زياني المسعود2018-12-042018-12-042018http://dspace.univ-msila.dz:8080//xmlui/handle/123456789/6523تطرقنا بداية لتقنيات عمل المجلس الدستوري في مجال الرقابة على دستورية القوانين في الدساتير الجزائرية المتعاقبة بداية من دستور 1963 الذي كان أول دستور جزائري يقر بمبدأ الرقابة الدستورية، لكنه لم يعمر طويلا، ثم جاء دستور 1976 الذي لم ينص إطلاقا على تقنية الرقابة، إلا أن المؤسس الدستوري أستدرك ذلك في دستور 1989 وأكد عليها في دستور 1996 الذي وسع من صلاحيات المجلس الدستوري، إلا أن هذه الصلاحيات لم تبق على حالها بل قام المؤسس الدستوري في التعديل الدستوري لسنة 2016 بتوسيعها أكثر وذلك أسوة بالأنظمة الرائدة في هذا المجال. تعتبر هذه التعديلات خطوة كبيرة نحو استقلالية المجلس الدستوري وفاعليته، تتجلى هذه التعديلات في التعديل الدستوري لسنة 2016 والنظام المحدد لقواعد عمله لسنة 2016، حيث مست هذه التعديلات الأحكام التي تندرج في الإطار العام لعمل المجلس، حيث تم رفع عدد أعضاه من 9 إلى 12 عضوا و التوسيع في دائرة الإخطار وذلك بزيادة كل من الوزير الأول وأعضاء البرلمان و الأفراد العاديين من خلال منحهم حق الطعن في دستورية القوانين، كما فرض بعض الشروط كالتخصص والسن والخبرة لتولي العضوية في المجلس. كما تم إستحداث بعض الأحكام التي تندرج ضمن النظام الإجرائي للإخطار والتي نوجزها في رفع عدد النصاب القانوني للتصويت في الجلسات والذي لا يمكن إلا بحضور 10 أعضاء، وكذلك التمديد في آجال الإخطار من 20 يوما إلى 30 يوما في الحالة العادية وتم تخفيضها في حالات الاستعجال إلى 10 أيام، وكذلك اشتراط بعض الجوانب الإجرائية للإخطار الصادر عن المعارضة البرلمانية. كما أبقى المؤسس الدستوري على أهم الضمانات الدستورية التي من شانها أن تضمن سير أحسن و نجاعة أفضل لعمل المجلس الدستوري، من بين هذه الضمانات نجد تمتع رئيس المجلس ونائبه و أعضاء المجلس بالحصانة القضائية، إذ لا يمكن أن يكونوا محل متابعة أو توقيف. بالرغم من التعديلات التي أجراها المؤسس الدستوري الجزائري على المجلس الدستوري وإعطائه صلاحيات أكثر، إلا أن هذا الأخير يبقى بعيد من تحقيق الحماية الحقيقية للدستور، فلا تزال هناك الكثير من العوائق التي تحول دون فاعليته إذ نجد أهمها، عدم تسبيب رسائل الإخطار من طرف سلطات الإخطار ما يصعب الأمر على المقرر وعلى أعضاء المجلس في تحديد سبب رفع الدعوى والجوانب الغير دستورية، كما أن تطبيق الرقابة على النص موضوع الإخطار دون غيره من النصوص حتى وإن كانت غير دستورية يعد تقييدا لعمل المجلس الدستوري. كما أن انفراد رئيس الجمهورية بصلاحية الإخطار، إذ أن معظم حالات الإخطار وجوبية، يؤدي إلى إخلال التوازن بين السلطات، كما أن طريقة تعيين المقرر من طرف رئيس المجلس وكذا طريقة استخلاف رئيس المجلس عند حدوث مانع له، وكيفية اختيار المقرر للخبير الذي يستعين به دون أي شروط أو ضوابط يؤدي إلى عدم نجاعة آليات التحقيق، مع العلم أن رئيس الجمهورية هو من يعين رئيس المجلس الدستوري وبدوره صوته المرجح في حالة تساوي الأصوات . إلى جانب فحص مدى دستورية القوانين والمعاهدات والتنظيمات أعطى المؤسس الدستوري للمجلس الدستوري صلاحية النظر في مجال المنازعات الانتخابية كقاضي انتخابات والاستفتاءات، ومن خلال ما تطرقنا إليه وجدنا أنه غلى الرغم من إقرار المؤسس الدستوري لصلاحيات واسعة للمجلس الدستوري في التعديل الدستوري الجديد إلا أنه ما زالت تنقصه العديد من الصلاحيات التي من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من الشفافية والنزاهة والحياد. نجد منها ما يتعلق بالإجراءات والتي نذكر من بينها ضرورة نظر المؤسس الدستوري في آجال الطعن الممنوحة لطاعن فهي ضيقة جدا وتكاد تكون منعدمة، فهي غير كافية لتحضير وإعداد وتجميع ما يمكن جمعه من أدلة إثبات وأوجه دفاع، ومنها ما يتعلق بالآليات كإلزامية ربط اللجان الانتخابية بالمجلس الدستوري وضرورة توسيع صلاحيات اللجنة الوطنية للانتخابات، ومنها ما يتعلق بالضمانات فنلاحظ أن المؤسس جعل اختصاص المجلس الدستوري كقاضي للانتخابات محدودا بالنسبة للانتخابات التشريعية، باختصاصه فقط بالنظر في الطعون المتعلقة بصحة النتائج دون منازعات الترشيح التي تبقى من اختصاص المحاكم الإدارية، أما بالنسبة للانتخابات التشريعية فإن اختصاص المجلس ليس له حدود مما يجب على المؤسس الدستوري أن يراعي أولوية تدخل المجلس الدستوري في أول مرحلة من الانتخابات التشريعية. كما أن الحكمة من استثناء المؤسس الدستوري المنازعات حول صحة نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية والاستفتاءات من اختصاص القضاء الإداري وجعلها حكرا على المجلس الدستوري تكمن في التشكيلة المختلطة للمجلس (قضائية، تنفيذية، تشريعية)، كما أن المجلس الدستوري يمارس رقابة لا تقبل أي شكل من أشكال الطعن، فجميع قراراته تكتسب الصبغة النهائية وذات النفاذ الفوري وتلزم كل السلطات العمومية وترتب كل آثارها بصفة نهائية. إن عدم تطرق المؤسس الدستوري في النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري في ما يخص إبداء المجلس الدستوري رأيه في مشاريع القوانين المتضمنة التعديلات الدستورية يعد إنقاص واضح من فاعليته، حيث لا نجد أساسا مصطلح التعديل الدستوري وهذا ما ينقص أكثر من مركز المجلس الدستوري في النظام السياسي الجزائري، لأن عملية التعديل الدستوري هي أهم إجراء يجب فرض الرقابة عليه، ووضع إجراءات معقدة له وهذا كله يجب أن يكون تحت رقابة المجلس الدستوري، كما أن رأي المجلس الدستوري في هذه الحالة يعتبر استشاري فقط، وليس له حجية على الطرف المخطر أو أجهزة الدولة الأخرى، فهو بمثابة الحد من صلاحيات المجلس والإنقاص من قيمة حجية قراراته وأرائه.otherالمجلس الدستوري . الرقابة الدستورية . الانتخابات . الإستشاراتتقنيات عمل المجلس الدستوريThesis