovdlairo)1 (ففي واحدة من هذه الأخیرة , لترج بعد ذلك في القوامیس والموسوعات الغربیة لیست مفهوما سیسولوجیا ولا " نالك تعرف الحداثة الفرنسیة ه encyclopediaوهي موسوعة .سیاسیا ولا حتى تاریخیا بمعني أخر مع كل الثقافات السابقة , هي نمط في التحضیر والتمدن تتعارض مع التقالید ولهذا فالحداثة تفرض نفسها كنمط علي مبدأ , التقلیدیة في مواجهة الاختلاف الجیوغرافي والرمزي تبقي فكرة غامضة تحاكم بصورة شاملة التطور التاریخي والتعبیري الغرب ورغم هذا فهي .)2("الذهبي الحداثة هي الحركة التجدیدیة في حقول الإنتاج والأفكار وأنماطا لحیاة والحكم والفن خرجت ا الحقبة التي تلت الخروج , علي جهود سنوات العصور الوسطي الطویلة وعلیه فهي تلاحق عمومً .)3(القرن السادس عشر \أي من, طمن العصر الوسی أما المفهوم الأخر الذي اقترن بالفكر الحداثي وأرتبط بمصطلحه modenization/modernisa-tion ي >ما یقابله في اللغة العربیة مصطلح التحدیث وال والتحدیث ضد الثبات , فالتحدیث مصطلح یعني التقدم والحركة" یشیر إلي فعل وقوع الحدث وقد مارس الغرب ظاهرة .... ا یحمل بین طیاته معني التغییر والحدة والنسبیةوالجمود كم ا بعصر النهضة ونمو الرأسمالیة , فعصر التنویر, فحركة الإصلاح الدیني, التحدیث إبتداءً .96ص, 1ط, 2008الحداثة الدار العربیة للعلوم دمحمد حدیدي الحداثة وما بع -)1( .التحدیث 18004الموسوعة العربیة العالمیة -)2( .418ص, 1ط, 2005محمد شیا الوحدة العربیة بیروت .حالة ما بعد الحداثة بحث في أصول التغییر الثقافيدیغد ھارمي ،-)3( 13 وقد تجاوز الغرب هذه , والاعتقاد بالمنهج العلمي وقوة العقل, والثورتین الصناعیة والسیاسیة )1("ة ما بعد الحداثةالمرحلة إلي مرحل post modernismeما بعد الحداثة فإذا كانت , ویتضمن علاقة التوالي بین المفهومین, أن لفظ ما بعد یوحي بفكرة الحداثة هو post modernismeفإن مفهوم ما بعد الحداثة , الحداثة من المفاهیم الصعبة الإمساك بها ن اتفقوا بصفة عامة في أنها ظهرت كرد فعل , الأخر لم یظهر بشكل الواضح المتفق علیه وإ .مضاد لحركة الحداثة عندما بدأ مصطلح ما بعد ): " الحداثة وما بعد الحداثة( یقول محمد جدیدي في كتابه في الانتشار والذیوع بدءا من استخداماته الأولي في الثلاثینیات من post modernité الحداثة ودلالاته محددة وواضحة فضلا عن تعدد القراءات من قبل القرن العشرین لم تكن معانیه المفكرین والمثقفین الذین بادروا إلي استعماله في مجالات عدیدة من التاریخ والحضارة إلي .)2("الفلسفة وعلم الاجتماع ومرورا بالفنون والهندسة والنقد الأدبي ویري كل من تشارلز , ن التاسعفیرصد أرنولد بدایتها في التسعینات القر ", أما في بدایتها یرغن هاو أنها ظهرت في خمسینیات القرن العشرین .)3("أُولسن وإ ونظر الارتباط المفهومین الحداثة وما بعد , ونظرا للخلط المعتاد بین الحداثة والتحدیث أورد دیفید هارفي في هذا الشأن, فإن هذه الأخیرة أیضا ارتبطت في تفسیرها بالتحدیث, الحداثة : مایلي modernité2015ینظر -)1( .110ص, الحداثة وما بعد الحداثة في فلسفة ریتشارد رواتي: محمد جدیدي -)2( .16ص, 1ط, 1995, الإمارات العربیة المتحدة, منشورات المجتمع الثقافي, الوھاب علوبتر عبد , الحداثة وما بعد الحداثة: بیتر بروكر -)3( 14 فإن أي تفسیر صحیح لقیام ما بعد الحداثة أن یستند أولا إلي فحص دقیق لطبیعة " "التحدیث نفسه وبهذه الطریقة یمكننا الحكم حول ما إذا كانت ما بعد هي مجرد استجابة أخري لعملیة .)1("أم أنها تعكس إلي قول جدري في طبیعة عملیة التحدیث نفسها, التحدیث ذاتها في مجال النقد الأدبي مرادف post modernismeما بعد الحداثة یتجلي لمفهومكما فكان , قامت علي أنقاض حركة حداثیة قبلیة سیمیت بالبنیویة, أخر لحركة معرفة جدیدة بعدیة والتي شكلت , post–structuralismeلدلك الانقلاب بیان لحركة نقدیة سمیت ما بعد البنیویة ما بعد الحداثة نظریة وموضوعا مشترك مع مفهوم في مفهومها مقاربة post-modersime الفكریة حیث یقول الناقد العربي یوسف و غلیسي في هذا ما بعد البنیویة (سمیت , كان ذلك مطیة لقیام حركة معرفیة جدیدة علي أنقضها"...الصدد post-dtruralisme( , وقد تلتبس ب )لحداثة ما بعد اpost modernisme ( فتترادفان أمام .)2("ویغدو التمییز بینهما أمر من الصعوبة بمكان, مفهوم واحد ما بعد أقرب ما تكون حركة فكریة تتعدد بداخلها الأراء وتتفرع " انطلاقا مما سبق نجد أن .)3("إلي اتجاهات تتباین في المصدر والتوجه .لیة لمسار حركة الحداثةفهي أطروحة مثلث نقطة انعطاف متتا :نقد النسخة الأصلیة للحداثة–أولاً أن الحداثة كلها مستهدفة بنسختیها , "المرایا المحدبة" نجد في كتاب عبد العزیز حمودة ولكي لا یبدو في إدانته للحداثة , الغربیة والعربیة حیث لا یبدو في إدانته للحداثة تخصیص بعینه .129ص, حالة ما بعد الحداثة: ینظر دیفید ھارفي -)1( .335ص, 1ط, 2008, الجزائر, دار العربیة للعلوم ناشرون, إشكالیة المصطلح في الخطاب النقدي الجدید: یوسف وغلیسي -)2( .143ص, الحداثة وما بعد الحداثة في فلسفة ریتشارد رورتي: ديمحمد جدی -)3( 15 أشار فیه بالمیل للنقاد والمفكرین الحداثیین الغربیین الذین اقترن فكرهم فقد , العربیة أصبح مباشر فرازاتها وأحداث علیهم ثورة في ما یبدو وبكشف عورات النموذج الأصلي ونتاجهم بالحداثة وإ علي هدف أساسي في الكتاب هو , اللامتوافق مع الحداثة العربیة, للحداثة لیبرز موقفه الضدي " وهذا ما یدل علیه عنوان كتابه , ر وممارسة حتى في أصولها لدي الغربیینتجریم الحداثة كفك الأن المرایا المحدبة التي توهم بصورة مزیفة مكبرة للشخص قد وقف أمامها , "المرایا المحدبة هم , فیما یعنیه حمودة بالجمع الحداثي. الأصلیون منهم والناقلون, الحداثیون جمیعا دون استثناء أي الذین ینشغلون , وكذلك الناقلون عنهم, ي نقاد الذین تعود إلیهم الحداثة أصلاالأصلیون أ .علي أمل نجاح مشروعها في تحریر الفن والإنسان معا, بهدي الحداثة نجده یقدم نقد , -الغربیة- عندما تعرض عبد العزیز حمودة للنسخة الأصلیة من الحداثة والتي , الأفكار الفلسفیة علي إنسان العصر الحدیثلحالة الانفصام والشرذمة التي أحداثتها عندما فقد القدرة علي التحكم في عالمه وخسر , سماها بأزمة الإنسان الغربي في العصر الحدیث ویكتب , وهي حالة یصفها ناقد أمریكي معاصر بسقوط وحدة العالم, موقعه في عالمه الجدید كان هناك وقت فیه االله ": " میللر"كار وهو یعرض الأف wallace martine" ولاس مارتن" تم انفصام , وكانت القصیدة تجسد الأشیاء التي تسمیها, والإنسان والطبیعة واللغة كل في الأخر .)1("أو انشطار , ثم یواصل حمودة تصویر حالة الانشطار التي الإنسان الغربي في العصر الحدیث أحداثتها بروز وتوالید مذاهب فلسفیة أثرت بصورة والتي , والتغیرات التي طرأت الأعقاب الزمنیة .وتحدیدا علي استخدامه للغة ونظرته إلیها, مباشرة علي الإنسان كان لعامل الأخر قد عابه النقاد ... مثالیة ووجودیة, مع تلك المذاهب من واقعیة وتجریبیة ه عامل العملیة الذي حیث عنوا ب, الغرب علي غرار حمودة عن البنیویة بشرذمة اللغة عن الأدب .59ص, المرایا المحدبة من البنیویة إلي التفكیك: عبد العزیز حمودة- )1( 16 روبرت "وهذا ما یؤكده , في نطاق الثورة الصناعیة, ساد النصف الثاني من القرن التاسع عشر في دراسته عن النبویة في الأدب عندما دقق الوصف لما سماه بشرذمة R.Sholes" شولز ) (synthesisإلي دارجة لا تبشر باحتمال التوحد, المعرفة وتقسیمها إلي أنظمة بالغة التخصص . إن ما یسعي إلیه عبد العزیز حمودة هو تقدیم أطروحات جادة من خلال كشفه عن عیوب , ففي واقع الأمر أن أزمة الانشطار والشرذمة لا نجدها في السیاق العربي وحده, الحداثة الغربیة ین فلحداثة الغربیة لم تستطع أن تحقق التوازن والانسجام ب, بل نشهدها عند الغرب أیضا وهذا لا یعد , وحاجاته الفكریة, متطلبات الإنسان الغربي في العصر الحدیث المادیة المتزایدة بل هو كلام النقاد الغربیین , كلام عبد العزیز حمودة وحده أو النقد العربي بصفة عامة وحده تاسع إنه من خلال القرن ال" ,في كتابه عن النبویة والأدب" روبرت شولز"وفي ذلك یقول, كذلك عشر والنص الأول من القرن العشرین كانت المعرفة مجزأة في علوم منفصلة عن بعضها وجاء التحدي الوحید لهذا النمط , وكانت محصنة ضد أي نوع بین اللغة والعالم الحقیقي, بعضا لاسیما تلك , من التفكیر من الفكر الماركسي وخاصة أعمال جورج لوكاتش الذي هاجم الوجودیة ویري أن البنیویة بطبیعة تكوینها إلي توحید العلوم , بنت ذلك النمط من التفكیر المشار إلیهالتي ت نزال الإنسان علي الأرض حسب قوله بدلا من جعله یعیش في حالة عزلة كاملة وذلك ما , وإ جعله یعتقد أنه الوقت الذي تعتبر فیه الماركسیة أیدیولوجیة خاصة فإن البنیویة مجرد طریقة .)1("ائیةإجر ثم ما زاد ذلك الانفصام هو التصادم والتعارض الحاد خلال القرن العشرین بین مذاهب بین الحركات , العلم التجریبیة والتي أرجعت إنسان القرن التاسع عشر إلي موقع والتحكم وبین , الحركة والتي أرجعت إنسان القرن التاسع عشر إلي السیطرة والتحكم -والمذاهب الأدبیة التي أعادت تأكید الأنا والذات عند الشاعر -الحركة الرومانسیة-لحركات والمذاهب الأدبیةا 24ص, 1ط, 1994, دار الأمین, نقد نظریة النقد الأدبي الحدیث: یوسف نور عوض - )1( 17 بین الموضوعیة , أنه تصادم بین العقل والذات, بمنحه التفاؤل بقدرة الإنسان علي صیاغة عالمه یة وهو التعارض الذي زادته رحلة الشك بماد, والذاتیة في تفسیر اللغة وتحدید معنى النص الأدبي عني بها حمودة في كتابه بثنائیة , إلي ظهورا ثنائیة جدیدة) إیمانویل كانط(ومثالیة , )جون لوك( وعالم , أي القول بوجود عالم خارجي یري المنادون بحقیقة أنه مصدر المعرفة" , الخارج والداخل .)1("داخلي یحتوي فقط علي النماذج العلیا للمعرفة الإنسانیة وكشف عن , اب عبد العزیز حمودة نموذج الحداثة في نسختها الأصلیةع, من هذا المنطلق سوي الأنة أراد من خلال ذلك النموذج الحداثي المنتقد أن , فربما یكشف عنها الأمر, سوءاتها ضرورة مراعاة , یوصل للفكر العربي في محاولته لتأسیس منهج الحداثي عربي خاص وما بعد , فالحداثة حداثات وسط الساحة الغربیة ,والاختلاف الثقافي, الخصوصیة الحضاریة ).ومدرسة بیل التفكیكیة, مدرسة دریدا(الحداثة تنقسم بدورها إلي مدارس متنوعة وحتى لا تنوه في المفارقات والمطابقات نثبت أن الحداثة :" في هذا الصدد یقول محمد بنیس بداعا, وفكرا, والمشترك بینها هو أرضیة الغرب, حداثات وهو ما , وهذا المشترك في الغرب , وإ ) 2(".مهما تحكمت الخطابات التقلیدیة , یورطنا جماعیا فیها :الحداثة الغربیة فالحداثة باعتبارها , الحداثة عند الغرب شملت مجالات عدیدة وهذا ما أضفي علیها العالمیة ا علي مجال دون أخر فإلي جا قد موضوع منهجً أو طریقةً في التفكیر لم تكن حكرً نب الأدب والنّ : تماما هذا ما قال به جان بودریار...البحث فقد تبنته السّیاسة والاقتصاد والتّاریخ وعلم الاجتماع ا فقط" ا تاریخیً ا أو مفهومً ا سیاسیً ا أو مفهومً ا سوسیولوجیً .)3("حین اعتبر الحداثة لیست مفهومً .61ص, لي التفكیكالمرایا المحدبة من البنیویة إ: عبد العزیز حمودة- )1( .116ص, حداثة السؤال: محمد بنیس- )2( الھیئة المصریة العامة , )مقاربة حواریة في الأصول المعرفیة (إشكالیة تأصیل الحداثة في الخطاب النّقدي العربي المعاصر: بارة عبد الغني-)3( .15ص, 2005سنة, للكتاب 18 ضوع الحداثة اعتبر صفة بشریة أو كیف و مو , بل یتعدَّي هذا وذلك إلي تخصُّصات أخرى )1("إنّ الحداثة هي بنحو من الأنحاء نزعة إنسانیة" نزعة إنسانیة .وهذا ما یجعلها تتعالي عن كونها لصیقة بتخصّص دون أخر ظف في حقول " قد الأدبي ثم أستمر و وُ مصطلح الحداثة نشأ كما رأینا ضمن حقل النّ التّحلیل النفسي والتّقنیة والألسنیة والاقتصاد واللاّهوت لیشیر معرفیة أخري كالاجتماع والسّیاسة و .)2("إلي فترة زمنیة تاریخیة مرّ بها الغرب ما متجدّدة مستمر , مصطلح الحداثة یصعب تحدیده: هذا عن مجالات أما عنها فنقول ربّ ضوخ ولا یقبل التّجاوز یلغي ذلته إنّ مفهوم الحداثة عائم ملغوم "في الزمن متلفت یأبي الرّ ا بین الارتكاس والانبهار بین ه استطاع أن یخلق فینا ردودّا متناقضة وتوترا نادرً باستمرار بید أنّ فض المبرم .)3("الدّعایة و اللاّمشروطة والرّ إذن الحداثة تنشد التغییر والتّجدید والاستمرار الذي یجعلها تتغلب على كل من یحاول ا واردّا .محدّدحصرها وتقییدها بمعني غم من ذلك یبقي البحث في مفهوم الحداثة أمرً لكن علي الرّ .فماذا قیل بشأنها؟, لاعتبارات أهمها أنّ من الغرب من قام بتعریفها عد إلي :(ورد في المعجم المغربي مایلى: ضبط مصطلح الحداثة عند الغرب- .1.1.1 ).الهامش .124ص, 2006سنة-المغرب- رقإفریقیا ش, ھایدغر وسؤال الحداثة: الشكیر محمد-)1( : نقلا عن, "حركة فكریة عقلانیة علمیة ھدفھا تغیر المفاھیم والمناھج التقلیدیة التي تعالج الفن والأدب وإرساء مفاھیم وقواعد جدیدة: " الحاثة -* .315ص, 2005:سنة1:ط-القاھرة-مؤسسة طیبة للنشر والتوزیع, النقد العربي وأوھام رواد الحداثة, سمیر سعید, حجازي , 2003سنة , 1ط-المغرب-الدار البیضاء-المركز الثقافي العربي, صدي الحداثة وما بعد الحداثة في زمنھا القادم: زیاد رضوان جودت- )2( .19ص . 