بن بوذينة عبلة2023-05-212023-05-212016http://dspace.univ-msila.dz:8080//xmlui/handle/123456789/38267من خلال دراسة موضوع الطعن بالنقض في المادة الجزائية، بداية بمعالجة المحاور الرئيسية المتمثلة في شروط وأوجه الطعن الواجب بنائها عليها وآثاره إلى بيان مدى تحقيق النصوص القانونية التي تنظمه للغاية التي سنَ المشرع من أجلها، ليس كوسيلة مقررة لحماية حقوق الأفراد فحسب وإنما كذلك كوسيلة لرقابة مدى تطبيق الجهات القضائية للقانون. والملاحظة العامة التي يمكن استخلاصها أنه بالرغم أن إسباغ الخاصية الاستثنائية للطعن بالنقض جعلته يوصف بأنه طريق غير عادي للطعن في الحكم الجنائي لرجحان ما ذهب إليه الفقه الذي استند إلى ضابط الأسباب للتفرقة بينه وبين طرق الطعن، وذلك لارتباط هذه الأسباب بدور المحكمة العليا المتمثل في إعلاء الحقيقة القانونية، وبالتالي فانه يقيد من حرية الطاعن تقييدا قانونيا يجعله غير حر في تأسيس طعنه وفق ما يرى من أسباب بل يلتزم بالأوجه التي حصرها المشرع بموجب المادة 500 ق ا ج ، فالطعن بالنقض هو طعن استثنائي أي رخصة من أصل لذلك كان مقيدا بهذا الشكل، وبناء على ذلك فان المحكمة العليا هي جهاز يراقب الشرعية دون الموضوعية ويحاكم الحكم دون الدعوى، لذا فإنها لا تعتبر درجة ثالثة للتقاضي، فوظيفتها تنحصر في تدقيق الحكم المطعون فيه فإما أن تحكم برفض الطعن أو تحكم بقبوله ونقض الحكم وإحالته لإعادة النظر فيه، وفي حالات نادرة تقوم بالنقض دون إحالة، إلا أن هناك نقص يشوب النصوص القانونية المتعلقة به بالرغم من تدخل المشرع لمعالجة هذا القصور وفيما يلي أهم النتائج التي توصلت إليها: 1- الطعن بالنقض آلية قانونية يتبناها المشرع قصد مراجعة الأحكام والتأكد من صحتها إجرائيا ومدى سلامته النتائج التي توصلت إليها قانونا. ولا شك أن الخطأ في الحكم الجنائي ليس حتميا ، ولكنه لأسباب وعوامل متداخلة واقع لم يجد المشرع بد من مجابهته، بيد أن القاعدة أن المشرع وهو بصدد التجريم والعقاب لا بد أن يكرس سياسته الجنائية في إطار الأهداف التي يتوخاها من التشريع لتكون متلائمة مع الآليات التي يضعها لتفعيل مبادئه ميدانيا، فالحكم الجنائي الصادر بالإدانة من محكمة الجنايات كأول وآخر درجة لا يصيب بالضرورة الحقيقة الواقعية ولا يبت بإدانة المتهم بصفة قاطعة، والسير في سبل الطعن التي يرسمها المشرع تقود مباشرة إلى الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا التي لا تحاكم سوى الشق القانوني للحكم بالإدانة مما يهدر نسبيا كفالة اكبر قدر من العدالة . 2- تصدر لأحكام الجنائية باسم الشعب لذا فان الأسباب تؤدي دورا هاما في وقوف الرأي العام على مدى تحقيقها للردع العام والخاص وتكسبه الثقة في القضاء، كما يعتبر التسبيب وسيلة القاضي لإظهار تمكنه الوظيفي ومدى حياده لعلمه المسبق برقابة المحكمة العليا على أحكامه . 3-إن السماح لفئات عريضة من المتقاضين باستعمال الطعن بالنقض يسهل عليهم اتخاذه وسيلة تسويفية للتملص أو لتأخير تنفيذ الأحكام القضائية، نظرا للأثر الموقف للطعن بالنقض في المادة الجزائية . وقد اعتمدت البلدان ذات الأنظمة القضائية الشبيهة بالجزائر عدة حلول لمجابهة التزايد الكبير لأعداد الطعون أمام المحكمة العليا، فهناك فئة تبنت حلا جذريا يقضي بعدم جواز الطعن بالنقض في الجنح والمخالفات، ولكن هذا الحل ينطوي على نوع من المساس بحقوق الأفراد في مراجعة الأحكام الصادرة في حقهم خصوصا المحكوم عليهم بعقوبات حبس مرتفعة . وهناك فئة أخرى سنت إجراءات إدارية بهدف الحد من اللجوء السهل إلى الطعن بالنقض، وذلك عن طريق رفع قيمة الرسوم القضائية