سهل سناءد.بركات إسماعيل2025-07-142025-07-142025-07-14https://repository.univ-msila.dz/handle/123456789/47048بايلك التيطري إبًان العهد العثماني يكشف عن عمق وأهمية هذا الإقليم، حيث مثل بايلك اليتطري خلال الفترة العثمانية وحدة اجتماعية وثقافية متكاملة، اتسمت بتنوعها وخصوصيتها التي ميزاتها عن باقي البايلكات في الجزائر، فبفضل موقعه الجغرافي الذي يتوسط شمال الجزائر كان هذا الإقليم حلقة وصل بين السهول الساحلية والجبال الداخلية، وهو ما ساعده على احتضان مزيج حضاري متنوع شمل التأثيرالأندلسي، البربري، العربيوالعثماني وانعكس ذلك بوضوح على الحياة اليومية والأنماط الإجتماعية والثقافية السائدةعلى كافةأوجه الحياة فيها تستدعي منا إعادة قراءة التاريخ العثماني من منظور محلي يعكس الواقع الميداني أكثر من التصورات المركزيةويظهر ذلك من خلال: تميز النظام الاجتماعي ببنائه على أسس تقليدية متجذرة تتجلى في سيادة النظام القبلي والعشائري، حيث لعبت القبائل دورا محوريا في تنظيم العلاقات الإجتماعية وتوزيع الموارد مع احترام كبير لكبار السن وشيوخ الزوايا والفقهاء الذين كانوا بمثابة مرجعيةأخلاقية وروحية، وقد تميز المجتمع بقيمالتضامن والتكافل وحسن الجوار، حيث كانت الزوايا والمؤسسات الدينية تقوم بدور مركزي في دعم الفقراء وإيواء الغرباء وتعزيز الوحدة الاجتماعية. تميزه بتركيبه سكانية متنوعة تمزج بين العرب والأمازيغ والكراغلة ضمن نسيج معقد من القبائل التي لعبت الزوايا فيها دورا محوريا، وقد ساهم الإسلام ممثلا في الزوايا والمساجد في بناء الهوية رغم التحديات الإقتصادية والسياسية،وعليه فإن بايلك التيطري لم يكن مجرد وحدة إدارية تابعة لسلطة العثمانية بل كان فضاءا حيويا تفاعلت فيه سلطة الدولة مع المجتمع وانعكس فيه التوازن الهش بين المركز والقبائل وبين القوة العسكرية والتدين الشعبي و بين الجباية والإستقرار، مما جعله نموذجا غنيا لدراسة بنية الدولة العثمانية في الجزائر؛ تميز بايلك التيطري ثقافيا حيث كان فضاءا غنيا بالحركة العلمية والدينية تدعمها الزوايا التي انتشرت في مختلف مدنه وقراه؛ تميزه بحيوية فكرية وروحية نابعة من الإنتشار الواسع لزوايا والمدارس القرآنية التي لعبت دورا مزدوجا في نشر التعليم الديني والحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع المحلي، فقد شكلت الزوايا مثل زاوية الهامل وزاويةأولاد سيدي نايل مراكز علم وتعليم، وتولت ايضا مهام الوساطة الإجتماعية بين السلطة والقبائل وهذا ما يعزز استقرار الإقليم، كما ساهمت الحياة الثقافية في ترسيخ القيم الإسلامية والتقاليد المحلية عبر حلقات العلم وإنتاج المخطوطات الدينية والفقهية وتناقل الشعر الشفوي الشعبي مما خلق تراكما معرفيا وروحيا ظل حيا حتى بعد زوال الحكم العثماني، وقد كانت اللغة العربيةأداة مركزية في هذا المشهد الثقافي الى جانب حضور الأمازيغية في التخاطب اليومي مما يعكس تنوعا ثقافيا حافظ على انسجامه عبر القرون،إن الثقافة في بايلك التيطري لم تكن مجرد نشاط فكري بل كانت أحد أعمدة المقاومة الناعمة ضد محاولات التذويب الثقافي وهي التي ساعدت في الوقوف في وجه الإحتلال الفرنسي؛ وإلى جانب هذه التطورات كانت المناسبات الدينية مثل المولد النبوي الشريف وعاشوراء ومواسم الزيارات تشكل فرضا للإحتفال الجماعي وتوثيق العلاقات بين السكان، وهي تعبير حي عن الثقافة الشعبية المتوارثة التي امتزجت فيها العادات المحلية مع الشعائرالدينية، كما احتفظ السكان بأنماط معيشية تقليدية في اللباس، السكن، الأطعمة والحرف، وهذا ما يدل على التوازن بين المحافظة على الهوية والإنفتاح الجزئي على التأثيرات العثمانية. الواقع الإجتماعي والثقافي في بايلك التيطري لم يكن ساكنا أو جامدا بل كان ديناميكيا يتطور مع الأحداث والتحولات السياسية، وقد ساهم هذا الواقع بمنظومته القيميةوالثقافية بتكوين هوية جماعية قوية كانت لاحقا في طليعة المقاومة الشعبيةضد الإستعمار الفرنسي، خاصة حينما تحولت بعض الزوايا إلى مراكز للرفض والصمود مما يؤكد أن النسيج الإجتماعي والثقافي الذي تشكل خلال العهد العثماني كان له دور حاسم في الحفاظ على الذات الجماعيةأمام تحديات الإحتلال. وعليه يمكن القول ان بين لم يكن مجرد وحدةإدارية في التنظيم العثماني، بل كان نموذجا لمجتمع إسلامي متكامل في ثقافته متماسك في نسيجه وملهم في قدرته على التكيف والإستمرار، وهو ما يجعل دراسته ضروري لفهم التحولات الكبرى التي عرفتها الجزائر في فترات لاحقة.otherبايلك التيطري خلال العهد العثماني1815م-1830م -دراسة إجتماعية و ثقافيةThesis