العمدة في اللسانيات وتحليل الخطابمجلـة 15- 30ص ، (0020) ،03ع/ 04 المجلد 30 المنتج للسّخرية مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم مقامات ورسائل الوهراني. في Self-refraction's manifestations and the effectiveness of the discourse of pain, that produces satire, in the posts and letters of al-Wahrani. 1سليم سعدلي، Salim saadelli جامعة محمد البشير الإبراهيمي برج بوعريريج، University of Mohamed Bachir Brahimi, Bordj Bou Arreridj salimsadeli9@gmail.com 41/10/9191 تاريخ النشر ، 41/14/9191: تاريخ القبول 41/44/9142تاريخ الإيداع: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فكتاباته بمثابة غوص -وفق هذه الرؤية-تندرج مقامات ورسائل الوهراني ضمن الأدب السّاخر :ملخص يومية المريرة بواسطة أشكال أدبية مختلفة وعلى ذلك، فإنّ منهج البحث يتحدد انطلاقا في كل الوقائع ال من التصور الحفري للمعرفة الذي يبحث في تشكيل المعنى وتجاوز منطوق الخطاب، والكشف عن آليات رتقاء من اشتغاله لفهم ماهية الألم وتحويله لوعي فني يصور لنا كنه الذات الإنسانية، ثم السعي نحو ال وجع الألم إلى شعلة الصمود والتحدي عن طريق بلاغة تنهل إمكانيات التخييل، وذلك ما سوف نحلله في هذا المقال من خلال الوقوف على مظاهر انكسار الذات في مقامات ورسائل الوهراني وإمكانيات التخييل .المسؤولة عن إنتاج خطاب السّخرية ر الذات؛ الألم وفعالية إنتاج الخطاب السّاخر؛ استنطاق المسكوت عنه مظاهر انكسا: كلمات مفتاحية بلاغة تمثيل الواقع... Abstract; The writings of Al-Wahrani are part of the satirical literature. This is the result of his vision. His writing is a dive into all the bitter daily events through different literary forms. The research approach is determined by the fossilistic conception of knowledge, which examines the formation of meaning, To understand the meaning of pain, and turn it into a consciousness of art that depicts us as the human self, and then the quest to move from pain to the flame of steadfastness and challenge through eloquence, the possibilities of imagination, and what we will analyze in this salimsadeli9@gmail.com1 - المؤلف المرسل، سليم سعدلي، الإيميل mailto:salimsadeli9@gmail.com mailto:salimsadeli9@gmail.com mailto:salimsadeli9@gmail.com مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 31 article by standing on the manifestations of self-refraction in the verses and messages of Al-Ahrani and possibilities T Khayal is responsible for producing a satirical speech. Key words: Self-refraction's manifestations, Pain and effectiveness of cynical speech production, Questioning the silent, Reality rhetoric. تقديم : - " حياة البشر كلها زاخرة بالهموم، وليس هناك خلاص من تلك الهموم، فأفكارنا حسب نيتشه يجب أن نشاركها بكل ما لدينا من الدم والقلب والحماسة -بما يشبه الأمومة-أن تولد دائما من الألم، وعلينا يل يعلم الذات الإنسانية أنْ إنّ العمر الطو .1والبهجة والهوى والوخز والمحنة والضمير والقدر والشؤم" سان ل يؤتمن، لأنه يعرف كيف ّ بالصمت لإخفاء الداء، فالل َ تتألم في غربتها، أنْ تتحمل جرح الآخر، أنْ تلوذ ينتقد رغبات البشر الغريبة ويجلب على نفسه بنفسه أقس ى الآلم؛ فليس من الضروري أن تنطق الذات . فما الألم، وما محله في الخطابات التي تنتجها 2ونتها المستمرةبما يسر الأذنين، بل بما يحفظ لها كين المخيلة الإنسانية؟ يتوقف معنى الوجود بكامله على الألم؛ حيث إن للوجود معنى بقدر ما للألم من معنى في الوجود ة الفعل كذلك. والحال أن الألم رد فعل نبع من مؤثرات خارجية، ويبدو أن معناه الوحيد يكمن في إمكاني تحديد موضع أثره وعزله بهدف تفادي -على الأقل-برد الفعل هذا عن طريق مواجهات تكابد الألم، أو التلاش ي الذاتي. إنّ المعنى الفاعل الخاص بالألم يظهر إذن كمعنى خارجي تصنعه قساوة الغربة، ولكي ، نحكم على الألم من وجهة نظر فاعلة يجب الإبقاء عليه في عنصر خارجيت ً ه، وهذا يتطلب منا فنا كاملا ، ً هو فن الذات الصّامدة. إنّ لدى هذه الأخيرة سرا ، هو إمتاع أحدهم)..(. وإذا كان الإنسان الفاعل قادرا على أل يحمل ً فهي تعرف أنّ للألم معنى واحدا من القدماء يمتعه ذلك الأل ً ه يتخيل دائما شخصا ّ ولهذا .3مألمه الخاص به على محمل الجد، فذلك لأن التخيل دور بارز في الأساطير اليونانية التي تصور معاناة "بروموثيوس" الذي أرس ى معالم الألم في الثقافة الإغريقية، وثمة نزوع في الوقت الراهن للتذرع بالألم كحجة ضد الوجود وهذه المحاجبة تنم عن طريقة ، بل من وجهة نظر 4نظر ذلك الذي يتألم في التفكير، طريقة ارتكاسية ل نضيع أنفسنا فقط من جهة م سعدليــــــــــــــسلي 32 إنسان الضطغان الذي لم يعد يفعل بردود فعله. فلنفهم أن معنى الألم الفاعل يظهر في منظورات أخرى، ليس الألم حجة ضد الحياة، بل هو على العكس من ذلك محفز للحياة والستمرارية؛ طعم الحياة حجة الألم، هو بنية للحياة كحياة فاعلة وتجلٍّّ فاعل للحياة. إنّ للألم لصالحها. إنّ رؤية الألم أو حتى إنزال لصالح الحياة، هو معناه الخارجي. تشمئز رقتنا أو بالأحرى نفاقنا من أن تتمثل بكل الطاقة ً معنى مباشرا ات ّ ذ َ ها المطلوبة إلى أي حد كانت القسوة متعة البشرية البدائية المفضلة، وكانت تدخل كتوابلَ في كل ل والأشد امتدادا ً ، ل كاستمتاع من دون قساوة، هذا ما ينبئنا به تاريخ الإنسان الأكثر قدما ً .5تقريبا الغتراب في المقامات والرسائل: -1 للألم ً يمكن لقارئ كتابات الوهراني وناقدها اعتبار هذا الإنجاز السّردي السّاخر "ذاكرة ضمّنها الكاتب وقائعَ مع ُ اناته في غربته وتأملاته بصدد الألم الذي صادفه في رحلته، وما الإنساني" حيث رافقه من تفاصيل التشوه الأخلاقي وأحاسيس الوحدة، والنهيار التدريجي للكيان الذاتي. كما صَوّرَ ببلاغةٍّ لأجل جريئةٍّ حارةٍّ آماله في النهوض والمقاومة، والجهد الخارق الذي بدله الجسد العليل، المحكوم بالفناء ت العيش وصروف الحياة َّ لا ب من ج ً المقاومة والصبر وترويض النفس على قبول العلة، بوصفها جزءا لما امتلكه من ولغرابة في ذلك، فهو يمثل ً حالة نثرية متميزة في تاريخ الأدب العربي قديمه وحديثه نظرا .