9ص, ھایدغر وسؤال الحداثة: الشیكر محمد- )3( Modernisme systématique de nouveau le mot est souvent employé par la critique pour s appliquer aux arts a la littérature depuis la fin du siècle cependant il très déficilé de lui donne un sens précis dans la mesure ou c est tout l art contemporation qui se définit par la volonté de trouver de novelle formes expression. -dictionnaire fondamental du français littéraire /Philippe Forest gerard gonion .imprime en France sur presse offset par bordard toupine(2004)p:268. 19 وأنّها كمصطلح ظهر في النقد وشمل الفن الحداثة بمفهومها الغرب تنشد الجدید دائما وبعبارة أصحابه هو مصطلح یصعب علینا أن نُمسك بالمعني فیه , والأدب تحدید في نهایة القرن ).ترجمة للتّعرف الغربي(الأنه یتغیر ویتبدل ویظهر كل مرة بشكل جدید تا بذلك من كل من یحاول الإمساك إذن مفهوم الحداثة یوضع إلي الیوم تحت التّرجیح متفلّ ا لا تكاد تحدد معناه حتى , به وبالتالي السیطرة علیه فبصنیعه هذا یبقي مفهوم الحداثة مستعصیً الحداثة تدخل ضمن المفاهیم المستعصیة على التعریف والتحدید الرافض " یظهر لك بمعني أخر .)1("لكل نمذجة ذلك ما لبث أن شمل مجالات الأنه ك, وهذا ما یجعلها مستقطبا للأنظار محتلاً للصدارة فیصبح بهذا المعنى في التفكیر قبل أن یرحب به أي علم , عدیدة مستولیا بذلك علي العقول .ویوظف ما جاء به فهي تهدف إلي , لكن لا یختلف اثنان في كون الحداثة محاولة لتجاوز كل ما هو تقلیدي .التجدید أحد المسائل التي عملت الحداثة علي , تاریخوبالتالي تنبذ القدیم وراءها معتبرة إیاه من ال .تجاوزها ا یصعب تحدیده یبقي ذلك المفهوم السّاعي إلي الجدة ومواكبة إذن فالحداثة وان كان مفهومً استطاعت أن تمتص كل المشاریع التي , وبفضل هذه الصفة التي میزها, كل ما هو مستحدث تمللك معني محددا وبالتالي فكل ماجد هو جاءت بعدها تحت شعار أن الحداثة إلي الیوم لا الحداثة في النهایة ثورة علي التقلید ورهانا علي التجرید والتخریب "ضمنها إلي حین .)2("والتجدید .17ص, صدي الحداثة ما بعد الحداثة في زمنھا القادم:زیادة رضوان-)1( . 9ص, ھایدغر وسؤال الحداثة: الشیكر محمد-)2( 20 إن هذه المفاهیم التي أعطت لها تجعلنا نتساءل عن السبب أو الظروف التي نشأت في .ظلها ربما هي , الحداثة التاریخ وتسعي إلى تجاوز وتغییبهلماذا تحتقر , لماذا هذا النبذ للماضي- أسئلة تجرُ إلى الحفر في جذور الحداثة وبالضبط في الفترة السابقة لظهورها فماذا یخبرنا التاریخ .عنها :خدور الحداثة الغربیة-2.1.1 مر , عاش العالم الغربي فترة ظلام دامس عرفت بالقرون الوسطي أو العصور الظلامیة الغرب أیامه وأسوئها علي الإطلاق نزل فیها الفكر إلي أسفل الدّركات وعم الجهل نتیجة فیها وعدت المعرفة نوعُا من التطاول ینبغي , سیطرة رجال الكنیسة حیث منعت كأنواع الفكر والوعي .القضاء علیها كان من حق رجال الدین معاقبة أي كان دون أن یكون له الحق في الدفاع عن نفسه حتى هي بالفعل فترة یشهد التاریخ علي أنها سبقت عصر , أنهم حاكموا الموتى وصادروا أملاكهم .النهضة وطبعا , والمثیر للدهشة أن من مهد للنهضة هم رجال الدین أو المتدینین أكثر الناس تعصبا أو بعدما كانوا یؤمنون بالأسطورة, كان هذا شعاع النور الذي توسط دیاجیر الظلام في أوروبا ا لیعم الجهل ا كافیً الأساطیر غالبا تدخل فیها قوى وكائنات " التفكیر الأسطوري وهو ما كان سببً .)1("أقوى وأرفع من البشر تدخل في نطاق الدین فتبدو عندها نظاما شبه متماسك لتفسیر الكون .108ص, 1982سنة, 1ط, باریس,بیروت, منشورات العویدات, ھنري, ترجمة زغیب,المیثولوجیا الیونانیة: غریمال بیار- )1( 21 مهم وكنتیجة منطقیة لتغییب العقل عاش هؤلاء حیاتهم معتمدین على ما تملیه علیهم أوها إن في وسع المخیلة البشریة إفراز هذیان كثیر هي لیست تحت سلطة العقل " وجهلهم .)1("والمنطق كان لظهور العلم والأفكار التنویریة كبیر أثر في تخلیص أوروبا من ظلامها وأول خطوة خطاها هؤلاء هو التخلص من السیطرة الإقطاعیة والعمل علي إثبات مبدأ العدل والمساواة فقد :یقول أرلوند بهذا الصدد, طبقة قاهر وأخرى مقهورة, كان المجتمع أنذاك مقسما إلي طبقات : أقول, من الیسیر أن نري أن نقاط الضعف في حضارتنا إنما ترجع إلي عدم المساواة" هذه الحال قد أدت إلي نتیجتها الطبیعیة والضروریة ففي ظل الشروط الراهنة نحن نضفي طابعا الطبقة العلیا وطابع الابتذال علي الطبقة الوسطي وطابع الوحشیة علي الطبقة الدنیا مادیا علي )2(..."وهذا كله یعني إخفاق حضارتنا كما أصبح العلم الرایة الوحیدة التي أستطاع الغرب من خلالها تجاوز الترهات والخرافات ة التي یحتلها الفرد في التي فرضتها الكنیسة فحجبت من خلالها حقائق كثیرة أهمها المكان أن حاجة الإنسان إلي الفكر والمعرفة :"...یقول أرلوند, المجتمع وقیمته كذات عاقلة تنشد الحریة كلها تتطلب الإحساس بمثیراتها الإحساس بها ...ورغبته في الجمال وغریزته نحو المجتمع شباعها .)3(..."وإ .154ص: المرجع نفسھ- )1( )2(Theses on the philosophy of history in Walter bengamin:in Walter Benjamin: illmiqttion:ed- Arendt (new York schoKen1969)pp:258-261. , 2001سنة, الكویت, عالم المعرفة, عبد القادر فروق: ترجمة) السیاسة والثقافة في زمن اللامبالاة(نھایة الیوتوبیا: نقلا عن جاكوبي راسل .116ص )3(A Liverpool address1882 in matthew arlondafive uncollected essays-ed-k-allott(Liverpool-university of Liverpool)1953.pp/87-88 , 2001سنة, الكویت, عالم المعرفة, عبد القادر فروق: ترجمة) السیاسة والثقافة في زمن اللامبالاة(نھایة الیوتوبیا: نقلا عن جاكوبي راسل .119ص مقدمة لكل المیتافیزیقا متبرع : كانط إیمانویل : نقلا عن"الذھن الخالص أو العقل المجرد المعرفة المیتافیزیقیة معرفة قبلیة أو ھي معرفة نابعة من* .4ص, 1991-الجزائر-موفم للنشر, عمر مھیبل: تقدیم , ترجمة نازلي إسماعیل حسین ومحمد فتحي الشنیطي, میتافیزیقا الأخلاق 22 لحداثة كإعلان عن نهایة المیتافیزیقا كلها كانت بواعث لدخول أوروبا عصر جدید عُرف با رادة الإنسان ككائن عاقل لا تحكمه )* التفسیر الماورائي( وبدایة عصر العلم والتجربة وإ .الأساطیر ولا إرادة الآلهة وأشرف علي تمامها واستفاء , الحادثة الغربیة قد ألت كمشروع میتافیزیقي إلي نهایة" ن تعلو علي ذاته إلي مصاف لأعلي وأیضا حین صارت إمكاناتها حین صارت ماهیة الكانسا المعرفة تمثلا والعلم حضور العالم كصورة موضوعة إزاء الذات وحین صارت التقنیة الكوكبیة .)1("هیمنة علي الأرض واستیلاء علي ماهیة العالم الغربي إذن فالحداثة مرتبطة أشد الارتباط بالمسار التاریخي والظروف التي مر بها العالم یعني أنه لا یمكن فهم معني الحداثة دون العودة إلي , أثناء تجاوزه لفترة العصور الظلامیة ا في ظهورها بمعني أخر فصلها عن الفترة السابقة لمیلادها " الظروف التاریخیة التي كانت سببً .)2("الحداثة نتاج غربي محض ومحصلة لسیاق التطور التاریخي الغربي صورة تجلى من خلالها حلم العالم الغربي في البحث عن عالم مثالي یعید فالحداثة كانت .الاعتبار للإنسان بعد أن أرهقته قوانین الكنیسة الظالمة لها مستجدات حملها القرن تجلى من خلال الثورة الصناعیة والعلم التجریبي والثورة 17كاّ .نسیونالفرنسیة كصورة للوعي والفكر التنویري الذي ناد به الفر جملة من التحولات الجذریة في میدان الثقافة 18-17معلوم أن أوربا شهدت بین القرنین " ومجال العمران البشري والاقتصاد والسیاسة والمعلوم أیضا أن هذه التّحولات الشّاملة بلغت ورة الصّناعیة في إنجلترا والثورة الفرنسیة سنة .) 3("1989ذروتها مع الثّ .139ص, ھایدغر وسؤال الحداثة: الشیكر محمد- )1( .32ص, صدي الحداثة ما بعد الحداثة في زمنھا القادم:انزیادة رضو-)2( .37ص, ھایدغر وسؤال الحداثة: الشیكر محمد-)3( 23 .جریبي والفلسفة العقلیة الدور الكبیر في تجسید معني الحداثةفكان للعلم التّ :العلم التجریبي استطاعت الأفكار العلمیة الدّاعیة , علي الرغم من محاولات الكنیسة في تجمید العقول هایة قلب الموازین كان ذلك إیذانا بانقضاء عصر , للتّحرر من سلطة الكنیسة الانتصار في النّ فأصبح هو من یتحكم في العالم ولیس , وتصدر الإنسان مركز الریادة, بشریةالسّیطرة علي ال .العالم من یتحكم فیه كان العلم هو الباعث علي ذلك فظهرت العلوم الطبیعیة والفیزیائیة استجابة للأفكار التي حین اكتشفت أن الأرض " جاء بها غالیلي وبیكون وجون لوك وهیوم وعلي رأسهم كوبارنیسوس .)1("ثابتت في مركز الكون وهذا ما دحض أفكار أرسطو لیست فأصبح هناك مفهوم للسببیة والیقینیة وكله استدعي , علي العموم استطاع العلم تغییر الفكر وبالتالي التخلص من الأفكار المخیفة التي خلفتها القرون الوسطي عندما , التجربة والملاحظة ا إلیه " لإرادة ما ورائیة أما الآن فكانت تبني العالم علي أساس أنه یخضع ا بات العالم منظورً كعلاقات ریاضیة وكجملة من الظواهر الموضوعیة التي تنتظمها علل وأسباب عقلیة وتحددها .)2("حتمیات فیزیائیة لا دخل فیها لقوي متعالیة دیل لم یكن العلم وحده من أخرج العالم من ظلامه بل كان للفلسفة أیضا دور كبیر في تع .مسار الفكر 146ص, 1996سنة, 1بیروت ط, دار الفكر العربي, الفلسفة والإنسان جدلیة العلاقة بین الإنسان والحضارة: عباس فیصل-)1( .14ص, ھایدغر وسؤال الحداثة: الشیكر محمد-)2( 24 :الفلسفة العقلیة في الواقع لم یكن سوى , إنّ التفكیر الفلسفي الذي اعتمد العقل طریقا للوصول إلي الحقیقة استجابة لما جاءت به الثورة وتأكیدًا لمركزیة الوجود البشري في مقابل ما تدعو إلیه الكنیسة من )1("العقل محل العقیدة والإیمان"أصبحاعتماد الدین كوسیلة وحیدة للوصول إلي الحقیقة ف لا وجود لكائنات أخرى غیر الكائنات العاقلة "...وعلیه ظهر المذهب تحت شعار والموضوعات الأخرى التي نظن أننا ندركها بالعیان لیست إلا تمثلات في الكائنات العاقلة لا یقابلها في الواقع .)2("أي موضوع خارجي أنا (العقلیة دون منازع هو دیكارت باستحداثه للشك المنهجي تحت شعار ولعل رائد الفلسفة رساء ) أفكر أنا موجود من خلال هذه المستجدات أصبح من الممكن تجاوز الأفكار الظلامیة وإ .قواعد لفكر جدید قوامه العقل والتجربة بالشعر والنقد وبناءً علي ذلك كان لابد للأدب أن یستجیب لهذه الثورات الفكریة وأن یتجه في نفس الوقت , اتجاها أخر ینشد في ذلك كسر المألوف واعتماد التغریب وسیلة في الإیضاح قد بالفلسفة بعد حاول الأدباء توظیف ما وصل إلیه العلم والعقل عند الغرب فما لبث أن ارتبط النّ .الوصفيمتمثلا في المنهج , أن انفصلت عنه لبعض الوقت وكذلك كان للعلم حضور واضح وبقناعات هؤلاء أیضا فهي -لما لا-إذن فالحداثة مرتبطة عند الغرب بالفكر والإیدیولوجیة اظر بل تحمل في طیاتها حضارات أمم بأكملها .لیست بریئة كما تبدو للنّ .فما حقیقیة الحداثة العربیة؟, هذا عن الحداثة الغربیة- .43ص, 1996سنة, 1بیروت ط, دار الفكر العربي, الفلسفة والإنسان جدلیة العلاقة بین الإنسان والحضارة: اس فیصلعب-)1( .43ص, ترجمة نازلي إسماعیل حسن ومحمد فتحي الشنیطي, مقبلة متبوع بأسس میتافیزیقا الأخلاق امقدمة لكل میتافیزیق: كانط امانویل -)2( 25 :الحداثة العربیة -1-2 .رز المواضیع التي مازالت إلى الیوم تطرح للنقاش إن نقل للجدلأحد أب, الحداثة العربیة هل توجد حقا حداثة عربیة أم أنه في الحقیقة لا وجود لها؟- ن كانت موجودة حقًا- .أهي أصلیة عربیة أم أنها مجرد دین ندفع ثمنه الیوم بالتبعیة؟,وإ مقارنة بألفاظ أخرى كثیرا وفي الحقیقة لا یمكن ضبط مصطلح الحداثة إلا إذا قمنا بتحدیده .ما یقع الخلط بینها وبینه ألا وهي الجدة والمعاصرة أما الجدة فلا ترتبط بالزمن إذا قد ,فالمعاصرة یرتبط بالعصر فیكون بذلك ذا دلالة زمنیة" أما الحداثة فتعني لغویا إیجاد ما لم یكن موجودًا .یكون الجدید في القدیم كما یكون في الحدیث .)1("ویظلّ هذا حدیثا ما بقي غیر مألوف أي ما بقي في منأي عن فعل العادةمن قبل , بهذا یصبح مفهوم الحداثة مختلفا عن المعاصرة والجدة منفصلاً عن الزّمن متجاوزًا العصر .فكیف یضبطه المعجم العربي؟ :ضبط مصطلح الحداثة العربیة-1-2-1 :مایلي) حدث (ورد في المعجم الوسیط في مادة .)2("سنّ الشّباب في مادة بحداثته بأوله وابتدائه: الحداثة" فیتضح أن الحداثة تأبي أن تمثل بدایات الأمور وهذا لتحافظ على نظارتها فلا تقبل .التجاوز .15ص, 1991سنة, 1ط, لبنان, بیروت, دار الحرف العربي, الحداثة في النقد العربي المعاصر: المجیدزراقط عبد :ینظر -)1( . 