بشكل ملموس، إلى جانب مضاعفة حالات البطلان المؤدية إلى عدم قبول الطعن وكذا تدابير ظرفية ذات طابع تشريعي كإجراء عدم قبول الطعن بالنقض الذي تبنته فرنسا، وهناك بلدان أخرى لا تقبل الطعن بالنقض إلا إذا أثارت القضية مسالة قانونية بحتة، ولكن ذلك أيضا يتنافى والمبادئ الأساسية لدولة الحق والقانون، ولأن هذه الظاهرة في تفاقم مستمر فقد بات من الضروري إيجاد الحلول الكفيلة بمجابهتها والحد منها. 4– أن الطعن بالنقض لا يتناول سوى الأحكام الفاصلة في خصومة قضائية الأمر الذي يستبعد من مجاله غيرها من الأعمال القضائية كالحكم بالإشهاد. 5 – أن الطعن بالنقض لا يقبل إلا من ذي صفة ومصلحة. 6- من مزايا التعديلات الأخيرة التي طرأت على قانون الإجراءات الجزائية تسجيل الطعون على مستوى الجهات القضائية وهو ما يكرس فعلا تقريب العدالة من المواطن. ثانيا:التوصيات 1.حصر المشرع الجزائري الطعن في الحكم الجنائي الصادر عن محاكم الجنايات بالطعن بالنقض كطريق استثنائي يعالج الشق القانوني دون الواقعي للحكم، وهذا من غير المعقول أن يسمح القانون لمن أدين بارتكاب جنحة أو مخالفة حق الاستئناف لحكم أول درجة أمام المجلس القضائي ثم الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا، في حين لا يجد الشخص المدان بجناية غير الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا التي لا تعيد النظر في حيثيات القضية وذلك يصطدم بمبدأ التقاضي على درجتين الذي يتبناه المشرع الجزائري مما يستدعي مراجعة تشريعية لهذه القضية. 2. وجوب النص على عليل أو تسبيب الأحكام الجنائية عموما لأن التسبيب من أهم المبادئ والضمانات القانونية وضابط مهم لعملية إصدار الأحكام خاصة ما كان صادرا بالإدانة، لذا فقد بات لزاما على المشرع مراجعة أو تعديل نص المادة 314 من ق ا ج، بحيث تنص صراحة على وجوب تعليل أحكام محكمة الجنايات وعدم الاكتفاء بورقة الأسئلة والأجوبة ، وذلك تحت طائلة البطلان . 3.تكريس الحلول الإدارية والتشريعية الكفيلة بالقضاء على ظاهرة العدالة البطيئة وكثرة الطعون المتراكمة أمام المحكمة العليا خاصة فيما يخص الجنح والمخالفات التي تشكل اكبر نسبة من الطعون، وذلك عن طريق : - الرفع النسبي لقيمة الرسوم القضائية ليكون لها اثر ردعي بالنسبة للطاعنين الذين لا هدف لهم سوى تأخير تنفيذ الأحكام الناطقة بعقوبات الحبس بالنسبة لغير الموقوفين . - سن تشريع يقضي بمنع الطعن بالنقض في المخالفات والجنح عندما تقتصر العقوبة على غرامة مالية بسيطة . -تفعيل آليات بديلة تقلل من اللجوء إلى لقضاء كالصلح والوساطة والتحكيم. 4-ترقية العمل القضائي للمحكمة لعليا و عصرنة تسييرها إلى جانب التركيز إلى التكوين المستمر للقضاة سواء على مستوى المحكمة العليا أو على مستوى المجالس القضائية والمحاكم العادية، والاهتمام بهيئة المحلفين على مستوى محاكم الجنايات عن طريق الاستعانة بمحلفين ذوي مؤهلات تسمح بتحقيق عدالة نوعية، إذ أثبتت التجربة الميدانية افتقادهم للاحترافية والخبرة، وذلك إلى جانب القيام بدورات تكوينية وبعثات إلى محاكم النقض ذات الأداء لجيد والمتطور في الخارج من أجل زيادة كفاءة القضاة الوظيفية وتحسين المردود النوعي لهذا الجهاز. كان هذا ما توصلت إليه من نتائج وما ترى لي من اقتراحات تخص هذا الموضوع ولا شك أنها تحمل إجابة قاطعة لكل المشكلات المحيطة بالموضوع، فهو أوسع من أن يوضع بين دفتي رسالة متواضعة ويبقى هذا جهد بشري فإن أصبت فمن الله عز وجل وان أخطأت فمن نفسي.otherالطعن بالنقض - المادة الجزائية - القانون الجزائريالطعن بالنقض في المادة الجزائية في القانون الجزائريThesis