بية )الجزائرية(سلطة رمزية ومرجعية كرسته باعتباره الوريث الشرعي للمقامات الأد وما راكمته من تراث فني وجمالي عبر العصور وهذا ما يؤكده أحد الباحثين بقوله: نصوصه السّردية متحررة، صارخة، عرف الكتاب بالمنام الكبير " تلازم منتجها أبا عبد الله محمد بن محرز بن محمد بَ بـ"ركن الدين") قّ ُ على ه(، فالمنام الكبير ا575الوهراني الذي ل ً لذي أنشأه على هامش رسالة بعثها ردا كتاب المولى الشيخ الأجل الإمام الحافظ، الفاضل الأديب جمال الدين ركن الإسلام، شمس الحافظ فخر ، ينهضُ بوصفه المنام الأدبي الأشهر في الذاكرة السّردية التراثية، وبكونه الأثر الأدبي 6الكتاب، زين الأمناء" م البشري الذي نجده في رسالة الغفران وفضاءات القيامة التي عادة ما تلجأ إليها "العابق بأصداء اله مَعْبَرٍّ للتحرر، الأمر الذي دعا عدة باحثين لإجراء مقاربات نقدية بينهما. ينطلق الكاتب من َ الذات المبدعة ك قامات ثم يضمّن مادته نوع سّردي آخر غير المنامات وهو موضوع دراستنا المتواضعة كـــــ:"الرسائل، والم ً . 7السّردية السّخرية التي يوظفها لخدمة السّرد الأصلي على الصعيد الفكري والجمالي معا خارطة خاصة في جغرافيا "الخطاب السّاخر"، -وبفرادة -لقد استطاع الوهراني أن يرسم لنفسه عميقا ف -كما استطاع أن يحفر لجنسه الأدبي)الرسالة ً ي قلوب قارئيه قبل أن يحفره في المقامة( خندقا مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 33 مه منه أئمة السّرد العربي. ولعلّ هذه الدراسة التي نخصصها أرض نثرنا الحديث، َّ هذا الإنجاز الذي تسل لدراسة مظاهر انكسار الذات وكيف ساهمت السّخرية المريرة في القبض على معالم الكون السّردي .8الأعمال بوعي جمالي يقظالساخر التخييلي الذي شيده الوهراني في هذه -كانت مقاماته ورسائله المريرة، هي النافذة التي شكلت عالمه السّاخر. دون أن نلقى إجابة مقنعة كيف يستوي الضحك)المرح( والحزن)البكاء( وكيف يتشابه في أذن المتلقي صوت المنقذ)البشير( الذي هم حياتهم الخاوية بسعادة طال عليهم أمد يؤذن بميلادٍّ لحياة جديدة، انتظرها بعضهم، لتملأ علي انتظارها، وصوت الناعي وهو يعلن على الأحياء فجعة الغربة)الرحلة( وقسوة الرّحيل؟ هل جاء ذلك التشابه بين الأضداد الذي حدثنا عنه الوهراني من إدراكه الواعي لعمق المأساة الإنسانية؟ "مأساة هذا ، أو بتعبير آخر، "الظهر والوجه، 9حك)الهزل(، أو الحزن بالسعادة"الوجود الذي يمتزج فيه الألم والض ويكشف في الوقت نفسه 10وما يوحي هذا التعبير أو ذاك من أن السعادة والشقاء يؤكد كل منهما الآخر" عن التناقض الكامن في وجودهما متلازمين. إلى حد كبير، أن الحديث عن سخري ً ة الوهراني المريرة، التي ومن جهة أخرى، فربما كان واضحا تجلت في "مقاماته ورسائله"، تعدّ تعبيرا عن إثبات الذات، وفي الوقت نفسه يجد فيها القارئ مظاهر انكسار الذات، كل هذا يأتي من رؤية واقعية معاشة تبرز في جلاء حقيقة وجودنا في هذا العالم، هذه فها العقل المحدود بأ ّ ما يغل ً الحقيقة التي غالبا ً غلفة من وهم، ومن ثم لم يتح له أن يرى الموت معانقا الترح. ولذلك كانت تلك الفتتاحية التي استهل بها مقامته البغدادية ً ، نموذجا على الحياة والفرح ملازما ذلك كقوله: " لما تعذرت مآربي واضطربت مغاربي، ألقيت حبلي على غاربي.. ير إل قرعت بابه، ول بقاض إل أخذت سيبه، وأفرغت جيبه .فما مررت بأمير إل حللت ساحته، ول وز هذه الفتتاحية تضع الوجود الذاتي في مأزق العبثية .11وتقاذفت بي الأمصار..." الأعاصيرفتقلبت بي والسّخرية من الذات تحت إحساس أنّ الذات تعيش في وهم زمني لتدرك عبثية الكينونة الذاتية، بل ، هو التسول وقرع أبواب الوزراء والتوسل بالقصص 12بقى الخيار الوحيد أمامهاوعبثية الحياة ككل لي وما يعلن لنا في كلماته الأولى عن عبثية الحياة ول جدواها، كقوله: تعذرت مآربي الظريفة على حد تعبيره, طرة. ول اضطربت مغاربي، ألقيت حبلي على غاربي، فيجعلنا نتصور حجم المعاناة التي طالت الذات المنش لَ هذا الإدراك المتقدم ف ْ غ ُ لعبثية الحياة كما تناولها أديب راحل من أدباء العبث -زمانيا-نستطيع أن ن م سعدليــــــــــــــسلي 34 يخبرني بطريقة بأنّ العالم ل مجد. أما عكس الإدراك أي ً المحدثين عندما قال: " وهكذا فإنّ الإدراك أيضا في أنّ الوهراني لم يكن صاحب ذلك "العقل . ول جدال13العقل الأعمى، فقد يدعي أنّ كل ش يء واضح" الأعمى" الذي يرى الوضوح في كل ش يء يطالعه، ول يحتاج معه إلى إثارة زوبعة من التساؤل تنغص حياته اكَ منه، فهو ل يتوقف عن التساؤل بحثا عن إجابة ربما كان السّراب أقرب َ ك َ وتغمره بفيض من قلق ل ف خاصة عندما يحنّ ً إلى الماض ي، مثل قوله: " فقال في نفسه: أترى الذي خلقني وبراني يعيدني إلى منها تحققا بالسادات من بني عامر أتراني أحرق الشيح والحوذان أتراه يجمع شملي في كفر عامر جنّة الزّبداني . "14وأعبر تحت أبيات بقين والقين الذي عند عيون حور بلودان تمنيت أن أكون كالقن لها الحنين إلى الماض ي وتذكر الأيام ومختلف العلاقات هذه ال ّ ما يعل ً عبارات يجمعها تواصل مفارق كثيرا مع غموض -ولكنّه التي ترابطت نتيجة تفاعلات وانفعالت استظهرتها مثيرات اختلاف المكان و الزمان، نهاية المطاف بعبثية ل يعرف التوقف عن المحاولة التي يلتقي معها في -السّر واستحالة فض مغاليقه الحياة و"استحالتها" هذه الستحالة التي تتمثل في "محدودية أمام اللامتناهي بالأسوار الغاشمة المعتمة التي يرتطم بها في كل مرّة يحاول فيها أن يبحث عن الوحدة والوضوح في عالم يسوده الضطراب التي فرضت وجودها على حياته، فالرحلة . هو ما يخلف هذا الإحساس والمعاناة القهرية15والظلام" المشرقية والزمان المدّمر والعصبية المشرقية تجاه المغاربة والفقر، هو الذي حمل في طياته ملامح تشكل عالم الوهراني السّاخر. فقصور الرحلة الإنسانية والإخفاق في الحياة من السّمات الواضحة التي ألحَّ على إبرازها يشير بطريقة ما إلى الصلة التي ل يمكن إغفالها بين الإخفاق والتفاؤل وما يعنى هذا كله من الوهراني فهو من ناحية الإقبال على الحياة من ناحية، وبين المرح المحدود والتشاؤم أو "العجز عن ذوق الحياة" ثانية. من الأسئلة الحارقة التي ً جارفا ً تخص الوجود الفردي والمصير تثير كتابة الوهراني المريرة سيلا في الموت واكتوتْ على نحو فاجع بالتواري ً الجماعي. إنّها هجاء لذع لذاتٍّ رقيقة حساسة حدقت طويلا والعدم. وهو ما سمح بتشكيل "سرديّة ساخرة" تتسم بجدل متوتر بين الذاتي والكوني، الواقعي والخيالي الية صبغها الكاتب بسيرة ذاتية تطمح إلى القبض على والفجائعي؛ فهذه السّخرية تتكئ على شرعية جم . 