160ص, 1392/1972سنة, 2ط, 1ج, مصر, دار المعارف, المجمع الوسیط: مجمع اللغة العربیة -)2( 26 إن الحداثة كمفهوم یشغل حیز التعدد والاختلاق إن لم نقل الغموض والخلط عند العرب فنجده یحمل معاني عدیدة یحددها المجال الذي نود , ما نقولوما جاء به علي لسانهم دلیل على فكلمة الحداثة تجري مجري الدال المتعدد الوجهات طبق تعدد صوره : معرفة معني الحداثة فیه .)1("اللغویة القائمة في أذهان المستعملین ا نعجز عن تجدید المجالات التي غزتها الحداثة لكثرتها فعلي الأقل یمكن أ ن كنّ ن نعطي وإ فعلمیا تعني الحداثة إعادة النظر "أمثلة توضح بأن الحداثة تلبس معني جدیدا كلما تغیر المجال المستمر في معرفة الطبیعة للسیطرة علیها وتعمیق هذه المعرفة وتحسینها باطّراد ثوریا تعني البني الحداثة نشوء حركات ونظریات وأفكار جدیدة ومؤسسات وأنظمة جدیدة تؤدي إلي زوال فنیا تعني الحداثة تساؤلا جذریا یستكشف اللغة الشعریة . التقلیدیة في المجتمع وقیام بني جدید وافتتاح أفاق تجریبیة جدیدة في الممارسة وشرط هذا كله صدوره عن نظرة شخصیة فریدة .)2"(للإنسان والكون ي نقطة ربما تكون وان اختلف مفهوم الحداثة من مجال إلي أخر یبقي في الأخیر یجتمع ف هي الأساس أو البؤرة التي تقوم علیها الحداثة ألا وهي مفهوم التجاوز ورفض التقلید وكل ما هو .)3("الحداثة سمة للأقوال والأشیاء غیر المعروفة من قبل و بها المعني لكل عصر حداثته" قدیم یر تنصیب اللغة بعدولها وفي النقد كان ارتباطها باللغة یوحي لنا بأن الحداثة هي حركة تغی عن المعیار المألوف وكسرها للنظم الرتیبة التي تحكمها وكأنها تصنع لنا لغة تتعمد الخطأ بغیة .الوصول إلي التفرد والتمیز .7ص, 1983سنة , 1ط, بیروت, دار الطلیعة للنشر, )مع دلیل بلیوغرافي(, النقد والحداثة: المسدي عبد السلام-)1( .32-31ص, 1993, سنة, ط الأصلیة, تونس, )1002(دار سراس للنشر, البیانات: الیوسفي محمد لطفي-)2( .96ص, 1993سنة , 1ط, بیروت, دار الأدب, النص القرأني وأفاق الكتابة: أدونیس -)3( 27 إذن هي الممارسة التي توحي بالعدول عن النمط السائد والمعیار المطرد فیتجه صوب " ى أن یستقر في التنظیر حین یؤسس قواعد الحداثة المواصفة لتفسیر هذا التجاوز والانزیاح إل د .)1("باعتباره تجدید للرؤیة وتغییر للمطرّ وكأن هذه المفاهیم توحي بتشابه كبیر بین الحداثة الغربیة وحداثتنا الیوم فهل هذا یعني أن .لنعرف ذلك لابد من البحث في جذور الحداثة العربیة, للحداثتین نفس المنابع الحداثة العربیة جذور -1-2-2 ا من البحث عنه عند الغرب فیري , یبدو أنّ البحث في جذور الحداثة العربیة أوغل قدمً قاد أنّ الحداثة تعود إلي القرن بدأت بوادر اتّجاه شعري جدید تمثل في " أي أنها, للهجرة 7النّ وأبن المعتز والشریف بشار بن برد ابن هرمة و العتابي وأبي نواس ومسلم بن الولید وأبي تمام .)2("الرضي و آخرون *.و إمتدات بعده إلى طه حسین وجماعة الدیوان وأبولو والمهجر ا بدلها المقدمة فكان أبو نواس أول من هدم نظام القصیدة وأطاح بالمقدمة الطللیة واضعً عماله لقیت الخمریة وكذلك فعل أبو تمام برفضه للقدیم وسعیه وراء التجدید وعلى الرغم من أن أ فكان شع أبي تمام على الأخص " أكثر رواجًا فقد كانت أكثرها رفضا من طرف أنصار القدیم .)3("الثورة الأكثر جذریة علي صعید اللغة الشعریة بالمعني الجمالي الخالص .11ص, النقد والحداثة: المسدي عبد السلام-)1( .27ص, 1993سنة , 1ط, بیروت, دار الأداب, ص القرأني وأفاق الكتابةالن: أدونیس- )2( .1929التي تكونت من الشعراء النقاد محمود عباس العقاد وعبد الرحمن شكري وإبراھیم المازني وأصدرت أول نتاجھا في : جماعة الدیوان * .35-32ص, الحداثة في النقد العربي المعاصر, د المجیدعب. زراقط: نقلا عن , 1935واستمرت حتى عام 1932تأسست عام: حركة أبولو- لیبیا - نحو نقد أدبي معاصر الدار العربیة للكتاب, عیسى, الناعوري: ینظر, )جیران(تجسدت من خلال الرابطة القلمیة ورائدھا : المدرسة المھجریة .3ص , 1981تونس سنة – .19ص. بیروت, دار العودة, صدمة الحداثة) داع عند العرببحث في الإتباع والإب( الثابت والمتحول : أدونیس- )3( 28 فسعى من خلال أعماله إلي إرساء مبادئ الإبداع و الفرادة متجاوزًا بذلك ما استحدثه أبو .خلال مقدمته الخمریة فقیل عنهنواس من هكذا اتخذت الحداثة عند أبي تمام بعد أخر هو ما یمكن أن نسمیه بعد الخلق لا على " مثال فهو لم یهدف المطابقة بین الحیاة والشعر بل هدف إلي خلق عالم أخر یتجاوز العالم .)1("یه مسلكا خاصًا لقد اشتركا في رفض تقلید القدیم لكن كلا منهما سلك في إبداع, الواقعي هذا في مجال الشعر أما في مجال النقد فالحداثة العربیة أقرب إلینا منها في الشعر فیؤكد الدارسون أنها بدأت مع طه حسین كفكرة رأي من خلالها أنه إذا أردنا أن نتفوق أو أن نلحق نرى ما وصله هؤلاء من ركب الحضارة علینا أولاً أن نمدّ بأبصارنا خلف أي إلي بلاد الغرب وأن .تطور وتقدم وعلینا أن نقلدهم ونرسم علي منوالهم فقیل عن مذهبه یذهب طه حسین إلى أن وسائل هذا الاستقلال العقلي والنفسي لا یكون إلا بالاستقلال " العلمي والأدبي والفني ویقتضي ذلك بالضرورة أن نتعلم كما یتعلم الأوروبي لنشعر كما یشعر نحكم كما یحكم الأوروبي ثم لنعمل كما یعمل الأوروبي ونصرف الحیاة كما الأوروبي و .)2("یصرفها ربما كان الدافع الأول في محاولة التغییر سواء تعلق بالشعر أو النقد یعود إلي مقتضیات حاولوا مسایرة لروح " العصر وتغیر الحیاة وبالتالي تغیر الكیفیة التي نري بها الأشیاء لقد مجاراة للحیاة الجدیدة لأنهم وجدوا المجال ضیقا علیهم والأبواب موصدة في وجوههم العصر و .)3("وأینما ولوا وجوههم ونحو الابتكار وجدوا القدماء عبدوا الطریق وأوضحوا المعالم .20ص, المرجع نفسھ- )1( , 1977الھیئة المصریة العامة للكتاب سنة , طھ حسین وزوال المجتمع التقلیدي, عبد العزیز, شرف: ننقلا ع, 50ص: مستقبل الثقافة -)2( .146ص .11ص, 1982سنة , دار المعرفة القاھرة, ي صنعة أبي تمامالخصومات البلاغیة والنقدیة ف: لا شین عبد الفتاح-)3( 29 فقامت بذلك الحداثة العربیة تخطو خطوة إلي الأمام و الاخري إلي الوراء بین مؤید للتجدید .لفكرةومعارض لهذه ا وبناءً علي ما تقدم هل هناك وجه شبه بین الحداثة كمفهوم معاصر عن الغرب وبینها عند .العرب؟ هي –عامة -أن مختلف الاتجاهات في نقدنا الحدیث والمعاصر:" یري محمود أمین العالم أصداء لتیارات نقدیة أروبیة وبالتالي فهي أصداء كذلك لما وراء هذه التیارات من مفاهیم یدیولوجیة .)1("إبستمولوجیة وإ أن الحداثة في المجتمع العربي لا تزال شیئا محلوبا من الخارج إنها حداثة :" ویري أدونیس ولا تتبني العقل أو المنهج الذي أحدثه فالحداثة موقف ونظرة قبل أن تكون , تتبني الشئ المحدث .)2(نتاجاً و أدونیس كنموذج للمتأخرین أن الحداثة إذن فیرى محمود أمین العالم كممثل للمتقدمین تدخل ضمن الأشیاء المجلوبة من الغرب وكذلك نعتقد نحن وصلنا عنها یوحي لنا بأنها غریبة فكلمتي حدیث وحداثة استعارة من الأخر " عنا وان عربت لفظا تبقي كمعني بعیدة عن قناعاتنا .)3("الأجنبي شأن كلمات وأشیاء وكلمات وأشیاء أخري كثیرة وهو ما قضي بموتها , فكانت استجابة لها, فحداثة العرب حداثة ارتبطت بالحیاة الراهنة وهي في مهدها أو بعبارة أخري فهي لم تنشاء نتیجة فكر معین أو فلسفة بل كانت تجدیدًا لذلك لا یمكن الحدث عن حداثة عربیة وبالتالي فحداثتنا , اقتضاه عدم جدوى الوسائل التقلیدیة وحاولنا أن نؤقلمها مع مناخنا الفكري وهذا هو سبب , )الغرب ( م غریبة تلقیناها من الأخر الیو نقلا , 100- 75ص, الجذور المعرفیة والفلسفیة الأدبي العربي الحدیث والمعاصر ضمن كتاب الفلسفة العربي المعاصر: العالم محمود أمین -)1( .141ص, )الأصول المعرفیة مقاربة حواریة في(إشكالیة تأصیل الخطاب النقدي العربي المعاصر : عبد الغني: عن .84ص, 1985سنة , 1ط, بیروت, دار الآداب ) 1984باریس أیار , محاضرات ألقیت في الكولردج دو فرناس(الشعریة العربیة: أدونیس-)2( .103ص, النص القرآني وأفاق الكتابة: أدونیس-)3( 30 ن ادعي بعضهم أنه أصبح ملكا لنا لكنه في الحقیقة لا یمكن عدم وضوح المصطلح وغموضه وإ لا یمكن الربط بین " أن یفرغ مما یحمله من فكر وثقافة وحضارة وفلسفة وكانت سببا في ظهوره العربي والنقد الغربي في إطار التصویر القائم علي اعتبار النقد علما یجوز تطبیقه علي النقد )1("الظواهر الأدبیة كافة في مختلف البیئات الحضاریة هو السبب الذي زاد من الهوة بین الحداثة العربیة كمفهوم معاصر وبینه كأصول وجذور منته فهو لم یعد یفرض مستجدات بل أصبح یتربع عرش الریادة من هی-وهذا ما جعل من الغرب .یغیر ثوابت أیضا .250ص, النقد العربي وأوھام رواد الحداثة: حجازي سمیر سعید-)1( 31 الفصل الأول أصول الحداثة .1 تجليات الحداثة في النقد .2 صورة الحداثة في النقد .3 النظرية البنيوية .4 النظرية السيميائية .5 نظرية التلقي والتأويل .6 النظرية التفكيكية .7 32 :أصول الحداثة كیف و أین أسئلة اختلف حولها مؤرخو الحداثة، فبعضهم أرجع الحداثة متى بدأت الحداثة؟ إلى العهد الروماني، و الیوناني و ذلك مع بدایة الأفكار المثالیة، و المادیة، و قالوا هناك ظهرت ملامح الحداثة و بدأت تظهر و تختفي إلى أن ظهرت بصورتها الفلسفیة المتكاملة في القرن :لت صورتها النهائیة مع بدایة القرن العشرینالتاسع عشر و استكم تعد الحداثة غربیة التصور و التحقیق لفعلها صفة الشمول بدءا من " یقول محمد بنیس أبسط المنتوجات حتى سمات الحساسیة، فإن الغرب لم یتوقف منذ اللحظات الأولى یحاكمها أو انطلقت فترة : " في ذلك یقول جمال مجیدو بعضهم یعتبر أن بدایة الحداثة في فرنسا و ،1"یبدلها الحداثة و الحق یقال من رحم الثورة الفرنسیة التي ركزت بالرغم من فترتها الیعقوبیة الدمویة على سیادة العقل و التعقل و العقلانیة و اللغویین، و هي مقولات انتشرت في عصر الأنوار السیاسي المطلق، و إعلان حقوق إلغاء الحكم(الأوروبي،و اسلت بمجموعة من المفاهیم .الإنسان، و حریة الفرد، وفصل الدین من الدولة و النهضة و الإصلاح، و ترسیخ دولة القانون، إطلاق المجتمع ) العلمانیة أو الدّینویة( المدني، دیمقراطیة الثقافة و العلوم و المجتمع و ترسیخ روح المواطنة، مع ما تحمل من واجبات تحدیث -الذي نادى به جان جاك روسو خاصة-كیز على العقد الإجتماعي و حقوق، و تر 2.المجمع، ة تنویره و إقامة توازن یبن الروح و الجسد و منه فإن أصل الحداثة كما تشیر المصادر الغربیة، أنها حركة نقدیة مناهضة كتقالید امن عفوي في كل من الكنیسة الرومانیة الكاثولیكیة و الإقطاع، و نشأت الحركة بشكل متز ایطالیا و فرنسا و ألمانیا و بریطانیا و الولایات المتحدة الأمریكیة انطلاقا من وقائع و أحداث من ثورات و حروب أو اكتشافات و انتصارات حملت الدلالات التاریخیة للحداثة و كانت المعیار في 109، ص 2، ط 1998المركز الثقافي العربي، : حداثة السؤال بخصوص الحداثة العربیة في الشعر و الثقافة: محمد بنیس 1 12، ص 2005خطاب الحداثة في الأدب مرجعیة الأدب الحداثي، دار الفكر، دمشق، : جمال شحید، ولید قصاب 2 33 لمعطیات التاریخیة، فإنها تحدید صفة الحدیث، و كما نشأت هذه الحركة في ضوء مجموعة من ا كانت أیضا ولیدة معطیات و خلفیات فلسفیة منذ العهد الروماني أین ظهرت ملامحها كما أشرنا .قبل بضعة أسطر لقد مزقت الحداثة العالم المقدس الذي كان إلهیا و طبیعیا في آن و كان مخلوقا و شفافا .أمام العقل ة الإلهیة أو العقل أو التاریخ و حلت محله العقلانیة أطاحت الحداثة بوحدة عالم خلقته الإراد حیث لا حداثة بلا ترشید بلا تشكیل للذات في العالم، ذاتا تشیر أنها مسؤولة 1"و تحدید الذات 2" أمام نفسها و أمام المجتمع إذن وفق مبدأ الذاتیة أو الفردانیة و بالتركیز على فكر مركزیة الإنسان وصولا إلى الأنا " فنجد أنه على عتبة الحداثة تربع قول دیكارت " و العقلانیة قامت معالم الحداثة الفلسفیة الحرة 3"أنا أفكر أنا موجود و العقل ، لأن الحداثة ترتبط بالعقلانیة في شكل تلازم " أو الذات" مركزا فكره على الأنا و 4"یتصور ماكس فیبرواضح، كما تقترن في نمط تكوینها و في نمط عملها بالعقل أساسا كما الوصول إلى 5"هو أیضا ما یؤكده آلان تورین في أكثر من موضوع أن الحداثة في عقله هي كینونة الإنسان و وعیه ثم اكتساب تلك الأناصفة الحریة، لكن هذه المرة مع كانط الذي رأى أن أنا " و ذلك بما " نفسيأشرع ل" و " أنا أفعل" و إنما هو " أنا أفكر" كنة الأنا الحقیقي لیس هو 6"كائن حر 22، ص 1997للثقافة نقد الحداثة، أمور مغیث، المجلس الأعلى: آلان تورین 1 .270نفسه ص 2 375، ص 1،ط 2008نقد الحداثة في ذكرها یدغر، الشبكة العربیة للنشر بیروت، : محمد الشیخ 3 .376نفسه ص 4 127جمال شحید ولید قصاب، خطاب الحداثة في الأدب ص 5 376الحداثة في ذكرها یدغر ص : محمد الشیخ 6 34 1"ثم جاء نتشیه فأكسب الأنا القوة و صیر الكون بأكمله ذاتا طالبة للقوة انطلاقا من فكره الفلسفي اللاهوتي القائم على موت الإله لیسلم بذلك الإرادة و القوة كلها سفیة بالعقلانیة و فیلسوف الإنسان الأعلى لما تتحد الحداثة الفل" للإنسان و یصبح هو بدوره الذات فهي تبدأ مع انبثاق الذاتیة، أي مع الاعتقاد بأنه انطلاقا من الإنسان یمكن أن یكون في 2" العالم معنى و حقیقة إن الحداثة التي عایشتها أوروبا قرنین من الزمان لم تكون بین یوم و لیلة ذلك لأنها حالة و بالنسبة ) المفكر( حضاریة جدلیة صنعتها ظروف موضوعیة متفاعلة مع الشرط الذاتي 3"للأولى فلقد صنعتها المعایشة التاریخیة لمراحل النهضة و الإصلاح الدیني، فالتنویر فالعقلانیة كما نجد من جهة أخرى مبدأ آخر یتقاطع مع مبدأ الحداثة السابقة المتمثلة في الذاتیة و التنویر و العقلانیة، نجد مبدأ العلمانیة المصطلح الذي ترجم عن الكلمة الإنجلیزیة securapisrn و العلمانیة هي جزء من النزعة الإنسانیة، لأنها نزعة دنیویة في تدبیر العالم من 4"دون تدخل من الخارج، فالعلمانیة هي جعل المرجعیة في تدبیر العالم إنسانیة خالصة داخله :تجلیات الحداثة في النقد :صورة النقد قبل الحداثة )1 الشعر هو الحیاة، هو الشعار الذي رفعه الشاعر من أجل تثبیت حقیقة مفادها أن الشعر .