16المستحيل الممكن الذي يحتضن سؤال الوجود عبر لوعة المعاناة ومأساة الرحلة المشرقية مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 35 وقد حاول تجاوز نصوص نمط الفتتاحيات المعروفة بالواقعية ليبني كتاباته على "النفتاح ل التجربة الإنسانية والنفعالية في قالب فني وجمالي؛ حيث النّص ي" وقد مكنته هذه الستراتيجية من نق كاتبٍّ وضعته الأقدار في مواجهةٍّ مع العصبية المشرقية بكل أسلحتها القصائية، َ صاغت نصوصه تجربة نُ بها من تَحَصَّ َ في حين تقف الذات المغربية وحيدة في عزلتها المأساوية ل تملك سوى "الجماليات الأدبية" ت .17أجيل تهميشها وتثبيت وجودهاأجل ت لقد شيّد خطابه السّاخر، فكان فردوسَه الذي يطلُّ منه على الهاوية، أو لنقل هو ظل يستظل به الكاتب في جو الإحساس الخانق الذي فضح هشاشة الأنظمة الرسمية وكشف القناع عن الواقع المشرقي الذي يكرس الهزيمة والستسلام. للاستقرار والعمل، لم يعد لم تفسح له دواوين ً صناعة الإنشاء كما يحكي "ابن خلكان" مجال لنكسار الروح والسعي نحو بديل آخر يمجد النتصار. وقد مثل ً يملك أمام هذه الخيبة سوى الهزل، نظرا ه يقوي الذات ويحميها من النصهار في الذات الأخرى. ّ هذا النوع من الهزل أرقى أشكال المقاومة، لأن ّ إنّها سخرية الكاتب الممتلئ بتجربة إنسانية كبيرة وفجيعة ل يستطيع النفاذ إلى كنهها العميق إل بالسّخرية التي في حدّها الجد واللعب. قد أصبح الوهراني في هذه النصوص أكثر صلابة، وأصبحت شخصيته شخصية تحارب بلا ه فقد مخاوفه لكي تبقى السّخرية حيّة، وأص ّ بحت هذه الكتابة مرحلة الهجاء "الكلي الشامل" أوهام. إن ومن أجل كل ش يء. ً ومعها أصبح الكاتب يسخر دائما لقد بات الفقر)التشرد( الذي يتهدد الذات السّاردة، اغتراب وجودي يعيشه الوهراني بعمق فاجع، وهو ما وجعلت مذهبات جعل لحظة انتظار الموت تتحول إلى ضغط نفس ي رهيب، كما يظهر من هذا المقطع،" فما مررت بأمير إل حللت ساحته واستمطرت راحته، ول بوزير إل قرعت بابه وطلبت …الشعر بضاعتي فرماه الدهر بالحظ المنقوص وطرحه إلى أرباض مدينة ثوابه، ول بقاض إل أخذت سيبه، وأفرغت جيبه... . 18والصير وفراشه الأرض والحصير"قوص، يتلقى في حر السّعير وليشبع من خبز الشعير إدامه البصل للهم البشري إزاءَ الحظ المنقوص الذي قذفه في أكناف مدينة ً يمثل هذا المقطع في عمقه تصويرا لمأساته الأبدية في مكابدة الألم، ومناشدة السّعادة، واستبعاد الموت ً ، فهو يحكي لنا 19قوص، واستبطانا ح ياقوتا بين يديه، وفراشه المتمثل في الأرض والحصير. أيامه تحت وطأة السعير، والخبز الذي أصب م سعدليــــــــــــــسلي 36 وكذلك نجد الخطر المحدق بالكاتب، يشكل حالة ذهنية مضطربة يتعانق فيها الواقع والحلم، متنوعة بواسطة جملة من ً نجم عنه جدل سردي سّاخر، لحمته حركة الخيال السّردي، التي تتخذ أشكال ، وهي تحاول تخليد ذاتها 20لتي تجسد معاناة الذات المغربية في توهجها السّرديالإمكانات التعبيرية الماتعة ا عبر رؤيا منامية، كما يظهر من هذا المقطع" ولقد فكر الخادم ليلة وصول كتابه إليه في سوء رأيه فيه، من مطالبته له بالأوتار الهزلية بعد الزمان الطويل، ً وامتنع وشدة حقده عليه وبقي طول ليلته متعجبا ما يُهمنا في هذا التوظيف . 21عليه النوم لأجل هذا إلى هزيع من الليل، ثم غلبته عينه فرأى فيما يرى النائم" الخطابي المحكم، هو مقدار التحول من الحالة المضطربة التي اعترت الكاتب جراء الحقد الذي التمسه تتحول معاناته التي تتخذ صورة الفجيفي رسالة شيخه؛ " ُ عة إلى حضور جمالي فياض" ينتجه حيث الخطاب المنامي المشهور به ) فرأى فيما يرى النائم(. يسخر من فجيعته، لكي يصوغ كتابته الفريدة والمتفردة التي يواصل من "خلالها ديمومة الخلق في أخ ً عبقريته النثرية السّاخرة التي مكنته من الحفر عميقا ً اديد ذاته والإبداع وتجديد الرؤى مستلهما . كما يظهر من خلال رسالته: "مني إلى أمي، أما بعد: فإني ما أفلحت 22التي امتلأت بكل أسباب الغياب" عندك ول ها هنا، دخلت القيروان بكرة، واشتهيت أخذ الولية ضحوة وأتزوج بنت السلطان عشية، فلم وأشتري الخبز إلى أن نفذت البضاعة تساعدني المقادير فرجعت إلى سوق البز أبيع وأشتري أبيع ثيابي فلزمت المساجد في أوقات الصلوات أسرق أحذية المصلين، وأرهنها عند اليهود الخمارين، على النبيذ في .23المواخير، طيبي قلبك من جهتي، وإن قيل لك عني إني مدبر فلا تصدقي، والسلام" ام توليف يتشرنق حول طاقة تخييلية تشتد المساءلة، عندما نقرأ هذه الرسالة ونجد أنفسنا أم عالية فمن جهة، يعترف بالسّرقة، ومن جهة أخرى، يحافظ على صلاته، كل هذا يتموضع على جدارية تهكمية متلونة بتلك التجربة الإنسانية القابعة وراء ذوبان النفس في وجع الختناق العلائقي بين المبدع والمحيط. ن الذات،" فالعمل السّاخر ينبغي عليه بدوره أن يسخر من ذاته يلجأ الكاتب إلى السّخرية م بمعنى أن السّخرية هي بمثابة النقد الذاتي، ولو نظرنا إلى الإنسان الذي يسخر من نفسه ليحول الأنظار هُ، فهو هنا مظهر للإحساس بأنّ الآخرين َ من الضحك منه أو من عَمَلٍّ عَمَل ً إلى الضحك من قوله بدل هَا سوف يسخر ع ْ ون منه، مما جعله يسرع إلى السّخرية من نفسه ليخفف من حدة النظر إليه أو من وَق ، وقد يسخر النسان من " نفسه لينجو من حملة المجتمع عليه، وذلك حين ينتبه إلى عيب فيه، 24عليه" مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 37 و يبعث أو حين يشعر أن المجتمع منتبه لهذا العيب وقد يسخر من نفسه حين يأتي بعمل يثير ضحكا أ الآخرين على السخرية منه، ودون أن ينتظر حدوث ذلك يبادر بسرعة إلى السّخرية من نفسه ليمنع نفسه من أن يكون هدفا لغيره "وفي الوقت نفسه يوحي إلى المجتمع بأنه قد تسامى على عيبه عن طريق ه، فهو ينقل معاناته بأسلوب وهذا ما ذهب إليه الوهراني في الرسالة التي بعثها إلى أم 25الستخفاف به" هزلي قبل أن تقوم الناس بايصالها إلى الأم، مما جعله يسارع إلى السّخرية من نفسه ليخفف من وطأة نظرة الناس إليه والستخفاف به. وحتى في النّصوص المستغرقة في جلد الذات وندب غيابها، تبدو صيغة من صيغ التحدي السّردي السّاخر لبتداع السّخرية التي ينسجها الوهراني بكثافة وتطرف لفت، "مخيلة مغربية" تقاوم ولو بشكل تبسيطي ذلك الوجود المشرقي كقوله:]أسرق أحذية المصلين[، ]واشتهيت أخذ الولية ضحوة، وأتزوج بنت السلطان عشية فلم تساعدني المقادير فرجعت إلى سوق البز أبيع وأشتري أبيع ثيابي[. ى الرسالة السابقة التي كتبها الوهراني إلى أمه، نسنتج خاصيتين: وبالعودة إل ثل هذا الطرح السّردي الذي تصوره لنا هذه 26الخاصية الأولى: توفير جو ّ المأساة لستدراج القارئ -1 : م الرسالة، يجعل السّرد قريبا من بعض المفهومات المتوقعة التي قد تنجر عن ذات مغتربة، ومن ثمة يصبح من الواقع الذي يمكن أنْ يمرّ به أي شخص، كما ل يجد القارئ غرابة في هذ ً ا التصوير المأساوي أكثر قربا تلك الأحداث التي تمر بها "الذات المتشظية" والتي تتراوح بين فعلين متناقضين: فعل السّرقة الذي تقر به ها هي مجموعة من كسرقة أحذية المصلين وفعل التبرئة الذي تورده في نهاية الرسالة ّ ل ُ . فكأنّ الرسالة ك المشاهد تعرض الظفر بالش يء وفقده في الوقت نفسه؛ غا، نظرا لمساحة السّرد الضيقة، يجعل النتقال من حدث إلى قد يكون مسوَّ ً ما يعني أنّ هناك تسارعا المرور من حدث غيره يتمّ بسرعة كبيرة، أو نسميه "النتشار الساطع"؛ أي أنّ هناك اختزال في مسافة ب المأساة المصورة 27فاجع إلى حدث فاجع مثله أو أكثر حدّة منه َّ . هذا الأمر هو الذي يجعلُ القارئ يترق التي يمكن أن تحيط بمخيلته، ويُصبح في الآن نفسه مشفقا على وضعيتها في مجتمع ل يرحم، ومع أنّ و الفقدان تتعارض مع ما يعرفه القارئ عن أمنية أخذ الولية، أو زواج بنت السلطان، أو السّرقة، أ أنّها استطاعتْ أنْ تصنع منها أحداثا مأساوية تتنامى بفضل القدرة على التأثير في القارئ بطرق ّ الذات إل السّرد السّاخر القائمة عندها على المرواغة البلاغية. م سعدليــــــــــــــسلي 38 كن لأي قارئ لهذه الرسالة أنْ لكنّ ما يُهمُّ في هذا التوظيف الخطابي، هو مقدار التأثر الذي يم ينتابه، والسبب ليس في المغايرة في الطرح، ول في تناقض السّارد، ولكنّه في الجرعة الهائلة من الصدق ومن .28الجراح التي يجدها القرّاء في انتظارهم ة المأساة لتحقيق التأثير-2 حداث أحداث الرسالة المأساوية وبعض الأ :29الخاصية الثانية: رفع حدَّ رنا بتعريف أرسطو للمأساة التي اعتبرها وقائع تثير الرحمة والخوف ّ الفاجعية التي تتهاطل على الذات، يُذك ، وكأنَّ الذات حسب رأي الباحث "محمد الأمين 30في المتلقي، فتؤدي إلى التطهير من هذه النفعالت ث عنه أرسطو فيما يتعلق بالم ة المأساة إلى سعدي" تعيد بطريقة سردية ما تحدَّ رفعتْ حدَّ ْ سرحية؛ إذ درجة تجعل القارئ يتأثر بها ل محالة، لأنّها جعلتْ من حالتها تمظهرا حقيقيا للمعاناة وللعذابات المتكررة، ث أرسطو عن ومن ثمة يحصل مع القارئ تأثير يشبه ما يحدث تقريبا لمشاهد المسرحية ولهذا حين تحدَّ ف على نحوٍّ يجعل من يسمع وقائعها يفزع منها وتأخذه الرحمة المأساة، أوضح أنَّ الحكاية َّ يجبُ أنْ تؤل .31بصراعها وإنْ لمْ يشهدها يستطيع القارئ أنْ يشعر بآلم الذات وهي تنتقل من أمنية ثم إلى أخرى بصدق، ومن وجع عارض إلى وق البز أبيع وأشتري أبيع )فلم تساعدني المقادير فرجعت إلى س:وجعٍّ مترسّخ وعميق، وقد جاء على لسانه ثيابي وأشتري الخبز إلى نفدت البضاعة...(، فهو هنا يعبر عن أشد وأقص ى أنواع العوز المادي، هكذا يتحقق التطهير بعد تأثر عميق بما ترويه الرسالة المقتضبة ويحدث للقارئ في هذه المرحلة، أن يغرق في مر عليه الذات خاصة إذا عاطفته التي تتماهى مع ذاتٍّ تبيعُ ثيابها لتشت ُ على نفسه ما ت ً ر ي قوتها، مُسقطا أنّ ما قرأه هو تدوين على الورق لجراحات قد تكون حقيقية؛ أي ً تعرضَ لمثل ما تعرضتْ له، ليشعر حقا مستوحاة من واقع مشرقي معيش، وربما تكون متخيلة مصبوغة بنبرة خطابية ساخرة، والحقُّ أنّ لذات تعيش هذا الحجم الكبير من الأوجاع والآلم، لأنّ المنفذ الوحيد هو مضامين الرسالة، مناسب ً ة جدا البوح والتعبير بسخرية ويرمز البتداء بالعتراف والختتام بالتنكير إلى النفس المضطربة التي تحاول كسب وهذا نموذج لحجم الآلم القارئ وكأنّها تعترف له بآلم دفينة وفي الآن نفسه، تعتذر منه وتنفي التهمة عنها، التي مرتْ بها الذات في خضم رحلتها الشاقة. ، فالخطاب لديه؛ سمفونية هجائية تصور الواقع الأليم، ولذلك جاء الخطاب السّاخر ً إذا تاب الذين ُ من إيمان الكاتب بأنّ "السّخرية الحقيقية" ل تموت والك ً ببلاغة الحياة المعتقة انطلاقا ً مفعما يستحقون ً غائرا ً بعد موتهم. ومن هنا كان الخطاب السّاخر عنده نقشا ً هذه التسمية يعيشون طويلا مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 39 تحفره الذات الموجوعة في ذاكرة الزمن حتى تقاوم غيابها ولذلك جاءت الكتابة النثرية عنده مجللة بمهابة ً يدفن فيه جروح الذات في الهجاء الفاجع، فهي السّلاح الوحيد والأخير التي أراد من خلاله أن يكون ملاذا لحظة استثنائية تواجه فيها هذه الذات قهرها بجماليات الستعارات المتوهجة التي تفيض عن حدود النص لتعانق اللانص وهي الرسالة نفسها التي أخذها أدباؤنا على عواتقهم عبر التاريخ لمواجهة الصراع مع 32التحجر والنحراف والدين المخالف للناس. الذات السّاردة في مواضع أخرى من نصوصه، التغلب على المعاناة التي تتهدد وجودها الجسدي حاولت ه في ذاكرة الزمن. عن طريق استحضار صورة البلد الأم التي تساعده على تأبيد كينُونت ت الجزائر "البلد الأم" بالنسبة إلى الكاتب الخيمة الأصيلة التي تأوي إليها الذات في لح َ ل ّ ظات الغربة من شك من تأكيدٍّ للهوية وتأييد لهويتها كما ظهر في هذا المقطع: ً ]وأكبت بها الأقران في وهران، أجل ما ذكرناه سابقا ، فاسم الوهراني كما هو ظاهر، لم يعد فقط اسم الحالة المدنية التي وأطلق بشكره اللسان في تلمسان[ من تصور للقارئ الهوية الجزائرية، بل دللة لسم ا ً لبلد الأصلي الذي بنى آماله ونصوصه عليه، انطلاقا زواج عسير بين البلد الحميم والبلد المعادي المنفتح على إبدالت اللغة النثرية التي ترسم ملامحه، لنصه النفتاح أكثر على أساليب الخطاب السّاخر. ً والمساهم في صنع مشهد المنامات الجديد ملتمسا وصه هذه بقي متمسكا بالمعاني الوجدانية، كالمناجاة الداخلية التي تخاطب فالوهراني في نص الأحبة وتصف لنا عبر عبارتها المتشظية متاهة الفراق الذي شاخت منه القلوب وتمزقت من خلاله الأحشاء التي أنهكها شوق لقاء الأحبة . " ولقد فكر الخادم ليلة وصول ، كما في هذا المقطع، نلتمس أيضا في كتابته كلمة "الخـــادم" من مطالبته له بالأوتار الهزلية ً كتابه إليه في سوء رأيه فيه، وشدة حقده عليه وبقي طول ليلته متعجبا بعد الزمان الطويل". بعد تفكيك كلمة الخادم تجدها تحمل في ثناياها دللة رمزية تعكس إيحائية تومئ المجازي" الذي يتهدد وجوده الجسدي. فكيف تعامل جماليا مع إلى سارد منكسر قريب من تخوم "الموت ؟المعاناة؟ وما أبرز العناصر التي توسل بها للقبض على متخيل المعاناة يواصل الوهراني سرد فكرة معاناته في بعض مقاماته ورسائله، موظفا سخريته السوادء من أجل بلاغة لموت المعنوي"، وهي تعبر عن حالة الكاتب الشعورية ساخرة مراوغة تسعى إلى القبض على " دللة ا والذهنية لكونه يعيشها بعمق وجودي، وفجاعية مستمرة، ويطمح في هذه المقامات إلى أنْ تشكيل لوحة م سعدليــــــــــــــسلي 40 فنية ل تخلو من أطياف الموت المتربص به، كما ترسمه هذه العبارات التعبيرية التي أحسن ضياغتها، كما اه الدهر بالحظ المنقوص وطرحه إلى أرباض مدينة قوص، يتلقى في حر السعير في هذه المقاطع:" فرم " أما بعد: ياغدار لقد هيجتَ وليشبع من خبز الشعير إدامه البصل والصير وفراشه الأرض والحصير.. "، ار، لما تعذرت مآربي واضطربت مغاربي، القيت حبلي على غاربي... فتقلبت بي الإعص الألم وقتلت النفس"،" وتقادفت بي الأمصار حتى قربت من العراق وسئمت من الفراق فدخلتها بعد مقاصاة الضر ومكابدة بالأبعاد الغرائبية التي تصور العيش المر...". من خلال هذا المقطع نجده ً زاخرا ً ميثولوجيا ً يستحضر عالما عديدة مستمدة من وقائع إضافة إلى إشارات ! حظه المنقوص، فكيف ل يكون كذلك وفراشه من حصير يومية دينية وثقافية تغني التجربة السّردية السّاخرة بما تقدم من ومضات تخييلية، تمكن الكاتب من لفكرة الموت التي يجابهها السّارد بعد ً كسر شبحية الغربة؛ حيث تشكل رموزٌ كالقوة والنتصار نقيضا مقاساة الضر ومكابدة العيش المر. ولذلك نجده يلجأ إلى الحوار الداخلي، المؤجج للمواقف النفعالية، لذلك يعمد إلى هجاء ذاته في لجدلية الحياة والموت التي ً ليماثل بين معاناة الذات ومعاناة العالم المشرقي؛ "حيث يأتي الحوار تأكيدا الموت باستثماره القدرة يقدمها في صور عديدة ومشاهد متنوعة يحاول من خلالها القبض على متخيل ، كما يظهر في هذا المقطع: "ل 33التعبيرية والطاقة التشخيصية التي تنطوي عليها اللغة السّردية السّاخرة" سيما ابن السبيل طالت به في الشام الغيبة، وعوقته عن الإسراع الهيبة حتى اكتال من اكتال وانكسرت ، عظامه وأنشد له: والمرء يسعى ورزق الله مق ً ، واحتذى أديم الأرض نعلا ً سوم. هذا بعد ما ركب الليل جملا ما يقطع أعناق الرجال ّ في اليسار والغناء: وإن ً بالغناء طامعا ً وخرج من باب الجابية، إلى رأس الطابية متلذذا المطامع. فوصل إلى القاهرة كالعاشر من خيول الحلبة والتاسع من أولد الكلبة، ليس له طبي يخصه ول لبن يمصه فوجد الأمور قد تغيرت عن كيانها والقصور تبكي على سكانها: ومن ذا الذي يا عز ل يتغير. فلول . 34الإخوان لما ردته أسوان، ولول الأصحاب لضاقت به الرحاب: إن المعارف في أهل النهى ذمم" لذات والموت الذي ينهض هذا المقطع على تصوير معاناة الوهراني عن طريق الحوار القائم بين ا يتربص به وسط هذا العالم الموحش، إنّها بلاغة ل تخلو من جمالية تسعى إلى رسم شبحية الموت، عبر التي وصلت إلى القاهرة في هيئة كلبة 35درامية الكينونة المنشطرة للذات"تشييد متخيله فهو يرسم لنا " أنّها لم تجده متاح ّ عقه، إل ْ ل َ تلهث ساعية وراء لبن ت ً صورة الذات الموجوعة المخترقة . يمكن القول بأنّها ا بالمشاعر المتناقضة، ل تفتأ تتأرجح بين عوالم القنوط والأمل، بكيفية طباقية تتجاور فيها تفاصيل الرعب مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 41 بها السّارد في والوجع مع تجليات الصلابة والنهوض ُ محاورة سردية ساخرة تحرك خيوطها المعاناة، يلوذ .36ت والغيابمواجهة المو لى جانب ذلك، نجد الذات تتوسل بفكرة الحوار مع خازن جهنم، فمن ذلك التقاء الوهراني وشيخه إ الحافظ العليمي بخازن جهنم ومحاورتها له، ومن أمثلة ذلك "وأما هذا المغربي فرجل قواد لشك فيه وأظهرتُ الهجوم وقلت له: ألمثلي يقال هذا ً الحديث والله لتندمن على هذا فاستشطت أنا عند ذلك غضبا الكلام، فقال لي: مالك: لعلك تريد أن تهجوني بشعر مثلما رأيت في صفائحك اليوم، أو تعمل فيّ مقامة تذمني فيها مثلما تفعل مع بني آدم، والله لألطمنك بالفلع حتى يبول القندلني على ساقيه...، يا أخي قد طير . في هذا المقطع صورة تهيئ القارئ لستيعاب 37اعة تشيب الولدان"هذا الجبار عقولنا ومرت لنا معه س دللت إيحائية توحي بتأويلات عديدة، يمكن أن يؤديها هذا السّرد السّاخر، وهي تقريب صورة الذات التي تقاوم خازن جهنم بكل ما تملك من حيل لغوية، محاولة النجاة من العذاب. ه يتسلل إلى وعي القارئ، أو ّ ص فيهيئه للنشاط التفاعلي إن على الأقل، يمنح القارئ حرية قراءة النَّ أم ل، فما 38المتبادل بينهما ً . لشك أنَّ القارئ لن يتساءَل عما إذا كان الهجوم على خازن جهنم وقع فعلا يهمه، هو أن الهجوم يستجيب لرغبته في الضحك، ولعلّ السّارد قد رتب هذا لإشباع هذه الرغبة التي عمل على إزاحة الملل، وهي بدورها تترجم الوظيفة الجمالية للخطاب السّاخر أكثر مما تترجم تفاصيل ت التخفيف من وطأة الصمت وبرودة الواقع الحقيقي، هذا الوصف المفصل تتجلى وظيفته البلاغية في في خرق النمط السّائد في السّخرية الأجواء، ً .39على نحو ما تتجلى وظيفته أيضا يواصل استخفافه بخازن -كعادته في استخفافه بشيخه-فهم القارئ مما مض ى، أنَّ الوهراني ي ، وكما يتضح مما سبق ذكره، فهو في موقف الهول وفي ً جهنم وبالتالي فسخريته آداة جارحة ل تستثني أحدا ه لم يبال بالأمر فيعمد إلى تحذير خازن أنَّ َّ جهنم بالهجاء. الساعة التي يشيب فيها الولدان، إل وفي مقاطع أخرى، نجد فكرة "معانقة اليأس وإكراهات الواقع"، نتيجة وجود بعض النماذج البشرية التي جعلته يمقت الدنيا فهيجوها من خلال هجائهم والنيل من قيمتهم، كما يظهر في هذا المقطع: ه لركاكة دينه، وضعف يقينه يصل ّ "وكتب إلى ابن الحليم الواعظ: ثم إن ً من غير ألم، ويبول قائما ً ي قاعدا ة، ّ بلة بقُبلة ومكة بصك مام والورد وينامُ ليلة القدر، يستحلُ بيع الق على فرد من قدم وتراه يسهر على النَّ م سعدليــــــــــــــسلي 42 ول يشتري حجة بعجة، ول عمرة بتمرة، قد أخرج مال الفتوح والصدقات، في وزن المهور والصدقات، . 40والأرداف وقد أفرغ في الوطء)الجماع( قواه..." ت الشنوفوصير مال الحبس والأوقاف، لربّا إنّ إحساس الوهراني بسخافة الوُعاظ، يكشف لنا مقته لهذه الدنيا اللعوب، وكيف كانت سببا في معاناته، حتى وهو يحاول الهروب منها. وكأنّ شعوره السّاخر الذي "يحلل النسقية الداخلية، يصف هو إدراكٌ ووعي 41تشكلها وإجلاء لوعيها؛ أي ما تسكت عنه ول تفكر فيه" مساراتها وعقبات وعوائق بالعبثية التي تطبع الدنيا بطابع اليأس والنحطاط والبلادة. يذكر الدارسون أنّ الذات "في محاولتها إغناء نفسها، ل بد أن تصطدم بما ل يريد الدخول في بالكراهية نحو هذا الغير النافر المتأبى حوزتها من الأشياء أو الذوات الغيرية، مما ً يولد عندها شعورا . والواضح أنّ الوهراني كان يحاول أن يروضَ الدنيا، لكون " 42فالكراهية إذنْ طابع ضروري للوجود" الهدف الأساس ي الذي تبحث عنه الأخلاق، كان ذا طبيعة جمالية ذلك أن هذا النوع من الأخلاق كان مجرد ، وأن يحقق من 43ص ي، ما دام أغلبنا ل يؤمن بإمكان تأسيس الأخلاق على الدين"مشكل اختيار شخ كان ينتهي دائما إلى الفشل والإحباط، بعد أن -في محاولته-خلالها ما لديه من وسائل لإثبات الذات ولكنه يجب إنكارها، يبذل كل ما في الوسع والطاقة ليقترب من بغيته، ولذا نراه في نهاية المطاف يقرّ بحقيقة ل وهي استحالة تحقيق الخير مع هذه الفئة من الناس، كما يظهر في هذا المقطع:] لو مات قبل أخذه بثأره لمزق الأكفان ونبش المقابر[. ه من الصعب أن نفصل بين تشاؤم الوهراني من الدنيا وإخفاقه في تحقيق العلاقات ّ ولعل ف عن هزيمة الإنسان وكبريائه بواسطة هذا التصوير السّاخر، الإنسانية بل، إنّ ما كان يؤرقه هو الكش ه يدرك كفر الإنسان وجهله، فهو قريب من قوله تعالى: " ّ " الأحزاب: وكأن ً ومًا جَهُول ُ ل َ انَ ظ َ هُ ك نَّ لَ 72إ ت ُ . " ق فَرَهُ". ْ ك َ سَانُ مَا أ ْ ن ْ 44ن الحقيقة المرّة.. وليملك أمام إحباطات الحياة