العصرصورة عن الواقع و هو الناقل الأمین لكل مستجدات لعب الشعر لزمن طویل دور المؤرخ للأحداث التاریخیة و الشاهد الوحید على أمور كان .یمكن أن تطوى صفحاتها دون أن تخلف دلیلا واحدا على وجودها .377المرجع نفسه ص 1 200، ص 1، ط 2010نتشیه و جذورها ما بعد الحداثة : احمد الحلیم عطیة 2 114ص 2003حداثتنا المحاصرة، الهیئة العامة لقصور الثقافة، : مهدي بندق 3 23، ص 2، ط 2004معركة المصطلحات بین العرب و الإسلام نهضة مصر : محمد عمارة 4 35 فأصبح الشعر وسیلة كل العلوم لأنه یهدف لذاته بل كان یقدم نفسه من أجل خدمة نبیلة ...لصالح المجتمع أو التاریخ الظروف التي كانت تنسج من أجلها القصائد التعامل معه على أساسها فبعد فاقتضت انتشار النقد الانطباعي و الذي كان یكتفي بإطلاق الأحكام سواء بالجودة أو الرداءة، و كان قاد هذا المفهوم، و لكن لیس كثیرا، فمن الاحتكام في ذلك لقانون الذوق و السّلیقة تجاوز النّ إلى الاهتمام بالمضمون و أبعاد المواضیع، فنشأت المناهج النقدیة الحدیثة و الاهتمام بالشكل .و أخیرا وهم المنهج التكاملي... التي شملت المنهج التاریخي و الاجتماعي و الواقعي بسط المؤلف سلطته على الساحة النقدیة حینا من الدهر و نتیجة لهذه السلطة توجهت " من .. قط، بوصفه وثیقة تاریخیة أو نفسیة و اجتماعیة أو غیرهاالأنظار إلى دراسة النص ف خلال السیاق الذي أبدع النص في أجوائه، مما أدى إلى نشأة منظومة المناهج السیاقیة التي تشمل العدید من المناهج النقدیة المعروفة مثل المنهج التاریخي، و المنهج النفسي و المنهج 1" الاجتماعي إلى مقاربة النصوص اعتمادا على توجهات إیدیولوجیة و هو ما زاد من سعت هذه المناهج التزامات الشاعر، فكان لابد علیه و لكي یحفل به في میدان الأدب أن یوصل رسالة معینة و أن .یلتزم بمحال أو أكثر، فأصبح الشاعر مقیدا أكثر من قبل ثقلت كاهل الشاعر و قللت من و بالمقابل زادت الرغبة في التخلص من هذه القیود التي أ :أهمیة تجربته الوجدانیة فظهر من یشترط في الحكم النقدي أن 21، ص 2006، سنة 1ط -عمان -بي القدیم، دار الشروق قضیة التلقي في النقد العر : لبریكي فاطمة 1 36 ولا عن موقف مدرسي یضیق أفقه، و : لا یصدر عن موقف إیدیولوجي مسبق یتحكم به" إنما یحاول أن یقرأ النص بذاته، و یقدم هذه القراءة باعتبارها لیست إلا احتمالات عدیدة، إنه إذن 1"دم مجموعة من الأحكام القاطعة و إنما یكشف في النص عن نظام مترابط من الدلالاتلا یق تعالت صیحات النقاد و هي تندد بضرورة ابتعاد الشعر عن الصورة التي هو علیها، فلا یكون وثیقة لخدمة باقي العلوم، و على الرغم من هذا ظل النقد العربي حبیس هذه المناهج كان السبق للغرب -كالعادة -جاء من یحرر الشعر من هذه الوظیفة التقلیدیة و التقلیدیة إلى أن في تعدیل مسار الشعر، فمن الاهتمام بالمضمون إلى الاهتمام بالشكل و تقدیس اللغة على .حساب العوامل الخارجیة بالمفهوم السویسري ر النقدیة یتمثل في شهدت السنوات المبكرة من القرن العشرین تحولا جذریا في المعایی" ؟ إلى كیف یقول النص ما یقول؟ كان ذلك جوهر التحول الذي جسدته الشكلیة )ماذا(التحول من 2."الروسیة منذ منتصف العقد الثاني حتى نهایة العقد الثالث تقریبا من القرن العشرین وصول إلى كان الحدیث في البدء عن الشعر، لأنه المادة التي یبذل النقد جهده من أجل ال الدلالة فیها، و لأن الشعر كما وصل البحث سابقا استجاب إل عوامل غیرت وجهته و ألبسته عن عجزه في مواجهة هذا التیار ) القدیم( حلة جدید تختلف عن سابقتها، أعلن النقد التقلیدي .القوي الذي ما لبث أن أخضع لسلطته و جرف كل ما وجده أمامه ت تتصدى للقارئ بإمكانات جمالیة خارقة، تجبره على تغییر طرق فالحداثة الشعریة أصبح .تعامله معها 297 ص الشعر، زمن): سعید أحمد علي( أدونیس 1 23 ص ،2003 سنة - الكویت - السیاسة مطابع ،)النص سلطة في دراسة' التیھ من الخروج: العزیز عبد حمودة، 2 37 فالانطباعیة لیست منهجا بل عملیة تذوق ذاتیة محضة تتجلى في استجابة لا واعیة قائمة " على التفضیل المبهم، و الاستجابة اللاواعیة للنص لا تفرز وعیا نقدیا منهجیا بالضرورة فیكون 1.."عي نصا آخر یمثل طبقة ذاتیة عازلةأو ینشئ الانطبا إذن فالحداثة لا تقابله سوى الحداثة و كذلك حدث مع النقد إذ أصبح الناقد قارئا منتجا بعد .ما كان مستهلكا، فالنقد القدیم قید الناقد أیضا، و منع حریته، كما حدث مع الشاعر تماما لمقارب و تتفق مع مستجداته تاركة الحداثة في النقد فرضت مناهج و آلیات تناسب النص ا .المناهج التقلیدیة خلفها بما یتناسب و عمود الشعر فلم یعد النقد تابعا للشعر، و رفض إلا أن یكون مشاركا في إنتاج العمل الإبداعي، ة تخلى النقد عن إطلاق الأحكام التي لا تغني عن النص شیئا، لیصبح مبدعا بطریقته الخاصة صانعا ي یعادل أو یفوق العمل الإبداعي، و كان هذا نتیجة إعادة الاعتبار إلى الركن الثالث لنص مواز .في عملیة الإبداع الناقد من النص الأول نصا آخر دون أن یسمح للنص الإبداعي بفرض / فیصنع القارئ ته سلطته علیه، فالخطاب النقدي أضحى بدوره عملا إبداعیا یستعرض الناقد فیه إمكاناته و آلیا .النقدیة لیصبح مقصودا لذاته قد كانت النتیجة المنطقیة للقول بإبداعیة النقد تبني منهج كتابة نقدیة تتعمد لفت انتباه " القارئ إلى النص النقدي الجدید في ذاته و لذاته أي تحقیق استغراق القارئ في النص النقدي 2."في المقام الأولبعیدا عن القصة التي كانت نقطة انطلاق القراءة النقدیة و أصبح الخطاب النقدي كتابة ثانیة تحتاج إلى قارئ آخر لفك رموزها بمعزل عن النص ).الإبداعي( الأول 14 ص القدیم، العربي النقد في التلقي قضیة: فاطمة البریكي 1 43ص ) دراسة في سلطة النص( الخروج من التیه، : حمودة عبد العزیز 2 38 إن النقد العربي الحدیث في مقارباته النقدیة، حاول النفاذ إلى عمق التجربة الشعریة " مكننا أن نقرأ هذا الخطاب الحدیثة و خلق خطابا نقدیا، متأسّسا من الخطاب الأول و بهذا ی 1"النقدي بوصفه لغة ثانیة و كتابة على كتابة هو إذن الخطاب النقدي الحداثي بوصفه ابتعادا عن إطلاق الأحكام المعیاریة و داعیا إلى قراءة ترفض الوصول إلى النتائج و تهدف دائما إلى صنع نصوص أخرى كي تستمر عملیة هي الطریقة الأنجع لتثبیت مفهوم النسبیة و أن الحقیقة لا التفاعل بین النصوص و القراء و .تكون إلا قسمة بین القراء و المبدعین و كنتیجة منطقیة لهذه الرؤى الجدیدة أصبحت كتابة النص الأدبي لا تعني نهایته بقدر ما تدرك تعني البدایة، و هذا یعود لطبیعة المعنى و الذي تأبى لغته أن تفصح عن دلالة ما لأنها .أن إمساك المعنى یعني قتلا للنص و لهذا فهي تراوغ لتحافظ دائما على بقائها الكتابة نفي لكل سلطة، و بهذا المعنى لا یبدأ النص لینتهي، و لكنه ینتهي لیبدأ و من ثم " 2".یتجلى النص فعلا خلاقا دائم البحث عن سؤاله و انفتاحه، تواقا إلى اللانهائي و اللاّمحدود ذا طبعا ما نادت به الحداثة، فلكي تبقي على نظارتها تجدد نفسها في كل حین فتكون و ه لأن المعني الذي یحصل علیه القارئ لیس سوى حقیقة في . كبحر كلما اغترفت منه عاد و امتلأ نظره هو و بآلیاته هو، لهذا اعتبر الخطاب النقدي نصا ثانیا قد یتفق مع النص الأول بقدر ما و هكذا یكون من :" ه، فتكون القراءة طرحا لأفكار قد لا توجد في النص الأول مطلقا یختلف عن 7ص ،2006 سنة ،1ط - الجزائر - الاختلاف، منشورات المعاصر، العربي النقد في الحدیثة القصیدة: مشري خلیفة بن 1 .237 ص،2006 سنة ،1ط -الجزائر - الاختلاف، منشورات المعاصر، العربي النقد في الحدیثة القصیدة: مشري خلیفة بن 2 39 الصفات الجامعة المانعة للنصوص الأدبیة أنها تنتج شیئا ما، في الوقت الذي لا تكون هي .1"نفسها ذلك الشيء و لعل السبب الذي جعل المعنى مختلفا بین المبدع و المتلقي، هو إدراجه في المرتبة .الثانیة بعد الاهتمام بالشكل و الطریقة التي یصنع بها المبدع عمله الإبداعي فالبحث عن الجمالیة و السعي وراء تحدید مواضعها في النص من شأنه أن یلفت الانتباه .عنها صاحب الإبداع نفسهإلى مواضیع أخرى قد یغفل إن الفرق بین القصیدة القدیمة و المعاصرة یكمن في أن الأولى كانت تطرح النص مرفوقا بمعناه لأنها تصوغه بطریقة هدفها منها التوضیح و تطویع النص لیسهل استهلاكه، أما النص .هامالحداثي فیغیب المعنى و یجعله صعب المنال و وسیلته في ذلك الغموض و الإب إن النص الحدیث نص معرفي یقاوم في أنساقه اختزان معنى ما سطحیا أم عمیقا فهو " نص حواري قائم على التعددیة في المعنى تشكیلا و تلقیا و إن تحلیل النص نشاط نقدي یستند ، إلى مفاهیم نظریة متنوعة و قواعد إجرائیة تهدف إلى تنوع الركیزة المنهجیة التي یتبناها المحلل و هو یؤمن بالتعددیة و الانفتاح على ما یجد من سیمیاء النقد المعاصر من تحولات علامیة و 2." أنساق جدیدة فابتعد المعنى شیئا فشیئا عن الواقع و دخل في عالم الخیال موسعا من دائرة معناه، ...لیستوعب الماضي و الحاضر و المستقبل و المعاني السطحیة الواضحة و دخل عالم السؤال تجاوز الشعر مفهوم الثبات و الاستقرار و تعدد الإجابات، و هذا ما اقتضى للتعامل معه مناهج تراعي فیه هذه الصفات و تعمل على -فاس-حمید الحمداني و الجلالي الكدیة، منشورات الاختلاف : ، ترجمة و تقدیم)نظریة جمالیة التجاوب في الأدب( فعل القراءة : ایزر فولفغانغ 1 19، ص 1995سنة 54، ص 2001، 1ط -المغربالدار البیضاء -نظریة التلقي، أصول و تطبیقات، المركز الثقافي العربي : صالح بشرى موسى 2 40 البحث في ما وراء النص و بعبارة أخرى في دهالیز النص و مناطقه المغیبة، التي لا تفصح ه، فتصبح القصیدة عالما قائما بذاته بعد أن بسهولة عن المعنى، بل تتمتع بتعب القارئ و معانات و رفضت أن یكون قد شارك في وجودها عامل آخر غیر ) مؤلفها( تنكرت لأقرب الناس إلیها .لغتها ناقد فضولي مثابر لا یستسلم بسهولة، صادق في / القصیدة الجدیدة تبحث عن قارئ .التعامل معها و لهذا كان فیها صاحب الإبداع یحتل المركز الأول في تغیر النقد بمرور الزمن، من مرحلة الاهتمام، فتعتمد العملیة النقدیة على كشف كل ما یتصل بالمبدع و تتخذه وسیلة في مقاربة .نصه إن الناقد یدرك أن القصیدة لا یمكن أن تستقیم بمعنى معین إلا إذا قام بجرد مفصل لكل ما ف المصاحبة لقول الشعر ذات أهمیة كبرى لدى یتعلق بصاحبها و إلى جانب هذا، كانت الظرو الناقد، كونها الملهم الوحید لهذه العملیة، فالمناهج التقلیدیة تجعل من مناسبة النص دلیلا كافیا .لتحمل العمل الأدبي معنا معینا و تحول الاهتمام بعد ذلك من المبدع و ظروفه الخارجیة إلى الاهتمام بالنص في ذاته و بة لما نادت به البنیویة كأولى محطات الحداثة النقدیة، و یتراجع النص بدوره فاتحا لذاته استجا نظریة سیمیائیة، و ( الناقد، و كان ذلك مع ثاني محطات الحداثة من / المجال أمام سلطة القارئ فكیف جسدت هذه النظریات مفهوم الحداثة ...). نظریة التلقي و التأویل و إستراتیجیة التفكیك، النقد؟ في :1صورة الحداثة في النّقد )2 .55نظریة التلقي، أصول وتطبیقات ص : صالح بشرى موسى 1 41 ا یلغي مباشرة العلاقة التي كانت ا أو نثرً إنّ الإعلان عن میلاد النص الأدبي سواء كان شعرً تاج .تربطه بمبدعه لیستقیم كیانا مستقلا في مواجهة القارئ، الحاضن الأول لهذا النّ ا مفتوحًا متقبلاً للعدید من و لأن النّظرة الحداثیة للنّص تأبى إلا أن تجعل منه عالمً غة كائن القراءات التي تسعى إلى الإمساك أو الكشف عن المعنى الخفيّ في النص، و لأن اللّ ع المعنى و یأبى المدلول الارتباط بأي دال یعیق حریته بات و التّدلال یضیّ .یرفض الثّ له یعود الفضل كانت القصیدة القدیمة حاملة لمعنى معیّن كونها تظل مرتبطة بمؤلفها و غة في الإفصاح أو البوح بمعناها، انطلاقا من ظروف كتابتها المختلفة، أما القصیدة الحداثیة فاللّ ا منها أنه في مواجهتها سیتخلى ألغت المؤلف و استبدت برأیها كما أعلنت عن وجود قارئ علمً ا لنص آخر أو نصوص لا نهائیة، عن وظیفته التّقلیدیة و هي الاستهلاك لیصبح منتجًا صانعً ا بإمكانه أن یساهم في ا مثقفً ما أصبح یتطلب قارئً یعني أنّ الحداثة لم یعد ینتج قصد المتعة و إنّ .إضافة معان جدیدة بات و الاستقرار و تسعى إلى الاستمرار شأنها في ذلك شأن غة بهذا المفهوم تأبى الثّ فاللّ .1الحداثة لا تكاد تبدو حتى تختفي ا ر بصور مختلفة قصد تضلیل القارئ، أما هو و أثناء أمّ ُ ظْه المعنى فیحاول جاهدًا التَمَ محاولته البحث عن طریقة یكشف من خلالها عن مجاهیله، هو یبدع نصوصا أخرى و معاني .جدیدة تكون هي الأخرى بحاجة إلى الكشف فتتسع دائرة المعنى لیصبح معاني قدیة المعاصرةو قد تجسدت هذه الأفكار من خلال ا .