المدمرة، إل أن يكشف ع17عبس: الإ لم يكن حظ الإنسان مع الوهراني بأحسن من حظ الدنيا معه، وربما يدعم كلامنا هذا المقطع:" وأما للبيع أنه عرض به للطلب فقد حلف له على نفي هذه اتهامه للوهراني بأنه لما استعرض منه البيقار أن يحمل الكلاب على ع ّ قط، ويحمل الحمير على التهمة، وهو ل يصدقه. فما بقي إل ً يال من رآه لذلك أهلا ، ول شك أن الخوف على البيقار غلب عليه، حتى لو كتب الوهراني له ل إل الله، ً أم الذي يعطيه إياه أبدا . فهو في هذا المقطع 45قال: هذا تعريض بالبيقار كما قال الله تعالى " يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو" مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 43 ه تعويض يجعل من العمامة ا ّ للسّخرية، فيكون الوصف اللاذع فيها كأن ً لتي افتقدها التاج الكندي محورا عن التهام الكاذب الذي اتهم به، فيسخر ويهزأ، ويجهر بذلك في نقضه لعتقادات خصمه. سخطه السّاخط ليس على إنسان عصره فحسب، بل على الإنسان في ً لقد عاش الوهراني معلنا في ً ب على عمومه، مؤصلا ّ سخريته طبيعة الشرّ منذ بداية الخليقة، متشائما من إمكان إصلاحه، أو التغل ، إلى آخر المفردات الدالة على موقف ل 46ما رُكز في تكوينه منذ البدء من خسّة وانحطاط ونفاق وتملق يخلو من قسوة ورؤية ساخرة تدعو إلى اليأس من مستقبل الإنسانية. يتمناها الوهراني لبني الدنيا أو لنفسه، كما يظهر في هذا المقطع " فنسأل أمنية مخيفة هذه التي الذي قض ى بالبين أن يؤلفنا بالنبرين، والذي ابتلانا بالصدود أن يجمعنا في بعض البدود)مواخير(، بمنه ود وكرمه، وما قد ابتلينا به من القضاة المخالفين، والأمة المسخفين من إقامة الحدود، وتعطيل البد . 47وتحريم الزمر، وتبطيل أبواب الخمر وضربهم للسكران" بس ويتعجب من الوهراني الذي يتمنى من المولى عزوجل حشره مع ّ قد يصاب القارئ بنوع من الل مجتمعه في البدود)المواخير(، وفي الوقت نفسه نجده يصب غضبه على القضاة الذين منعوا الخمر لسّاخر معنى آخر يحيل إليه، وهو أن أغلب القضاة الذين سخر منهم، كان والزنا، ل شك أن في خطابه ا بسبب تساهلهم مع الفساد الأخلاقي. ولذلك تتمثل هذه الأمنية في ذلك الستعداد المخيف لعوامل النحطاط المدمرة كفتح أبواب نا أمام نبيٍّ أعيته الحيل في تقويم بني قو ّ مه وضاقت به السبل أمام ما الخمر، وتحليل الزنا...الخ. وكأن يهَا يعانيه من واقع قوامه الزندقة والفجور، وهذا قريب من قوله تعالى: رَف ْ ا مُت َ مَرْن َ أ ً رْيَة َ كَ ق نْ نُهْل َ ا أ َ رَدْن َ ا أ َ ذ وَإ يرًا الإسراء: دْم َ اهَا ت َ رْن دَمَّ َ وْلُ ف َ ق ْ يْهَا ال َ حَقَّ عَل َ يهَا ف فَسَقُوا ف َ تناقض الظاهر في كلام . ويمكن القول أن ال٦١ف من السّخرية. ً الوهراني يولد نوعا وموقف الوهراني هذا أشبه ما يكون بموقف الرجل الإنكاري، "الذي يحكم على العالم كما هو لهذا ً ه غير موجود والنتيجة تبعا ّ ه من الواجب أل يوجد وعلى العالم كما يجب أن يوجد، بأن ّ موجود، بأن . والمعنى المقصود هنا، "هو الذي يفتقر إليه الوجود"؛ فقد يكون " تحقق 48ى له"هي أن الوجود ل معن قانون أخلاقي سام ونظام أخلاقي للكون، وقد يكون نماء الحب والنسجام في علاقات الناس بعضهم . والواضح أن الوهراني لم يجد بين الناس مثل هذه 49ببعض، وقد يكون القتراب من حالة سعادة...الخ" م سعدليــــــــــــــسلي 44 حالت التي تعطي للوجود معنى، كما في هذا المثال:" وأظنه لو مات)الحافظ العليمي( والعياذ بالله قبل ال ، وسأل الله تعالى أن يحيه قوادا 50أخذه لثأره لمزق الأكفان ورجم المقابر ورجم أهل الآخرة بالحجارة)...( ، وأن يحشره في زمرة القوادين." ً صها يأخذ عند الوهراني أكثر من صورة، . فشرّ الدنيا ونق51ويميته قوادا من ً حتى يبدو للرائي انعدام أية قيمة أخلاقية، فسخريته من شرور بعض الناس، تحمل في طياتها نوعا المفارقة، "فرجم المقابر ورجم أهل الآخرة، هو تصور ساخر لما يمكن أن يكون عليه العليمي بعد موته، يشتغل بتمثيل الفوض ى وهو نوع من السّخرية التي "تجعل من ً العالم الخسيس إبداعا فنيا ممكنا .باعتبارها الكون والتناقض الظاهري باعتباره الخاصية الإنسانية للسّخرية الوعي بالفوض ى المتزايدة التي ليست لها نهاية" ً ه بدون السّخرية لن تكون هناك 52وهي أيضا ّ ؛ أي أن ظهر ذلك فيما يشير إليه الوهراني من سيطرة الجهل منطقة الوعي بالفوض ى والتناقض الظاهري، وي وارتقاء الجهلة إلى أماكن الصدارة، كما يظهر في هذه المقطع التالي:" حتى جاء وقتُ المناظرة فحينئذ برز من الباذنجان، فوقع الناس ً من الهذيان وضربا ً بالوجه الوقاح، وأرهج المدرسة بالصياح، وأخذ يقول نوعا للإسطبل فخرجتْ هيبته من في البلاء وعل ّ موا أنه دلو من الدلء وتحققوا أن الرجل كالسطل ل يصلح إل . 53صدروهم، ونبذوه وراء ظهورهم..." لم يسلم من لسانه الصوفية ورجال الدين، الذين قال: عنهم "هربوا من كدّ الصنائع والأعمال إلى الزوايا و فلا يزال أحدهم يأكل وينام حتى يموت، إنهم كالخروع في والمساجد والمشاهد بحجة العبادة والنقطاع .54البستان يشرب الماء ويضيق المكان" –من ثم –وقد يكون هذا كله وليد الضعف والوهن الذي تسرب إلى حياتهم الروحية، فانعكس فضلا على سلوكهم العام، ول يخفى ما في نصوص الوهراني من يأس وتشاؤم من إمكان تقويم ما اعوجّ، عما تلقاه من جراح أدْمَت النفس والجسد في معركته مع الزمن والإنسان. ا وجد في حياته فجوة عميقة ل يمكن تجاوزها بين القول ّ ، لم ً لقد فقد الوهراني إيمانه بالإنسان أول م الجتماعي والثقافي والديني وفقد إيمانه ب ّ ه عندما وجد والفعل، في المستوى الذي يحتله الإنسان في السل أن نزعة الشر فيه تهيمن على سلوكه وأفعاله. وقد أدى ذلك كله إلى شعوره بالإحباط من إمكان صلاح ذلك الإنسان، بل تعدى الموقف عنده إلى نظرة تراجعية مليئة بالتشاؤم حول مصيره، لما سببته من . 55هذه الحياةإحباط في الوقت الذي يحوز فيه من ل يستحق الحياة، كل ما يريده من خاتمة: مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 45 يمكن اعتبار مقامات ورسائل الوهراني المرآة العاكسة للخلل في التوازن بين فضاء الغربة وفضاء الوجدان الذي عزّز آلم الذات في عمقها الإنساني الخفي، نصوص الوهراني تؤسس لخطاب الألم في المدونات ً لمأساته التراثية الجزائرية ل تمثل في العمق إل تصويرا ً للهم البشري إزاء الماض ي المشرقي، واستبطانا الأبدية في مكابدة الألم، ونشدان السعادة، واستبعاد الموت، والتوق إلى حرية أكبر بعيدا عن شقاوة العيش في عوالم الغيبة، ولوعة السقوط في أسر الذاكرة المشرقي حيل إلى الألم، إلى الموت المجازي إلى البلاء من هنا يمكن فهم ذلك المؤشر الخطابي البارز، وهو الر والختناق، وكذلك في بعض الأحيان إلى الضحك المؤلم والفرحة المؤلمة. هكذا يصبح القلق، والتمرد، والسّخط أداة لخرق اللامقبول، وتجاوز المعيق وتخطي نفق الغرابة، ه يريد من ذاته أن تكون متجاوزة لكل ما ينت ّ قص من كمال هذا المجتمع حيث: تتكلم الذات والمستحيل. إن ليتزعزع اللتحام الموهوم لمكوناتها، ولعلائقها بالآخرين، عبر استنطاق الذات وتاريخها، وأحلامها، ونزواتها. إنّ الوهراني يشعر بنوع من الغربة في هذا المجتمع، ومن ثم يتولد التمرد، إنّ هذا التمرد وهذا الغربة؛ أي هذه الكتابة/ الثقافة المضادة هي القوة الكامنة في أدب الوهراني، وهي الرفض، وهذا الشعور ب رأس جماليته، وسرّ السخرية فيه. إن القلق، والسخط، والنقد، والثورة، كلها مجتمعة، تشكل عند الوهراني حيزا من الصراع، السياسية والجتماعية، والتي يريد صراع ما بين الذات/الفرد، والمجتمع بمكوناته القيمية والسلوكية، و من خلال هذا الصراع تغييرها، لخلق نوع من التوازن ما بين الذات والواقع. إنها محاورة لما بين الكتابة والواقع تنجر عنه وظيفة ثقافية تكشف عن رغبة الكتابة في سعيها الدؤوب لإحداث قطيعة موضوعية وبحث عن صيرورة وجودية تاريخانية ل تولي الأهمية لدور الكائن مع التجليات السلبية للمكرس التاريخي في علاقته بالزمان والمكان. ً من الغربة ونوعا ً إنّ التناقضات والمفارقات المشينة، التي يعيشها المجتمع تجعل الذات الكاتبة تعيش نوعا لق، ومتفاعل مع كل من الرفض المعطل لكل اعوجاج...الرفض الذي يحول المجتمع من مرسل إلى مت القيم، بعيد عن كل عدوانية، أو تدمير. إنّ ابن محرز الوهراني يريد أن يرسل رسالة، ويتمنى أن مرتين: مرة ً تصل...وهو أنه كاتب يلاحظ ويفكر، وبما أنه يفكر، فهو موجود، ولكنه يريد أن يكون موجودا م سعدليــــــــــــــسلي 46 وع من المقابلة والتطابق ما بين الذات في ذاته، وفي الوقت نفسه في مجتمعه؛ أي أن يكون هناك ن والمجتمع. الرفض، والسّخط، والنقد، والتعرية، نابعة كلها من الطريقة التي تحياها الذات في الزمان، والمكان، ومنهجية وجودية، تتجاوز الكائن إلى ما يجب أن يكون، مع الإيمان بالوجوب. هذا كله يخلق لدى الكاتب من التشظي النفس ً ي، ونوعا من العصاب الثقافي الذي يجعله يعيش حالة صراع تجاه هذا العالم نوعا الخارجي المتمثل في الواقع/ المجتمع، ولذا تأتي ردود أفعاله معبرة عن هذه الحالة النفسية التي يعيشها. مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 47 الهوامش: ، ص 1771، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1يانكو لفرين، نيتشه، تر: جورج جحا، ط - 1 66. ، أفريقيا 1مبحث: الرغبة والألم، طينظر: محمد بهاوي، الرغبة، نصوص فلسفية مختارة ومترجمة، - 2 .12، ص 2111للشرق المغرب .12-11ينظر: م، ن، ص - 3 26/1/2111سنة ينظر: حمد أندلس ي/أستاذ الفلسفة/كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، - 4 https://www.facebook.com/notes/الكوني-النسانhuman-universal- .12-11الرغبة، نصوص فلسفية مختارة ومترجمة، مبحث: الألم والحياة، ص ينظر: محمد بهاوي، - 5 1دعد الناصر، المنامات في الموروث الحكائي العربي، دراسة في النص الثقافي والبنية السردية، ط - 6 .5، ص 2111المؤسسة العربية للنشر، بيروت، الصنايع، بناية عيد بن سالم، .6-5ينظر:م، ن، ص - 7 الموت فـي حدقت لذات استباقي رثاء درويش محمود جدارية فـي الموت خطابظر: مصطفى الغرافي، ين 8 ً https://www.nizwa.comمجلة نزوى الإلكترونية موقع: .2112/أكتوبر/1 طويلا ، يناير 2عبد القادر زيدان، التشاؤم في رؤية أبي المعري، مجلة فصول في النقد الأدبي، المجلد الرابع، ع - 9 . 217، ص 1711 .11جون كروكشانك، ألبير كامي وأدب التمرد، تر: جلال العشري، الوطن العربي، بيروت، د.ت، ص - 10  - ّأول مقامات الوهراني هي المقامة البغدادية، والتي يتحدث فيها عن نفسه، واصفا ينبغي الإشارة إلى أن اب الأمراء والوزراء والقضاة سفرته إلى بغداد، إذ بعدما ترك موطنه قصد بغداد، وفي طريقه كان يقرع أبو ويطلب ثوابهم حتى وصل إلى العراق ودخل مدينة السلام بغداد، فلما قرّ به المقام في تلك الديار طافها طواف المنتقد، وتأملها تأمل المنتقد، فرأى كل ما يبهج العين ويسر الخاطر. ينظر: محمد بن محرز ركن اته ورسائله، تحقيق: إبراهيم شعلان، ومحمد نغش، مراجعة عبد الدين الوهراني منامات الوهراني ومقام .16-11، ص 1761العزيز الأهواني، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر القاهرة، .11منامات الوهراني ومقاماته ورسائله، ص -11 العدد: -الحوار المتمدن. 12/11/2115للباحث هشام عبده نشر بتاريخ مأزق الوجودينظر: - 12 3594 . https://www.nizwa.com/%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA-%D9%81%D9%80%D9%8A-%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%AF%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%B4-%D8%B1%D8%AB%D8%A7/ http://www.ahewar.org/search/Dsearch.asp?nr=4953 http://www.ahewar.org/search/Dsearch.asp?nr=4953 م سعدليــــــــــــــسلي 48 : عن عبد القادر زيدان، التشاؤم في رؤية أبي المعري، ص 11ألبير كامي، أسطورة سيزيف، ص - 13 ً . نقلا 217.  - وت نهر بدمشق وقيل كورة مشهورة معروفة بين دمشق وبعلبك منها خرج نهر دمشق، ينظر: ياق .171، ص 1716، القاهرة، 1الحموي معجم البلدان تح: د.س. مرجيلوث، ط - .ل توجد في معجم البلدان ول في معجم آخر - ،نبت له زهرة حمراء في أصلها صفراء وهو طيب الطعم، ينظر: أحمد عيس ى، معجم أسماء النبات .172، ص 1726القاهرة  - ،21، الهامش، ص منامات الوهراني ومقاماته ورسائلهينظر: ل توجد ترجمة لهذا المكان. .21م، ن، )مقطع من المشهد الستهلالي للمنام، في هذه اللحظة مازال النص رسالة قصصية(، ص - 14 .72، ص 1761عبد الغفار مكاوي، ألبير كامي، دراسة في فكره الفلسفي، دار المعارف، القاهرة، - 15  - خوذة من الحوار الذي أجراه طه حسين مع أبي العلاء المعري )حديث متخيل(، هذه الفكرة مأ العجز عن تذوق الحياة، ّ فيقول: " وكنت أحدّث أبا العلاء بأنّ تشاؤمه ل مصدر له في حقيقة الأمر إل والقصور عن الشعور بما يمكن أن يكون فيها من جمال وبهجة، ومن نعيم ولذة، وكان أبو العلاء يقول: فإنك ترض ى عما ل تعرف وتعجب بما ل ترى. وكنتُ أقول له: إن لم أعرف كل ش يء فقد عرفت بعض الأشياء، وإن لم أرى الطبيعة فقد أحسستها. وكان أبو العلاء يقول لي: تبين إن استطعت حقيقة ما تعرف، س منها؛ فلن تجد إلى فسترى معرفتك مشوّهة. ولئم إن استطعت بين ما تحسّ من الطبيعة وما يرى النا ". ينظر: طه حسين، مع أبي العلاء في سجنه، دار المعارف، القاهرة، د.ت، ص ً ، . 