لمناهج النّ :النظریة البنیویة -1)2 ها قد من خلالها مجالا أرحب، لأنّ البنیویة أولى محطات الحداثة و البوابة التي دخل النّ ا و تأسیسًا على خلاف النّظریات التي جاءت قبلها .النّظریة الأولى التي اكتملت بناءً .58صالح بشرى موسى، نظریة التلقي، ص 1 42 ا یربط اللسانیات سوسیرحاولت البنیویة كوریث شرعي للسانیات غة(أن تقیم جسرً ) علم اللّ غة بعدما كان بالأدب و هو الأمر الذي عدّل طریقة مقاربة النّصوص و لفت الانتباه إلى اللّ اقیة با أو مهمشا من طرف المناهج السیّ .مغیّ فاعتبر النّص من خلال ما جاءت به هذه النّظریة بنیة مغلقة لا تحیل إلا معجمها الدّاخلي غة و ها دراسة اللّ سانیات و قال بأنّ ذلك انطلاقا من مقولة سوسیر عندما تحدّث عن موضوع اللّ نائیات التي طرحها سوسیر هي المبادئ التي قامت علیها النّظریة في ذاتها و لذاتها و لعل الثّ .البنیویة امل مع قام سوسیر بإقامة صرح عمله من خلال المقابلة بین ثنائیات اعتبرت أساسًا للتع ...اللسانیات الخارجیة/ الوصفیة، اللسانیات الداخلیة/ الكلام، التاریخیة/ اللغة، اللغة حدد سوسیر المجال الذي تدرس فیه اللغة فتجاوز الدراسات التاریخیة و قال بضرورة الدراسة الوصفیة الآنیة و همش اللسانیات الخارجیة و دعا إلى دراسة اللغة ضمن بینتها الداخلیة 1...)صوتیة، صرفیة، دلالیة، معجمیة،( فكانت بذلك اللسانیات ركیزة أساسیة قامت علیها البنیویة و وجد النقاد فیها ملاذا بعدما أثبتت كل الدراسات فشلها و قصورها في معالجة النصوص خاصة كونها تتعامل مع النص .لحاتها و حتى آراءهابالنظر إلیه من جانب محدد دون آخر فراحت تستعیر مبادئها و مصط ظهرت البنیویة في عصر استطاع العلم أن یغزو فیه كل المجالات وأن یحقق طموحات كانت بالأمس أمرا مستحیلا، كما استطاع العلم أن یحرر الإنسان من العبودیة و أن یصنع له .السّعادة و لو إلى حین كن العلم من رسم الابتسامة على وجوه البشر بعدما عبست وجوههم طویلا و هم كما تمّ .یصارعون الطبیعة تحت تأثیر الخرافات و الأباطیل .59صالح بشرى موسى، نظریة التلقي، أصول وتطبیقات ص 1 43 قد و لعل البنیویة وجدت ضالتها في استثمرت الأفكار العلمیة في كل المجالات حتى النّ إتباع هذا المنحى أو المسار، و هو تماما ما كانت تصبو إلیه الدراسات النقدیة، فلكي تتخلص عیة علیها أن تسلك سبیل العلوم التجریبیة و أن تبحث للنص عن مكان في من الذاتیة و الانطبا .مخبر التجارب العلمیة و لعل الإصرار على إتباع العلمیة في التعامل مع النصوص الأدبیة فیه بعض النظر، كون العمل الأدبي نابع من الروح البشریة الإنسانیة و هي أمور لا مجال للعلم كي یبحث فیها، ما العمل فهذه الطریقة هي الوسیلة الوحیدة التي توصل إلى نتائج تشعر الإنسان بأن و لكن جهده لیس عبثا، فسیطرت البنیویة على الساحة النقدیة بتبنیها للعلمیة وسیلة و منهجا و اتسعت رقعتها من أوروبا إلى أمریكا، على الرغم من الاستقبال الفاتر الذي لقیته هناك كونها تتعارض و .أهداف أمریكا الساعیة إلى التحرر فالبنیویة تنشد النظام و الالتزام بالقوانین فهي تتحرى الدقة و تؤمن بقانون السببیة، لهذا ظل جنوح البنیویة نحو العلمیة المبالغ فیها، كانت " حاولت وضع النص في إطار أكثر التزام داعیة، و لیس خنق النشاط الإبداعي الرغبة هي ضبط عملیات التعامل النقدي مع النصوص الإب فهي ترفض أي تفسیر یعتمد على . 1"أو إطلاق فوضى القراءات على النصوص الإبداعیة .عوامل خارج النص كان اهتمام البنیویة باللغة و لا شيء غیر اللغة سببا كافیا لتهمیش صاحب النص و میشال مستندا في ذلك على ما قاله أعلام البنیویة أحد أبرزرولان بارت إعلان وفاته كما فعل عندما قال بموت الإنسان هذا من جهة و من جهة أخرى فالعلم قضى على الإنسان بعدما فوكو حلت الآلة محله في كل شيء و أصبحت مركزا لیتراجع الإنسان أمامها و یجلس في المقاعد .23، ص )دراسات في سلطة النص(الخروج من التیه : حمودة عبد العزیز 1 44 الذي یسكن فیه على حد الخلفیة، فاللغة بحكم طبیعتها سیطرت على الإنسان و أصبحت بیته .تعبیر هایدغر فقد اتسعت لنضم الإنسان داخلها و تصبح هي من تقول و لیس الإنسان أمور عدیدة حدثت في الغرب جعلت الإنسان میتا، لیس الموت الرمزي فحسب كما یدعي .البنیویون، بل هو موت لصفة الإنسانیة فیه الروحي الذي كان یوما سمة ترفع من قیمة كیف لا و قد أدى تقدیسه للمادة إلى قتل جانبه كان المؤلف باعتباره منشىء النص قد أعلنت وفاته بصورة رسمیة مع مقال " الوجود البشري، 1".1968التي كتبها عام " موت المؤلف" رولان بارت لم یعد الأدب من منظور البنیویین یحكي تجارب وجدانیة ولا مشاعر و أحاسیس بل نصا ا عن كل القیم الإنسانیة، سهل هو الوصول إلى دلالته، لأن النص یحملها و هنا تبدو جافا مبعد البنیویة و كأنها تتناقض و مفهوم الحداثة، فتبنیها للمنهج الوصفي جعلها تصل إلى نتائج، غالبا ما تكون نفسها لأن تتعامل مع النص و كأنه بنى ثابتة فنفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج .یعبر عن ذلك أصحاب العلم التجریبيكما لِدَت البنیویة حاملة لبذور فنائها و هو ما عجل بانقضائها، فالحداثة تهدف إلى الاستمرار فَوُ و التجدید كما أنها ترفض التحدید، أما البنیویة و دون ذلك وقعت في فخ المعیاریة و هذا ما .ستمراریةجعل الحداثة تتجاوزها إلى مرحلة أخرى تضمن لها الا على الرغم من أن اسم البنیویة ارتبط بمفهوم الحداثة إلا أنها لم تلب حاجاتها في كثیر من مواضعها، و لعل السبب في ذلك یعود إلى تركیزها على النص دون أركان الملیة الإبداعیة .2الأخرى، فأثناء محاولتها تخلیص النص من سلطة الكاتب أوقعته في سلطة النص نفسه .110، ص )دراسة في سلطة النص( الخروج من التیه : حمودة عبد العزیز 1 .12حمودة عبد العزیز ، الخروج من التیھ، ص 2 45 ن لا یمكن أن ننكر فضل البنیویة على باقي النظریات التي جاءت بعدها فقد كانت لك أساسا و مدونة أولى رجع إلیها النقاد سواء بنقضها أو إكمال مسیرتها فالثقافة الغربیة لا تؤمن .بالانقطاع بل تبنى على أنقاض ما هدم لأن الخطأ لیس عیبا بل تجربة تقود إلى النجاح : مائیةالنظریة السی -2)2 السیمیائیة، النظریة التي تسبب في وجودها عاملان هما اللسانیات و البنیویة كونها تقوم أول من بشر بمیلاد علم العلامات أثناء تحدیده ففاردنان دي سوسیر على مفهوم العلامة، .اللسانیات/ لموضوع علم اللغة علامات اللغویة و غیر فقد رأى بأن هناك علما عاما سوف یخرج إلى الوجود یهتم بال اللغویة، أما اللسانیات فموضوعها العلامات اللغویة و بالتالي فاللسانیات بهذا المفهوم تدخل ضمن علم السیمیاء، على الرغم من أن رولان بارت فیما بعد رأى أن اللغة أو علم العلامات شيء لا یمكن فهمه إلا اللغویة أوسع فتضم بذلك العلامات غیر اللغویة و حجته في ذلك لأن ال .إذا عبر عنه بواسطة اللغة، فتكون بذلك اللغة أساس كل إدراك كان هذا في أوروبا أما في أمریكا فشهدت میلاد السیمیائیة اعتمادا على أساس فلسفي و لعل السبب في ) دال و مدلول(كونه یرى تكوینا ثنائیا للعلامة شارلز سندریس بیرسأقامه اهتم باللغة و رأى بأن ما یربط بین الدال و سوسیرتمامات كل واحد منهم ف ذلك یعود إلى اه المدلول هو الاعتباطیة و بالتالي لا حاجة لنا لطرف ثالث، فالاعتباطیة تكفي لكي تفسر العلاقة الضروریة بین الدال و المدلول، و قد ركز في أعماله على اللغة بوصفها ظاهرة اجتماعیة ردة، و إهماله للكلام كونه فردي یخضع لإرادة المتكلم فبتصرفه هو یلغي جماعیة مشتركة مج .مفهوم الاعتباطیة 46 فآراؤه لم تستثمر سوسیر، أكثر من ارتباطها بـ بیرس و لعله السبب الذي ربط السیمیائیة بـ هي الأقرب إلى موضوعه، أما عن بیرس إلا في مجال اللسانیات، أما الأدب فكانت سیمیائیة .1یخ وجود هذا العلم فهو أبعد من هذه الدراسات لأنه یمتد لیصل إلى الیونانتار أما الشيء الذي أوجد السیمیائیة نقدیة هو النقد الذي وجه للبنیویة كونها تهمل المعنى و القارئ و تضع من النص مركزا و أساسا تقوم علیه العملیة الإبداعیة، فالسیمیائیة تقر بوجود .الفضل في إنتاج المعنى كونه المتلقي و المستقبل لهذا المعنى قارئ و له یرجع و لعل أقطاب البنیویة أصبحوا أقطابا للسیمیائیة لأنهم وجدول فیها سدا لثغراتها و تجاوزا .لمبادئها التي كانت سبب فنائها بدأ المعنیون بالسیمیولوجیا تحریر منهجیتهم من سطوة البنیویة بتوجیه نقد قاس إلى " الأخیرة، ففضلا عما ذكر من دعوة رولان بارت إلى أن الكتابة عن النص ما هي إلا احتفال معرفي، و أن الخطاب حول النص لا یمكن إلا أن یكون نصا هو ذاته، فقد بدأ الجمیع ینظرون إلى أن النص غیر منجز ما دامت قراءاته متواصلة بل إنه في دلالاته یتضاعف مثل المتوالیة 2".ة، تبعا لتعدد القراءاتالریاضی فكانت السیمیائیة بمثابة المفتاح الذي فتح النص على آفاق واسعة بعدما عان من سجن .النسق أیام وصایة البنیویة فالنص أصبح تناصا مع النصوص أخرى خارج بنیته اللغویة و على القارئ الحاذق أن یتولى الكشف عن هذه النصوص من خلال رموز أخرى العمل الأدبي و هذا ما حرر مخیلة .القارئ و سمح بالتجول داخل مناطقه التي كانت یوما ما محرمة هي من طرف النقد البنیوي .115حمودة عبد العزیز الخروج من التیھ، ص 1 .26، ص )مدخل إلى المناھج النقدیة الحدیثة(معرفة الآخر : إبراھیم عبد الله 2 47 ته من أفكار العزاء الوحید للقارئ و تحقیق لأمل طالما راوده من كانت السیمیائیة بما طرح قبل، و كأنها مثلت أولى خطوات التمرد من قبل الإنسان الذي بدأ یسأم من النظام و القوانین و كل أنواع السیطرة فهربه إلى العلم في نظره لیس إلا نوعا من الاستعباد فإذا كان الجهل كابوسا . بدّ من التخلص منهفالعلم أصبح قیدا لا و لهذا فعلم السیمیاء انتشر أكثر في أمریكا أین یهدف الفكر إلى التحرر و الحریة و كان .المبدع/ في اعتقاده حق في مشاركة الذات) القارئ(للآخر كان الحدیث في النظریة البنیویة و السیمیائیة على الغرب دون العرب و ذلك حرص على ها، و إذا كان هناك بنیویة أو سیمیائیة عربیة فهي لا تعدو أن تكون نقلا إلحاق الأعمال بأصحاب عن هذا الآخر، فالحداثة كما سبق و أن أخبر بذلك البحث وافد استقبله العرب في وقت كان یعاني فیه الیأس و تحطم الآمال، فلم یكن أمامه سوى سبیل التقلید عله یدرك ما بقي من كیان 1.هذه الأمة یأس عند الغرب باعثا على العمل و تجاوز أسباب الملل و السعي وراء إدراك فكان ال الخلاص مستغلة في ذلك طاقاتها الذاتیة، أما العرب فوجدوا العلاج في الجري وراء الغربي و .لذلك كان الشعر و النقد في حداثته صورة عن حداثة الغرب بالكشف عن الرموز التي یحتوي اهتمت السیمیولوجیا في مقاربتها للنصوص الإبداعیة علیها النص و اعتبرت السبیل الوحید الذي یمكن من خلاله فك مغالیق النص و مجاهیله و .إیجاد دلالات تساعد القارئ على التفاعل معه و لعل السیمیائیة نشأت متداخلة مع البنیویة كونها استندت على مبادئها، و إن ظن الجمیع .ها، فتبقى ابنا بارا له رغم تمردهاأنها قامت على أساس نقد .26، ص )مدخل إلى المناهج النقدیة الحدیثة(معرفة الآخر : ینظر إبراهیم عبد االله و آخرون 1 48 و كمواصلة لمسیرة نقد الحداثة ظهرت نظریات أخرى عملت على الإعلاء من شأن القارئ و رد الاعتبار له بعدما همشته الدراسات السیاقیة، فما هي هذه النظریات؟ :نظریة التلقي و التأویل -3)2 شاء، و یظل المبدع مغیبا نهائیا یتراجع النص أمام القارئ فاتحا له المجال كي یقول ما في هذه العملیة، و لعل نظریة القراءة و التأویل ظهرت و انتشرت في أوروبا و بالضبط في ( أما أوروبا فتدعى ) نقد استجابة القارئ(ألمانیا و امتدت إلى أمریكا، و قد سمیت في أمریكا ).نظریة التلقي ستطاعت أن تجمع بین النص و القارئ في كفة كانت نظریة التلقي النظریة الوحیدة التي ا واحدة متجاوزة بذلك فوضى التفسیر و هو ما وصلت إلیه إستراتیجیة التفكیك عندما أعطت .الحریة كاملة للقارئ كي یحمل النص معاني حتى و لو لم تكن موجودة أصلا نص في نظره فهذا النوع من النقد یؤمن بأن الدلالة أو المعنى منعدم في النص، لأن ال مجموعة نصوص مسافرة في الزمن، ولأنه لا یمكن إحضار هذه النصوص یبقى المعنى مغیبا .طالما تغیبت هذه النصوص عن الحضور و على الرغم من الانتشار الذي شهده النقد التفكیكي و خاصة في أمریكا أین وجد ترحیبا ي هذه الطریقة التي تبني كیانها على یفوق حقیقته في أوروبا، إلا أنه سرعان ما أعید النظر ف أساس الفوضى، و لعل الأصول الیهودیة التي سعت إلى نشره بین النقاد و التعامل به مع .1النصوص سعى التفكیك إلى تغییب المعنى و تشتیت النص و هدمه قصد إعادة بنائه و استحضار .الغائب من المعاني للحصول على الحاضر منها .30إبراھیم عبد الله، معرفة الآخر، ص 1 49 ستعراض ثقافة القارئ فیبتعد عن النص شیئا فشیئا حتى یغیب النص الأول و كأنه یقوم با و ینتج نصا آخر فیه من الغموض و الإبهام ما یجعل من كل المناهج تفشل في محاورته عدى .