17هذه الملائمة سبيلا .211نقلا: عبد القادر زيدان، التشاؤم في رؤية أبي المعري، ص السابق. الموقع نفس درويش، محمود جدارية فـي الموت خطابينظر: مصطفى الغرافي، - 16 ينظر: م، ن . الموقع نفسه. - 17 .11منامات الوهراني ومقاماته ورسائله، ) مقطع من المقامة البغدادية(، ص - 18 موقع: ..2117، أفريلالآن المغربيـة الروايـة فـي الألــم خطاب شرف الدين ماجدولين - 19 https://www.nizwa.com . السابق. الموقع نفس درويش، محمود جدارية فـي الموت خطابظر: مصطفى الغرافي، ين - 20 .21منامات الوهراني ومقاماته ورسائله )مقطع من المشهد الستهلالي لرسالة المنام الكبير(، ص - 21 . السابق الموقع نفس درويش، محمود جدارية فـي الموت خطابينظر: مصطفى الغرافي، - 22 .217سائل الوهراني، ) من رسائل الوهراني، عنوانها في الفهرس: وكتب بعض المدابير إلى أمه(، ص ر - 23 https://www.nizwa.com/ https://www.nizwa.com/ مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 49 ، 1عبد الفتاح عوض، في الأدب الإسباني السخرية في روايات با ييستير، دارسة لغوية سيكولوجية، ط - 24 .17، ص 2111جامعة القاهرة، -كلية الآداب . ومن 12، ص 1712ي أدب المازني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، حامد عبده الهوّال، السخرية ف - 25 الأمثلة الراقية التي يخلدها لنا الأدب العالمي حول موضوع السخرية من النفس واحتقارها، ما ينقله لنا شكسبير على لسان شخصيته " دوق جلوستر" الذي يسخر من نفسه حين يقول:)) أنا الذي ل يصلح لأن اجتلي مرآي في صقال مرآة، أنا الذي خدعتني الطبيعة عن نصيبي من حسن الطلعة، شكلي للعب، ول أنا المشوه، المخدج الناقص الخلقة، الذي أرسل قبل الأوان في هذه الدنيا المتنفسة، أنا الذي تنبحني لشمس والتعليق الكلاب إذا وقفت حيالها. ل أفيد لذة من قضاء الوقت اللهم إل في النظر إلى ظلي تحت ا ((. ينظر: م، ن، ص ً على تشوه خلقتي، ولما كنت ل أستطيع أن أكون عاشقا فقد اعتزمت على أن أكون نذل 11. طبيعة الخاصية مأخوذة، تاء المعاناة في قصة شاء القدر لجميلة طلباوي للباحث محمّد الأمين - 26 -http://www.aswat. 17/1/2111سعيدي نشر بتاريخ elchamal.com/ar/?p=98&a=8955 ، 2111ينظر: جميل حمداوي، من سيوطيقا الذات إلى سيميوطيقا التوتر، أفريقيا الشرق، المغرب، -27 .51ص ي. م، س. ينظر: تاء المعاناة في قصة شاء القدر لجميلة طلباوي للباحث محمد الأمين سعيد - 28 ينظر: طبيعة الخاصية مأخوذة من مقال: تاء المعاناة في قصة شاء القدر لجميلة طلباوي للباحث - 29 محمد الأمين سعيدي، نفس الموقع السابق. الحديثة الغربية ينظر: عباس عبد الواحد، محمود، قراءة النص وجماليات التلقي، بين المذاهب -30 .17، ص1776، دار الفكر العربي، 1وتراثنا النقدي دراسة مقارنة، ط سبتمبر تاريخ نهاية الفلسفة 11ينظر: محمد الأمين سعيدي، م، س، ينظر كذلك: مقال بعنوان: - 31 مأخوذة من كتاب: أرسطو طاليس، فن الشعر، تح: عبد ، الفكرة sudaneseonline.comوالدراما الغربية 11، ص 2111الرحمان بدوي، دار الثقافة، بيروت، السابق. الموقع نفس درويش، محمود جدارية فـي الموت خطابينظر: مصطفى الغرافي، - 32 - ويقصد بها الوهراني نفسه، ينظر: منامات الوه ، ً راني، ومقاماته الخادم من النعوت التي تستخدم قديما .17ورسائله الهامش، ص http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=8955 http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=8955 http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=8955 http://www.djazairess.com/city/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9 http://www.djazairess.com/city/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9 م سعدليــــــــــــــسلي 50  - ،متخيل فكرة السابق، الموقع نفس درويش، محمود جدارية فـي الموت خطابينظر: مصطفى الغرافي" المعاناة" مصاغة أيضا من متخيل المعاناة عند الأنثى من خلال كتاباتها)الكتابة النسوية(. ينظر: محمد .1-1النص الشعري الأنثوي، مؤسسة النتشار العربي، د.ت، ص العباس، سادنات القمر، سرانية السابق. الموقع نفس درويش، محمود جدارية فـي الموت خطابينظر: مصطفى الغرافي، مقال بعنوان: - 33 .111منامات الوهراني ومقاماته ورسائله، )مقطع من مقاماته وسمها بفصول(، ص - 34 ، مؤسسة النتشار العربي، 1ل يأتي، مبحث: عذابات المنفى الصامتة، طالصادق النيهوم، الذي يأتي و - 35 .121، ص 2112بيروت لبنان، خطاب الألم في الرواية المغربية، الموقع السابق. شرف الدين ماجدولين، - 36 .12-11م، س، )مقطع من المشهد الستهلالي الذي يعد بمثابة رسالة(، ص - 37 حليل الخطاب الصوفي، في ضوء المناهج النقدية المعاصرة، دار الأمل، للطباعة آمنة بلعلى، ت ينظر: - 38 . 271ص ، 2111والنشر تيزي وزو، ينظر: محمد مشبال، البلاغة والسّرد، جدل التصوير والحجاج في أخبار الجاحظ، منشورات كلية - 39 .62، ص 2111الآداب والعلوم النسانية جامعة عبد الملك السعدي، تطوان المغرب، - :الشنوف: تشنفت الجارية أي أخذت ولبست الشنف، والشنف هي ماعلق في الأذن من الحلي. ينظر .111منامات الوهراني ومقاماته ورسائله، الهامش، ص .111-111م، ن، ) مقطع من رسالة كتبها الوهراني إلى ابن الحليم الواعظ على لسان الفقهاء(، ص - 40 ، الدار العربية للعلوم، 2باه، دراسات فلسفية، التاريخ والحقيقة لدى ميشال فوكو، طالسيد ولد أ - 41 .77، ص 2111لبنان -بيروت .161بيروت، د.ت، ص -، دار الثقافة1عبد الرحمن بدوي، الزمان الوجودي، ط - 42 دريفوس ميشال فوكو، هم الحقيقة، مبحث: نسابة فلسلفة الأخلاق، ميشال فوكو يحاوره، هوبير - 43 منشورات الإختلاف، -، سلسلة بيت الحكمة1مصطفى كمال، ط-وبول رابيانو، تر: مصطفى المنساوي .67-65، ص 2116 .211ينظر: عبد القادر زيدان، التشاؤم في رؤية أبي المعري، ص - 44  - تعريضة للبيع البيقار: نوع من العمائم، العمامة الكبيرة التي يستخدمها الوزراء والكتاب، والمراد أن .115الهامش، ص منامات الوهراني ومقاماته ورسائله،يستوجب التحقيق مع صاحب السلعة. ينظر: .116 -115، )مقطع من رسالة كتبها إلى التاج الكندي(، ص م، ن - 45 46. 211ينظر: عبد القادر زيدان، التشاؤم في رؤية أبي المعري، ص - مظاهر انكسار الذات وفعالية اشتغال خطاب الألم المنتج للسّخرية .مقامات ورسائل الوهراني في 51 .116، ص ا إلى قاض ي الفاسقين وهو بمصر عن نائبه بدمشق(، س، ) مقطع من رسالة كتبهم - 47 48. 151، ص 1775، وكالة المطبوعات، الكويت، 1عبد الرحمن بدوي، نيشته، ط - .2111. ينظر كذلك: عبد القادر زيدان، التشاؤم في رؤية أبي المعري، ص 156عبد الرحمن بدوي، ص - 49 .21)مقطع من المشهد الستهلالي الذي يعد بمثابة رسالة(، ص منامات الوهراني ومقاماته ورسائله، - 50 51. 115، ص م، ن - .17عبد الفتاح عوض، السّخرية في روايات باييستير، دراسة لغوية سيكولوجية، ص - 52 .112-111م، س، )مقطع من مقامة في شمس الخلافة(، ص - 53 .11م،ن، ص - 54 .2111م في رؤية أبي المعري، ص : عبد القادر زيدان، التشاؤ رينظ - 55