التفكیك الذي یكون المادة التي صنع منها من اهتمامها على العموم ظهرت نظریة التلقي كمنقذ للنقد من عبثیة التفكیك و على الرغم بالنص و القارئ معا، فقد احتل القارئ مركز الریادة، و اعتمادا على ما یوجد في النص، علیه ناقد في المستوى، / أن یحصل على الدلالة، فتصبح القراءة بهذا المعنى مغامرة تحتاج إلى قارئ علیه أن یكون مثالیا لأن عمله سیكون اطر، ولا یتوفر لها أدنى عامل من عوامل الأمان، رحلة شاقة، بل مغامرة محفوفة بالمخ" في أودیة الدلالة و شعابها دون المعرفة، دون دلیل و دون ضوابط، واضحة و كشوفات ذاتیة، فردیة،لا غیریة، جماعیة، حلقة الدلالة، و تعویم المدلول المقترن بنمط ما من القراءة أي 1."للمدلول بحسب تعدد قراءات الدالاستحضار المغیب، و هذا یقود إلى تخصیب مستمر ترى نظریة التلقي أن النص الأول یبقى ثابتا و أن ما یتغیر هو الدلالة و بالتالي بمجرد أن یتقرب القارئ من النص فقد فتحه على تعدد القراءات، القراءة الأولى تحیل إلى الثانیة، و الثالثة .إلى غیر ذلك ص هو مبدعه لیصبح المعنى الذي یعتقد المبدع أنه علما أن أول قارئ یطرق باب الن كل مؤلف مؤول بكیفیة أو بأخرى، و " ضمنه في نصه مجرد قراءة تحتمل العدید من القراءات 2."إذا ما صح فإننا نقترح درجة دنیا من التأویل سندعوها القراءة نه ملكًا مشاعًا إذن فكل قراءة هي تأویل من طرف القارئ، و هذه السمة تنقل النص من كو بین الناس إلى ملك لا یمنح نفسه إلا لمن صدق في حبه له، و یتحول القارئ من مستهلك، .114، ص )مدخل إلى المناھج النقدیة الحدیثة(معرفة الآخر : إبراھیم عبد الله 1 .221، ص 2001، سنة 2ط -الدار البیضاء –الثقافي العربي ، المركز)مقاربة نسقیة(التلقي و التأویل : مفتاح محمد 2 50 إلى قارئ یهدف إلى أبعد من النص، و هو القارئ ) قارئ بريء(هدفه المتعة أو بتعبیر النقاد ل الذي یسعى إلى كشف المسكوت عنه في النص، و هنا یحدث التفاوت بین النق اد لأنه المؤوِّ .كلما زادت ثقافة القارئ و قدرته على الكشف في مجاهیل النص زادت قیمته و اتسعت مجالاته فالنص قبل القراءة میت، و القارئ هو من یبعث فیه الحیاة، و الاستمرار في القراءة هو ما ة یضمن له الوجود، و لهذا لیس للزمن قدرة على القضاء بموت نص أو حیاته، فالقدم و الجد لیسا معیار حضوره، بل قد یصبح النص القدیم الذي نسي منذ زمن بعید نصا له كیان ومعترف به، إذا جاء من یقوم بإعادة قراءته، و في مقابل هذا قد یصبح النص الذي لا یفصلنا عن كتابته . سوى یوم واحد، نصا منسیا في زاویة ما من زوایا المكتبة إذا امتنع أهل زمانه عن قراءته إنه من المسلم به على العموم أن النصوص الأدبیة تأخذ حقیقتها من كونها تقرأ، و هذا " بدوره یعني أن النصوص یجب أن تحتوي مسبقا على بعض شروط التحیین التي تسمح لمعناها .1"أن یتجمع في الذهن المتجاوب للمتلقي للغة العادیة البسیطة التي و عادة ما تكمن شروط التحیین في لغته، فلا مكان في الإبداع تحمل المعنى فوق السطور، و لأن الأدب هو ما امتنعت فیه اللغة إلا أن تكون عاملا مضللا و لیس دلیل هدایة، و بفضل هذه الصفة فیها تكتسب ألفاظها الكثیر من الدلالات و یحدث ذلك هو یطرح العدید أثناء محاولة القارئ الإمساك بالمعنى، فقبل الوصول إلى معنى معین .الاحتمالات التي تغني النص و تزید من قیمته یجب أن تكون هي توضیح المعاني الكامنة في النص، و ینبغي أن لا یقتصر " فالقراءة على معنى واحد فمن الواضح أن المعنى الكامن الكلي لا یمكن أبدا انجازه من خلال عملیة .30حمید لحمداني و الجیلالي الكدیة، ص: ، ترجمة و تقدیم)نظریة جمالیة التجاوب في الأدب(فعل القراءة : ایزر فولفغانغ 1 51 أكثر جوهریة إلى حد أن المرء یجب علیه أن یتصور القراءة و لكن الأمر ذاته هو ما یجعله 1."المعنى كشيء یحدث، لأننا آنئذ فقط ندرك تلك العوامل التي تكون شرطا سابقا لتكوین المعنى فشرط ربط صفة الاحتمال بالقراءة ضروري و ذلك حرصا من القارئ على فتح باب موته، لهذا فعملیة التأویل لا تهدف إلى القراءات و عدم تقیید النص بمعنى معین لأن هذا یعني إدراك المعنى لأنها لا تنطلق من اللغة العادیة، بل تقیم المعنى على أساس الفهم و بالتالي .إضفاء بعض الذاتیة على عمله و هذا ما یجعل المعنى الحقیقي للنص غائبا ل یحد من طاقة إن تأویل التصور في ضوء معطیات اللغة الإدراكیة و علاقاتها، تأوی" اللغة و یحاول استیعاب مجالات التصور عن طریق خنقها و إحالتها إلى مجالات إدراكیة جاهزة 2."و تامة و هو ما ینتج عنه انعدام الفعالیة المتوخاة من هذا النوع من التواصل .فقیمة اللغة تكمن في مدى تمردها على القیود و خاصة تحررها من قید المعنى علاقة بین الدال و المدلول سلسلة أبدیة لا تنتهي فالمدلول فیها سرعان ما فأصبحت ال یصبح دالا یبحث عن مدلول و هكذا كي یبقى المعنى بعید المنال صعب الإدراك، فأصبحت الاعتباطیة بین الدال و المدلول لیست ضروریة، فلكي تحافظ اللغة على نظارتها قامت ب وغ یصعب تثبیته في نطاق دلالة محددة، بل إلى تحول تحویل المدلول إلى شيء مرا" المدلول نفسه في ظل تلك العلاقة المراوغة الجدیدة إلى دال یشیر إلى مدلول یتحول بدوره إلى 3."دال و هكذا إلى ما لا نهایة فمراوغة المدلول و عدم اعترافه بأحقیة الارتباط بدال معین، ینشئ بین الدوال فراغات و .للقارئ مجالا یتحرك فیه شقوق توفر .14مرجع نفسه، ص ال 1 .68، ص 2000، 1ط -الدار البضاء –، دار توبقال للنشر )دراسات لنصوص شعریة حدیثة( القراءة التفاعلیة: بلملیح إدریس 2 .152، ص )دراسة في سلطة النص( الخروج من التیه: حمودة عبد العزیز 3 52 فلم یعد الربط بین الدال و المدلول أمرا سهلا أو متیسرا لأن النص و معناه فجوات للقارئ القارئ وحده هو الذي یستطیع أن یستوعب الفراغ و یقرأ " فقط الحق في أن یملأها لهذا كان 1"دلالیة الخطابالمكان ضمن احتمالات عدة و بذلك یكون البیاض دالا أساسا في إنتاج فالمبدع یعمل على بناء النص استنادا إلى قانون الخرق و مخالفة العادة، و لهذا یكون القارئ في كل مرة مجبرا على تغییر رؤیته للنص، و لعل هذا العمل هو ما یصنع المتعة لدى و هذا حیث یخیب ظن المتلقي في مطابقة معاییره السابقة مع معاییر العمل الجدید" القارئ 2."الأفق الذي تتحرك في ضوئه الانحرافات أو الانزیاح عما هو مألوف و هو ما یستدعي لفت انتباه للمعنى الغائب في كل مرة و عدم الارتیاح إلى المعنى الظاهر لأنه مراوغ سینقلب إلى غیاب في أي لحظة و كان هذا السبب الذي أدى إلى عدم اء إلى تعدد الدلالة و التركیز على إنتاج الخطاب النقدي الاكتفاء بمعنى محدد و دعوة القر .بمعزل عن المعنى الحقیقي في الخطاب الإبداعي فیتحول كل شيء إلى خطاب و تذوب الدلالة المركزیة أو الأصلیة المفترضة أو المتعالیة " ظام و ینفتح الخطاب على أفق المستقبل دونما ضوابط مسبقة و تتحول قوة الحضور، بفعل ن 3".الاختلاف إلى غیاب للدلالة المتعالیة، إلى تخصیب للدلالة المحتملة و بهذا كانت هذه النظریات الوجه الذي تجلت من خلاله الحداثة في النقد و استثمارا .للمبادئ التي نادت بها فإذا كانت الحداثة في الشعر وعد بالبدء فإن الحداثة في النقد وعد بإیجاد المعنى دون أن توجده، و إذا كان شعر الحداثة مضللا بما یطرحه من مواضیع غامضة بواسطة لغة قلقة لا .221القصیدة الحدیثة في النقد العربي المعاصر، ص : بن خلیفة مشري 1 .46، ص )أصول و تطبیقات(نظریة التلقي : وسىصالح بشر م 2 .154، ص )مدخل إلى المناھج النقدیة الحدیثة( معرفة الآخر : إبراھیم عبد الله و آخرون 3 53 تهدأ و لا تستكین ملقیة بكل النظم و القوانین عرض الحائط، فإن نقد الحداثة موهم بما یقدمه .1من حلول لا یقرٍّب من المعنى بقدر ما یبعدنا عنه و الحیرة و انعدام الهدف، في عصر أعلن و هي نتیجة طبیعیة لفكر أصبح یعاني التشوش .و میلاد الإنسان الآلي الذي تنعدم فیه كل معالم الإنسانیة) لحما و دما(فیه عن موت الإنسان و خلاصة القول لا بد أن الحداثة في الشعر و النقد عملت على تجاوز النظم التي فرضت لمحیط الخارجي الذي كان یصنع انطلاقا یوما ما على شكل القصیدة و التزام النقد بالمبدع و ا منه، المعنى الذي تلتزم القصیدة بتبنیه رغما عنها، لأن القصیدة لم تكن مركز اهتمام بقدر ما كانت وعاء للناقد وحده الحق في ملئه، و لیس بمحض إرادته بل انطلاقا من الظروف المحیطة ذ الذي فك قید القصیدة و الناقد و ألغى كل التي كانت سیدة الموقف، فكانت الحداثة بمثابة المنق .القوانین التي كانت تهمش دور الشاعر و الناقد و كانت نظریة التلقي في النهایة النظریة التي حاولت الجمع بین أطراف الخطاب من نص و متلقي و هدفها من ذلك إحداث التكامل و العمل على فتح باب القراءات انطلاقا من طبیعة .تي لم تكن یوما لتحمل معنى قد یوهم الإنسان بأنه قد تحكم فیهااللغة ال :إن النقد الموجه للتفكیكیة في الثقافة الغربیة في ثلاث نقاط محوریة  أن التفكیكیة تیار یقصي الجوانب التاریخیة و الاجتماعیة، و بالتالي هي س ما یدعیه عك 2تیار شكلاني بنیوي و كل بنیویة تنطوي على أهداف إیدیولوجیة، .أصحاب هذا التیار من عدم التأدلج و حریة التفكیر  أنها تیار فلسفي یشتغل ضمن إطار مؤسساتي ولا یمكنه الخروج على سلطة .المؤسسة التي ینقدها، مع أنه ظاهریا تبدو تیارا ذا طبیعة ثوریة .155إبراھیم عبد الله وآخرون ، معرفة الآخر، ص 1 167التفكیكیة دراسة نقدیة، ص : بییر زیما 2 54  وقوع التفكیكیة في العدید من الأخطاء، التي تعیبها هي على المیتافیزیقا وهي بهذا تعید إنتاج بعض مقولات التمركز، و مما قامت على نقضه التفكیكیة . لغربیةا مقولة المرجعیة النهائیة و الحقیقة المطلقة، في حین أن التفكیكیین یلقون مقولاتهم كالاختلاف المرجيء و المآزق المنطقیة على أنها مقولات لا تناقش، و هي بهذا تقع في یثبت ذلك تلك المحادثة و ما علي حرب،بتعبیر دیكتاتوریة الأسماء أوإمبریالیة المعنى فبعد أن ألف "التي جمعت بول ریكور و جاك دریدا، التي توصف بأنها قصة طریفة دریدا كتابه البطاقة البریدیة منذ أرسطو، سأله أستاذه بول ریكور عن الضرورة التي الجواب إنك حین تتحدث عن الضرورة دفعته إلى تألیف مثل هذا الكتاب، فبادره إلى 1."فإنك تبقى ضمن مركزیة العقل، ضمن العقلانیة أما أنا فخرجت منها من زمان إنها مقولة تلخص منهجیة دریدا و لكنها من جهة أخرى تثبت مدى وقوعه هو في مغبة ما و . تبع ولا تناقشیحذر منه، إنه یجعل من مقولاته حقیقة لا تناقش، إنه یجعل من فلسفته رسالة ت یمكننا هنا العودة قلیلا إلى الوراء لنبحث عن جذوره لمثل هذا الأسلوب في الحوار أو المحاججة و سنجد أن هذا هو ما عابه فریدریك نیتشه على سقراط، حین وصفه بأنه یلجأ إلى الألاعیب خصص لنیتشه من اللغویة فیصیر خصمه أعزل في الوقت ذاته على نحو ما بیاناه في الجزء الم .هذا البحث إن ما قلناه هنا یؤكد أن ما تأخذه التفكیكیة على تیارات الفكر التقلیدي یمكن سحبها علیها هي نفسها، تعبر عن توجهاتها باللغة فهي تنتج خطابات، هذه الخطابات یمكن تفكیكها بردها بحث في تفكیك الخطاب و من هنا یستمد. إلى أصولها أولا ثم إثبات تناقضها الداخلي ثانیا كما یمكن سحب هذا النقد الموجه للتفكیكیة الأصل، على أصحاب التوجه . التفكیكي مشروعیته .2التفكیكي العربي و منها تفكیكیة علي حرب 334تكوین النظریة، ص : ناظم عودة 1 .336ناظم عودة، تكوین النظریة، ص 2 55 ):عبد الوهاب المسیري(التفكیك بوصفه فلسفة معادیة للإنسان رغم من أنها لا تفتقر إلى جدیة لأكادیمي الكبیر على ال|لم تحز أعمال المسیري الاهتمام ا الطرح، فطروحات المسیري تمیزت باتساعها من السیاسة إلى الاجتماعیة و الأدبیة و غیرها و اشتهر المسیري في الأوساط الإعلامیة كمتخصص في الیهودیة و الحركات الصهیونیة، غیر ارة الغربیة بكل أنه من ناحیة أخرى ناقد و فیلسوف و مفكر عربي، تخصص في دراسة الحض .تجلیاتها و تیاراتها الفكریة إن من یقرأ كتب المسیري یلحظ ذلك النقد اللاذع للحضارة الغربیة الذي یصل حد التهكم في بعض المواضع، غیر أنه یبقى نقدا معرفیا ینم عن معرفة واسعة بالعقل الغربي و قضایاه، و الإنساني عموما، لذلك یحترم كما یكشف كذلك عن اعتزاز بالتراث العربي الإسلامي الطروحات المبنیة على أصول إنسانیة أخلاقیة، و إذا أردنا أن نحدد اتجاه المسیري في نقد :الحضارة الغربیة فإننا نجدها تنبني على اتجاهین أو مبدأین اثنین فالإنسان في منظوره قادر على تجاوز عالم المادة و قوانین :المبدأ الإنساني: الأول حیوان میتافیزیقي و هو كائن واع بذاته و الكون، قادر على " الطبیعة ولا یخضع كلیة لها إنه المادیة و هو عاقل قادر على استخدام عقله، و لذا فهو قادر على إعادة / تجاوز ذاته الطبیعیة 1".صیاغة ذاته و بیئته حسب رؤیته إن تعدد الثقافات و التنوع الحضاري الذي یعرفه البشر عبر بقاع الأرض لا یلغي الإنسانیة فما یولد التنوع أن الإنسان قادر على صیاغة فكره و بیئته حسب وعیه " المشتركة، بل یؤكدها الحر، و حسب ما یتوصل إلیه من معرفة من خلال تجاربه، و هذه الأشكال الحضاریة تفصل 12، ص2007، دمشق، 2عبد الوھاب المسیري، الفلسفة المادیة و تفكیك الإنسان، دار الفكر، ط 1 56 المادة، و تؤكد إنسانیته المشتركة، فهي تعبیر عن الإمكانیة الإنسانیة دون / عن الطبیعة الإنسان 1".أن تلغي الخصوصیات الحضاریة كانت بدایات المسیري مع الحضارة الغربیة : الخصوصیة الثقافي العربیة الإسلامیة: الثاني ه الرؤیة، إلى الرؤیة النقدیة بدایات یسمها الانبهار بإنجازات الحداثة، غیر أنه تحول عن هذ الشاملة و الجذریة للحضارة الغربیة، و یفید في انعطافاته التي أعقبت تحولاته الحاسمة من 2.مرجعیات الحضارة العربیة و مقولات الفكر الإسلامي یمثل هذان المبدآن الدافع الكامن وراء نقده للحضارة الغربیة، غیر أنهما لا یشكلان مبدأین ن، إذ یمكن تشبیه منهج المسیري في نقد الحضارة الغربیة بالطریق الذي یضیق أحیانا منفصلی .لیصل إلى العروبة، و یتسع أخرى لیصل إلى الإسلام فالشرق فالإنسانیة المشتركة یرى المسیري في الحضارة الغربیة متتالیة متواصلة لا یتخللها ما یسمى بالقطائع المعرفیة لمشروع الحضاري الغربي بوصفه نموذجا یأخذ شكل متتالیة تتحقق في الزمن، یقرأ المسیري ا" إذ و یحدد المسیري نقطتین مرجعیتین أساسیتین مرت 3."تأخذ شكل حلقات تتبع الواحدة الأخرى بهما الحضارة الغربیة و شكلتا النموذج المعرفي الكامن خلف الممارسات الثقافیة الغربیة و یطلق حات عل هاتین النقطتین، كالعقلانیة المادیة و اللاعقلانیة المادیة و المادیة عدة أسماء و مصطل و قد مرت الحضارة الغربیة في بدایاتها بالعقلانیة المادیة و التي .الصلبة و المادیة السائلة أن العقل قادر على إدراك الحقیقة بمفرده دون المساعدة من عاطفة أو وحي أو إلهام و " مفادها 4".الحقیقة المادیة التي یتلقاها العقل وحدها من خلال الحواسبأن .14ص : المرجع نفسھ 1 283،282البنكي محمد أحمد، دریدا عربیا ص 2 .284المرجع نفسھ، ص 3 .34المسیري عبد الوھاب، الفلسفة المادیة، ص 4 57 غیر أن هذا المبدأ الذي قامت علیه العقلانیة الغربیةـ على الرغم من صلابته إلا أنه لا فالعقل المادي یدرك الواقع بطریقة حسیة : " ینفي اللاعقلانیة، بل یقود إلیها یقول المسیري ز عن إنتاج القصص الكبرى، أو النظریات الشاملة، و عاجز مباشرة، و من ثم فهو عقل عاج عن التوصل للحقیقة الكلیة و المجردة التي تقع خارج نطاق التجریب، و لذا فالعقل المادي لا ینكر المیتافیزیقا و حسب و إنما ینكر الكلیلات تماما، و ینتهي به الأمر بالهجوم على العقل ا یتوهمان أنهما یتمتعان بقدر من الاستقلال عن حركة الطبیعة الإنساني و العقل النقدي، لأنهم المادة و بذلك یختفي الإنسان بوصفه مرجعیة نهائیة، ثم تختفي جمیع المرجعیات و تصبح الإجراءات هي الشيء الوحید المتفق علیه و هكذا لا یتحرر العقل المادي من الأخلاق فحسب، الغایة و العقل، و من ثم تتحول العقلانیة المادیة إلى لا و إنما یتحرر من الكلیات و الهدف و 1".عقلانیة مادیة و بما أن اللاعقلانیة، التي یتحدث عنها المسیري تصور معاد للكلیات و المرجعیات المتجاوزة لعالم المادة، فإن التفكیكیة بوصفها تقویضا للمیتافیزیقا الغربیة، تنتظم تحت سیاق نهایة -وفقا لهذا - یة و ما یخالف فیه الكثیر من الدارسین هو عد التفكیكیة اللاعقلانیة الماد حتمیة لمسار الفلسفة الغربیة، و لیست نتاج عبقریة شخصیة لمفكرین و فلاسفة، و هذه المفاهیم التي یطرحها حول التفكیك هي التي جعلت صاحب كتاب دریدا عربیا یعنون قراءته لمفهوم 2".التفكیك بوصفه نهایة: " ي بقولهالتفكیك عند المسیر " و للمسیري رأي مخالف كذلك حول علاقة التفكیك بتیارات ما بعد الحداثة الأخرى، إذ یقول و كلمة تفكیك في تصورنا مرادفة لمصطلح ما بعد الحداثة، أو على الأقل تنویع علیها ، ففكر ما 3".غارقا في السیرورةبعد الحداثة فكر تقویضي معاد للكلیات، ویحاول أن یظل .35المسیري عبد الوھاب، الفلسفة المادیة، ص 1 .281محمد أحمد البنكي، دریدا عربیا، ص 2 .112عبد الوھاب المسیري و فتحي التریكي، الحداثة و ما بعد الحداثة، ص 3 58 و هذا على خلاف ما یدعیه التفكیكیون من الخصوصیة و التفرد، سواء في علاقتهم بتاریخ الفلسفة الغربیة، أو بالتیارات الفكریة المعاصرة لهم و یركز المسیري في حدیثه عن المشتركة التفكیكیة على قضیة اللغة بوصفها وسیلة تواصل إنساني، تفترض نوعا من المرجعیات لنجاح العملیة التواصلیة، لذلك یذهب إلى عرض عن علاقة ركني العلامة الدال و المدلول ففي یرى أن علاقة الدال و المدلول عرفت في ) اللغة و المجاز بین التوحید و وحدة الوجود( كتابه لسیرورة المنظومة التفكیكیة نوعا من التباعد، الذي یصل حد الانفصال بحكم الانزلاق و ا . اللامنتهیة التي تحكم الدلالة، حیث لا یصبح هناك في حقیقة الأمر مدلولات، و إنما دوال فقط و بعد أن یعرض رأي كل من المعتزلة و الأشاعرة في قضیة الكلام الإلهي، یخلص إلى نتیجة بین البشر مفادها، أن علاقة الدال بالمدلول في الإطار الإنساني و التوحیدي هي علاقة اتصال مع عدم كمالها و هذا یقف على النقیض من الموقف ما بعد الحداثي الذي یطرح لحظة حضور كامل و هذا یقف على النقیض من الموقف ما بعد الحداثي الذي یطرح لحظة حضور كامل و 1.غیاب كامل و من استحالة الوصول تطرح السیرورة كحل باعتبارها الشيء الوحید الممكن نفصال الحاصل بین قطبي العلامة، ما هو إلا تقویض للغة و تشكیك في قدرتها و هذا الا هجوم على المشروع الإنساني و . على الإدلال، و هذا ما یشكل هجوما على لغة كأداة تواصل الإنسانیة المشتركة، و على قدرة الإنسان أن یراكم المعرفة، و أن یتعامل مع الآخرین من خلال أخلاقیة مشتركة، أي أنه تعبیر عن العدمیة الفلسفیة الناتجة عن تبني موقف منظومة معرفیة و 2.لا عقلاني .135، ص 2002، القاھرة، 1عبد الوھاب المسیري، اللغة و المجاز بین التوحید و وحدة الوجود، دار الشروق، ط 1 .130المرجع نفسھ، ص 2 59 الفصل الثاني )الفصل الثاني(الفصل التطبيقي .1 )علي حرب(قراءة في كتاب نقد النص: الفصل الثاني .2 .النص هو المدخل:المبحث الأول .3 .الخطاب حجاب: المبحث الثاني .4 النصوص السوداء : المبحث الثالث .5 .كينونة النص: المبحث الرابع .6 .حقيقة النص: المبحث الخامس .7 .لإستراتجية النص: المبحث السادس .8 .آليات الحجب: المبحث السابع .9 .قوة النص: المبحث الثامن .10 .قراءة النص:المبحث التاسع .11 .الحقيقة والسفسطة:المبحث العاشر .12 .والرمزالحقيقة : المبحث الحادي عشر .13 60 :النص هو المدخل / 1 أبدأ بالمصادرة على سؤال قد یثیر القارئ الذي یقع بین یدیة هذا الكتاب أي شكل هذا الشتات بین المقالات التي لا یربط بینها رابط منطقي أو موضوعي مؤلفا یستحق اسمه وصفته؟ لأنه لا یعالج موضوعة , لكلمةإني أسارع إلي أن كتابي هذا لا یعد مؤلفا بالمعني التقلیدي ولا هو یتألف من فصول مترابطة بین بعضها على بعضهما أو , من الموضوعات المألوفة )1(.یفضى واحدها إلي الأخر نما هي مقالات مختلفة كاختلاف الإسلامي محمد عمارة عن الماركسي صادق جلال وإ أو متفاوتة كتفاوت عمل , وزأو متباعدة كتباعد النص القرآني عن فلسفة جیل دول,العظم .)1("لا تكاد تغدُ عملاً أكادیمیاً -بضخامة النص الكنطي ومقالة لباحث لبناني أو عربي إذن أجمع بین دفتي كتاب ما یصعب جمعه أو التألیف بنیة؟ ینبغي أن لا ننخدع ,وفي الجواب عن ذلك أقول بمنتهي البساطة التي هي منتهي التعقید ولن , ه الفوضى البادیة یمكن استكشاف نظام یلملم المشتت ویجمع المتفرقفوراء هذ, بالظاهرة ) 1(.أقول إن الذي یؤلف بین مقالاتي هو أنني كاتبها كما ذهبت إلي ذلك في مقدمة كتابي >> مداخلات<< وأعني بدلك أن هده , ثمة رابط أقوي وأهم من هویة المؤلف هي الوحدة الجامعة هنا .منهج لنا وكیفیة قراءاتها أو طریقة التعامل معها, ا بنقد النصوصالمقالات تتعلق جمیعه أي مجالاً , بل أصبح هو نفسه میدانا معرفیا مستقلا, والنص لم یعد مجرد أداة للمعرفة .للإنتاج معرفي یجعلنا نعید النظر فیما كنا نعرفه عن النص والمعرفة في أن واحد 07ص, 2005, المغرب, الطبعة الرابعة , للنشر والتوزیع ءالدار البیضا, نقد النص:علي حرب-)1( 61 الجدید المسمي نظریة النص أو علم النص أو أثر فهو هدا المجال ,فالموضوع اعني الرابطة لأن مقالاتي عبارة ,أقول نقد النقد>> نقد النقد<<ونقد النص إن هو إلا >> نقد النص<<تسمیة , عن نقد لنصوص وأعمال تشكل هي نفسها أعمال نقدیة یتركز الاهتمام فیها عن نقد العقل ا, العربي قد بلغ , نقد العقل خصوصًا كما یمارس عندناوفي رأي إن . أو الغربي أو العقل عمومً وهو یحتاج إلي معالجة مختلفة وهذا ما یوفره نقد النص الذي یقدم إمكانات جدیدة للسبر , مأزقه و , إذ انتقدت محمد عابد في یري على نقده للعقل العربي, والاستقصاء ولعل هذا ما قامت به . ن هذا المنطلق انتقدت كنط للعقل المحضوم, أُنتقدت ضمن صنفي على نقده للوعي الغربي وهذا ما یجعل منه حقلاً یكشف فحصه , فالنص بات یشكل منطقة من مناطق عمل الفكر ا .والاشتغال فیه عن إمكان للوجود والفكر معً , ومعني الإمكان هنا أن استكشاف النص یؤول إلي إعادة ترتیب علاقتنا بوجودنا و مقولاتنا الواقع أن الثورة التي شهدتها الأفكار ...العقل والمعني والمؤلف والقارئبالحقیقة والذات و 1.والمعارف في العقود الأخیرة :الخطاب حجاب / 2 بما یعنیه النقد من معرفة الممكن واستكشافه أو , ومن هنا إن كنت كنطیا في نقدي .)2(استثاره،فإنني غیر كنطي في نقدي لخطاب العقل أقوم بمسألة هذا الخطاب المحكوم بمنطق الهویة عن البداهات التي تبنین فأنا, بهذا المعني بمعني أني أخضع , علیها وسكت عنها هكذا فإنا تفكیري في تعاملي مع خطاب العقل ومطلقاته ذلك أن الربط بین شئ و , لفحص العقل بما هو ذات متعالیة تتصف بالقدرة علي الربط والتألیف وهذا , وهذا شأن القائل بأن الإنسان هو عاقل, لأخر أو طغیان علیهشئ یعني إغفال أحدها ل .08ص, نقد النص:علي حرب-)1( .09ص, النصنقد :علي حرب-)2( 62 فكل ,أیضا شأن القاتل لوجود عقل محض أو علمي أو فلسفي أو غربي أو توحیدي أو عربي فالعقل المحض یحتجب حدسیته أو ما یتصل , واحد من هذه العقول یحجب جانبا مما یتكلم علیه ب أسطوریته یحول العقل إلي أسطورة والعقل الفلسفي بالحسي والتجربة والعقل العلمي یحتج .)1(الخ...یخفي هوى المعرفة والسلطة عند الفیلسوف ولهذا فإن العقول المختلفة والعقلانیات المتلاحقة لم تراكم سوى اللامعقول الذي حسبنا أن .بإمكاننا تجاوزه أو التغلب علیه ب علاقته المزدوجة بلا معقول من وهذا فإن خطاب العقل منذ دیكارت حتى كنط یحج إنه یحجب النصفین والشرطین أي الفؤاد واللسان لا شك أن النقد , وبذاته من جهة أخري, جهة )2(.الكنطي قد شكل نقلة نوعیة بإنتقاله من نقد المعارف والمذاهب إلي نقد ملكة المعرفة وآلیتها على اختلافهم , الذین أتو بعدهولكن كنط ومعه نقاد العقل , أي إلي نقد العقل نفسه ضلو یستعملون مقولة العقل بطریقة ما ورائیة لاهوتیة بتعاملهم مع العقل لوصفه , وكفاوتهم ا یسبق تحققه أو حقیقة تتعالي علي التجربة وتجاوزها ولا یعود ذلك إلي طبیعة لاهوتیة في جوهرً )2(النظرة بقدر ما یعود إلي فعل الكلام یل الشئ الذي تطلق علیه إلي كیان ما ورائي أزلي لا علاقة له بما یحدث ولهذا فاللفظة تح بقدر ما تتعامل , إنها تحیل لما تسمیه إلي ذات لاهوتیة>> العقل<<ویتشكل وهذا ما تفعله كلمة كشيء قائم بذاته أو متمركز على ذاته , كذات كلیة الحضور, كملكة ثابتة , معه كمعني مسبق .بكلام أخر...أو متزامن مع ذاته بالمعني >> العقل<<إذا الكلام على , تقوم بتغییب ما تتكلم علیه>> العقل<<إن كلمة .الكلي والمطلق هو الكلام على شئ غائب لا وجود له الصفحة نفسھا, نقد النص:علي حرب-)1( 63 لان ما یوجد هو مجرد معایشة حسیة أو حیزة فعلیة أو أولیة فكریة أو إجراءات منهجیة ما أن توصف بالمعقولیة أو العقلانیة أعني ممارسة یوجد هو مجرد صیرورة أو ممارسة یمكن وعلاقتها بالغیر أو العالم من , أي بما هي علاقة الذات بذاتها من جهة, المرى لذاته بوجهیها وذلك بقدر ما یجول التلفظ , كما تحجب ذاتها, من هنا فإن كلمة العقل تحجب فعلها, جهة أخري .)1(مرجعها من جهة أخري وبینها وبین, بما بینها وبین نفسها من جهة لكشف , بقدر ما تتعلق بنقد خطاب العقل نفسه, إذن فالمسألة لا تتعلق بنقد العقل عند نفاده من وجوه التحویل , عما یمارسه هذا الخطاب بوصفة خطاب الكلیات و الماهیات والضروریات یقوم علي حجب كل ما هو إنه , وهذا شأن العلم بالكلي, والإحالة والتغییب للمعایشات والهویات سبعاد للرغاتب , وكل ما یوجد أو یستجد, بالمتناول باختصار إنه نفي للحوادث والوقائع وإ .والأحلام وجهل الانكسارات والانحرافات فبا لا مكان نقد قولهم هذا , إذا كان الفلاسفة في الإسلام قالوا بأن االله لا یعلم سوى الكلیات .العلم بالكلیات هو نفسه دو طیبة لاهوتیة, ي بالقولأ, وزحزحته بما یختلف عنه لهذا لا ینفك خطاب العقل عن تألیف الأشیاء وتغییب العالم وعلى كل حال فإن هذا .الخطاب هو الوجه الأخر للخطاب اللاهوتي إذا كلاهما یقوم على تغییب الحوادث والوقائع واعتبارها مجرد شواهد تشهد على وجود وفي حطاب العقل تعتبر الملفوظات و الوقائع الخطابیة مجرد علامات تنبئ , الكائن المفارق .بوجود المعاني البكر في النفس أو بالمفاهیم المحضة في الذهن .)2(هذه هي وجود الزخرفة التي أسعي إلي تحقیقها بالانتقال من نقد العقل إلي نقد النص .10ص, نقد النص:علي حرب-)1( .10ص, نقد النص:علي حرب-)2( 64 لیة النص یقعون في المطب أعني في فخ والذین ینتقدون العقل من دون الالتفات تالي فاع .الكلام فالنص لم یكن مجرد علامات تقوم , لأنهم یتداولون كلمات تستعملهم بقدر ما ستعملونها ذلك أن التمثیل هو لاعب في النهایة ولهذا لا ینبغي الوثوق بالكلام ثقة , بدور الممثل لا غیر .فالخطاب حجاب, مفرطة ذا كان أن نتحدث عن الق واعد والأدوات المفهومة التي استعملتها أو استثمرتها في نقدي وإ .للنصوص :النصوص سواء / 3 مادامت المسألة تتعلق بالانشغال على النص بغیة , لا یهم اختلاف النصوص وتباعدها بل إنه من المستحسن أن تتنوع الأمثلة وتختلف الشواهد بحیث تتراوح بین الحدود , العلم به بإمكانه أن ینتقل ممن لا حدس له إلي من , مثلاً , أن من یتكلم على الحدس فكما, القصوى كذلك الذي یتكلم عن النص یمكن أن تتراوح أمثلة بن أعمال لا تكاد , یستغل حدسا في كل شئ تعد نصوصا لهشاشتها وأعمال هي من روائع النصوص وجلائل الآثار وهذا هو الفرق مثلاً بین علي كل مشتغل بالفلسفة وبین الكلام علیه هو أقرب إلى الهذر نص كنص كنط یفرض نفسه .)1(أو بین نص خارق راسخ كالنص القرآني وبین كلام علیه لا یكاد یعد شرفًا له, والثرثرة فلا یهم هنا الفرق بین نص , وبالإجمال ففي نقد النصوص تستوي النصوص على اختلافها نما الذي یهم , حیث الموضوعات و الطروحات وأخر من حیث المضامین والمحتویات أو من وإ فهنا یمكن الجمع بین النص الفلسفي والنص , كیفیة بناء الخطاب وطریقة تشكیله و آلیة اشتغاله .كلاهما یتألف من وقائع خطابیة, إذا كلاهما یشكل نصا لغویا,البنیوي .11ص, نقد النص:علي حرب-)1( 65 إستراتیجیة صحیح أن النص البنیوي یستخدم آلیات خاصة في إنتاج المعني وأن له , ولكن هناك آلیات عامة تشترك فیها النصوص على اختلافها, المختلفة في توظیف الدلالة .أكانت فلسفیة أو بنیویة أم شعریة وهذا ما كشف , ذلك أن جمیع النصوص تستخدم تقنیات مجازیة بنا في ذلك النص الفلسفي ل هو خطاب منسوج من عنه نیته إذ بین أن النص الفلسفي تبین مجرد خطاب برهاني ب . الاستعارات ویمكن أن أخطو خطوة واسعة فأقول حتى النص لا یخلو هو الأخر من استعارات .ومجازات ضمن یستعرض مؤلف في تاریخ , إزاء الأمثلة على ذلك من علم الحیاة أو علم الاجتماع باستعارة من یكشف أن وصف الكاتب الحي كان یتم في كل مرحلة أو طور , علم الحیاة كان یوصف مرا بالمنظومة العضویة وأخرى بالجهاز أو الألة وأخر بالعمارة أو , الاستعارات أنه یصف الكیان , وهذا شأن علم الاجتماع, البناء وأما الیوم فإنه یوصف بالشیفرة والرسالة لآلة وثالثة فیشبهه مرة بالجسد وأخرى با, الاجتماعي من خلال سلسلة من الاستعارات والتأویلات .)1(بالمنظومة وهاهو المجتمع یفهم الیوم من خلال تعابیر كاللعبة والمسرح والرهان بل إن منهم من یذهب .إلى فهمه كنص من النصوص نه لذو دلالة أن تستعمل بعض العلوم الیوم الرسالة و الشیفرة والنص في وصف وإ .یفرض حقیقتهموضوعات فذلك شاهد علي أن النص أخذ یكتسب مشروعیته و .11ص, نقد النص:علي حرب-)1( 66 قصارى القول في نقد النص تستوي النصوص بصرف النظر على الثقافات واللغات ا كما أنه في علم اللغة تستوي اللغات أكانت قدیمة أم حدیثة , شفهیة أم كتابیة, والمجالات تمامً .میتة أم حیة :كینونة النص/ 4 أن له , اطق عمل الفكرأن یتحول النص إلى میدان معرفي ممیز وأن یصبح منطقة من من مشروعیته وكینونته المستقلة وكینونة النص لفظي بالنظر إلیه من دون إحالته لا إلى مؤلفة ولا ففي منطق النقد یستقل النص عن المؤلف كما یستقل عن المرجع لكي , إلى الواقع الخارجي ا لیس كل حطاب ی, یغدو واقعة خطابیة لها حقیقتها وقسطها من الوجود .شكل نصًاطبعً إنه كلام أثبت جدارته وأكتسب فرادته وأصبح , فالنص هو خطاب ثم الاعتراف به وتكریسه ا یرجع إلیه .أثرً بمعني أن یفرض نفسه علینا ویدعونا إلي " إذن فالنص لا الواقع هو الذي یغدو والمرجع فالنص الذي یعكس ,یهالرجوع إلیه وقرائته باستمرار ونحن لا نقراه لأنه یعكس الواقع أو یحیل إل .الواقع لا أهمیة له لأنه ینتهي بإنتهاء الواقع الذي یتحدث عنه .ابن خالدون لكي نتعرف إلي الواقع عاصره المؤلف>> مقدمة <<إلى, فنحن لا نرجع مثلاً نما نرجع إلیها لكي نعنهم الواقع الراهن أو كي نستشرف مستقبلا قد یأتي .)1(وإ نما یشتغل هذه المسافة بینما یقع ویمكن أن یقع ,فالنص لیس مرآة الواقع .وإ أنه حجب مضاعف إغفال لحقیقة النص , ومن هنا فإن ربطه بواقع ما هو إهدار لكینونته نما هناك أحداث ووقائع , وطمس للواقع من جهة أخري, من جهة فذلك أنه لا واقع یوجد علیه، وإ .12ص, نقد النص:علي حرب-)1( 67 أي لا یوجد في النهایة سوي الروایات , الا ینفك عن التفسیرات أو القراءات التي تخضع له .والخطابات ذا كان الخطاب یمارس بطبیعته حجاب الواقع , فإن محاولة إحالته أو ربطه بالواقع معین, وإ , لا یعني ذلك أن النص یخلق الواقع, أي حجب للحجب,لیست سوى تفسیر للنص بنص أخر أنه یشكل إمكانا للتفكیر أو وسطا للفهم أو أقصد , بالأخرى أن النص یخلق واقعة ویمتلك واقعیته 1.ملتقي للحقائق :حقیقة النص / 5 إنه فتح علاقة جدیدة مع الحقیقة ومن ,نقد النص یتكشف عن نقد للحقیقة واستكشاف للكائن .شأنها أن تغیر مفهومنا لها تبدل طریقة تعاملنا معها ه أو یوجد بمعزل عن الخطاب ففي منظور النقد لست الحقیقة جوهراً یتعالي علي شروط نما هي ما یخلقه النص نفسه :بكلام أخر, وإ مثال ما بحث عنه , النص من هذه الوجهة لا یبحث عن الحقیقة بقدر ما یفرض حقیقته بل هو ذلك , كنط أو أنجزه لم یكن الوصول إلي تلك الحقیقة المتعالیة التي تقدم التجربة وتسقیها ك القدرة علي الصمود بقدر ما یتعالي على محاولات القولیة والاحتواء النص نتركه لنا والذي یمتل >> الأسفار العقلیة الأربعة <<لیست الحقیقة في :مثال أخر, وبقدر ما نستغني عن العودة إلیه نما هي نفس الحقیقة للنص الذي بحثنا علي قرائیة والكتابة عنه أي هي , لصدر الدین الشرازي وإ .ینطوي علیه أو یكتشف عنه لقارئه لدي قرأته وتفكیكهذلك الإمكان الذي .12ص, نقد النص:علي حرب-)1( 68 نما هي خطاب یثبت جدارته , إذن لیس النص هو الذي یقول الحقیقة أو ینص علیها وإ .)1(من هنا فالنقد هو إنتقال من نص الحقیقة إلي حقیقة النص, ویخلق حقیقته عن الخطأ و الصواب وفي ضوء هذا المفهوم للعلاقة بین النص والحقیقة لا مجال للحدیث .في نص من النصوص فالتخطئة أو التصویب یصحان إذا كنا نتعامل مع النص بوصفه یعكس أو یتطابق مع حقیقته ذهنیة أو خارجیة قائمة بمعزل عنه كما هو شأن النقد الكلاسیكي الذي یستخدم مقومات . الدحض و التناقض أو التهافت فعلینا أن نتعامل معه كما نتعامل مع , ویمتلك وقائعیتهأما إذا كان النص یخلق حقیقته بهذا , فنعالجه ونسعى إلي التحرر, أي نحال استكشاف أبعاده أو رصد احتمالاته, الحدیث ا أو لا یكون ا هامً یترك أصداء ویولد تفاعلات أو یكون عدیم الثر , المعني یكون النص قویً ا للرجوع إلیه , وهج كشعر المتنبيخافت الصوت وهذا هو الفرق بین كلام قوي مت یدعونا دومً وبین كلام الشاعر لا یترك أي أثر عند قارئه أو سامعة وهذا هو الفرق قول هام لهیقل لا ینفك .یولد تأویلاته المختلفة وبین كلام علي هیقل هو مجرد شرح مدرسي له حاول حجة الإسلام ومن هنا لیس النقد نقصًا للأعمال والنصوص على طریقة الغزالي فما أي صمد ومازال یفرض نفسه علینا , نقضه عند الفرابي وابن سینا كان أقوى من هنا یتهافت ,وبحثنا على قرائته والتفكیر فیه ولیس النقد تكذیبا للخطابات و الأقوال علي طریقة أبي العلا المعري في موقفه من مقالات ه الدغمائي والأحادي للحقیقة فالنص النبوي وعلى طریقة صادق جلال العظم في مفهوم, الرسل مثلاً لا تكن أهمیته في كونه یروي الحقیقة أو یتطابق معها بل تكمن بالدرجة الأولي في حقیقته .13ص, نقد النص:علي حرب-)1( 69 أي في رؤیته للوجود وفي ألیة إنتاجه للمعني وفي كیفیة تعامله مع الحقیقة أو في طریقة في , هو .)1(الكلام على الأشیاء ل مع النص من منضار جدالي تهافتي فالنص القوي الهام لا یتهافت مع لا معني للتعام ربما هو یتیح لنا أن تناقضاته واختلافاته بالأحرى یتیح لنا أن نقوم بنقده وتفكیكه , النص لاستكشافه من جدید والمثال الأبرز علي ذلك قراءة میشال فوكو للنص الأفلاطوني خصوصًا في .اكمت فیها التأویلات المختلفة والتفسیرات الماورائیة والأفلاطونیةفبعد قرون تر , مسألة الحب إذ یقول أن الحب بالمعني الأفلاطوني لیس إستعبادًا للجید بقدر ما هو رؤیة الوجه الأخر أي البحث عن حقیقة الحب بوصفه علاقة بالحقیقة یتحول معها العشق الحقیقي إلي , للمسألة لأفلاطون نشهد أولاً علي أن النص القوي هو أقوي من محاولات وقراءة فوكر ل, عشق للحقیقة أي یصعب حصره أو إختزاله إلي من یشرحه ویتعلم منه بقدر ما یحتاج إلي من یقرأ , تصنیفه قراءة فاعلة منبحته تقرا فیه الحقیقة الأن الخطاب الذي یكون مجرد نص علي الحقیقة ینتهي أما النص الذي یفرض نفه فهو بحثنا دوما للرجوع إلیه , حقیقةبنتهاء الوقائع التي هي إجراءات لل .2لفهم الواقع والحقیقة بكلمة النص لا یقول الحقیقة بل یفتح علاقة مع الحقیقة :إستراتیجیة النص/ 6 لا مجال , في الرؤیة الكلاسیكیة ذات الطابع الماورائي والصادرة عن نزعة الإنسان المركزیة وهي مصدر الرغبة , وحدها الذات الإنسانیة في هذه الرؤیة, یة النصوصللحدیث عن إستراتیج نقد الذات , ولكن النقد, وهي التي تتخذ التدابیر والإجراءات وتضع الخطط والاستراتجیات, والفعل .والثاني التمثیل, الأول هو مفهوم التمثل: والنص زعزع مثل هذه الرؤیة بتفكیكه مفهومین .13ص ,نقد النص:علي حرب-)1( .13ص, نقد النص:علي حرب-)2( 70 أن الذات لیست بریئة في تمثلاتها للعالم والأشیاء إذ یقوم بینها لقد كشف النقد أولاً , وكشف ثانیا أن الخطاب لیس شفافًا في تمثیله لعالم المعني...والشخوص والصور والإسهامات بل إن للمسألة وجهها الأخر وهو أن , فلا الذات تقطع المعاني البكر ولا الكلام مجرد آلة للفكر أن النص هو عمل متشابه مراوغ یقع الذات یقع أبدًا علي هذه الحدود بین الكلام مخادع مخاتل و أو , أو بین الوضوح والغموض, أو بین الرؤیة والعبارات, أو بین المعني وظلاله, الكائن ورسومه بمعني أنه یستعملنا , أو بین الجد واللعب فهو یلعب فعلاً من وراء الذات, بین الرغبة والحقیقة .)1(مله ویقودنا من حیث نقودهم أننا نهبه الوجودبقدر ما نستع فلا ینبغي التعامل مع , وبالإجمال إذا كان النص لا یقول الحقیقة بل یخلق حقیقته بما , النصوص بما تقوله و تنص علیه أو بما تعلنه وتصرح به بل یما نسكت عنه ولا تقوله مؤلف النص بل أن نلتفت إلي , به تخفیه وتستبعده بكلام أخر ینبغي أن لأنهم فقط بما یصرح . مالا یقوله الكلام بمساءلته واستنطاقه أو بتحلیله وتفكیره بنیته مثال أن ذلك صاحب النص قد یصرح بأنه عقلاني فیما یقوله ویذهب إلیه ولكن التحلیل قد ال كما كشف میش, یكشف عن اللاعقلانیة المتواریة وراء الكلام أو الغائرة في طبقات الخطاب فوكو عما ینطوي علیه الخطاب العقلاني الدیكارتي من ضروب الحمق والجنون واللامعقول والعكس صحیح فقد یصرح مؤلف النص بأنه عرفاني أي یعرف بالبنوءة والإلهام لا بالدلیل ولكن تفكیك نصوصه كما أتعامل ,والبرهان على نحو ما یصرح مؤلف النص إبن عربي في كتبه تتكشف عن جهاز مفهومي كامل یصدر عن عقلانیة مركبة واسعة هي أوسع , امعها وأقرأ فیه .)2(مما نحسب بكثیر بما یطرحه , هكذا لا یجب أن نأخذ بما یصرح به المؤلف من المواقف والاراء أو أن نوخذ بل بما یتأسس علیه ولا یقوله , فلیس النص بأطروحاته وبیاناته, النص من القضایا والأطروحات 15ص, علي حرب:نقد النص -)1( 15ص, علي حرب:نقد النص -)2( 71 ولا سبب , والنص سكت لیس الآن مؤلفه ضنن بالحقیقة علي غیر أهلها, مره ویسكت عنهبما یض كما ذهب إلیه بعض مفسري , ولا بغرض ترتوي تعلیمي یرمي إلیه, تقنیته من سلطة یخشاها ولان الدال یدل مباشرة علي المدلول هذا هو , بل الأن النص لا ینص بطبیعته على المراد, القران له صمته وفراغاته وله زلاته وأعرضه وله ظلاله وأصداءه فهو لا یأتر بأمر إن : سر النص المدلول ولا هو مجرد خادم للمعني ومن هنا یتصف النص بالخداع والمخاتلة ویمارس ألیاته في جراءاته الخفیة...الحجب أو المحو أو في الكبت و الاستبعاد , باختصار للنص ألاعیبه السریة وإ >> إستراتجیة الحجب << ته وهي مایمكن تسمی :آلیات الحجب/ 7 ا مضاعفا مثال ذلك الخطاب الإلهي : إذ هو یحجب داته ما یتكلم علیه, النص یمارس حجبً ا رغبة , أي بأن القول االله هو الحكم فإن مثل هذا القول یحجب أولاً طبیعة السلطة ویحجب ثانیً ویحجب ذاته أي كون النص نفسه , لخطابالقاتل له في ممارسة سلطته علي من یتوجه إلیهم با فما یصرح به الداعیة , وهذا شأن الدعاة وذوي العقائد, یمارس سلطته علي السامع أو على القارئ وأنه یتصرف إزاء سواء بوصفه أولى منهم بأنفسهم وبكلام , هو أنه یدافع عن مرجعیته وسلطانه یكون الإیمان و الصدوع یأمر ربك أصرح فمنطوق خطاب الداعیة أنه یدعوك إلى أمر ما قد ولكن ما یستتر علیه خطاب الداعیة , وقد یكون الانخراط في مشاریع الثورة والتحریر أو التغییر أي كونه یصبح مصدر الأمر وأنهي , هو كونه یمارس سلطته علیك فیما هو یدعوك إلى الأمر ووظیفة , هم إلى ممارسة حریاتهمولهذا فإن داعیة الحریة یؤسس لسلطته علي عیره فیما هو یدعو فهذا الخطاب إذ یدعوك , مثال أخیر بارز ی