مــحمد وعــلي بـــداوي2021-09-272021-09-272021https://dspace.univ-msila.dz/handle/123456789/26595لقد خلفت التغيرات العميقة التي لحقت بالسياسة العالمية لفترة ما بعد نهاية الحرب الباردة ، جلمة من الديناميكيات الجديدة، التي أرغمت حقل الدراسات الأمنية على التأقلم مع هذه التغيرات ، مما فرض إلزامية إيجاد مفاهيم جديدة ، وإعادة صياغة منظورات أخرى للاستجابة للطبيعة المتعددة لأبعاد الأمن ومستوياته ، ولتعميق الحوارات النظرية حول ماهية الأمن وتطور مفاهيمه ، وفتح المجال لإعادة إعطاء تعريفات جديدة للتهديدات والمصالح ، مما انعكس أساسا على إعادة تكييف الترتيبات الأمنية والعسكرية مع هذه التغييرات. وعليه ، أدى افتقار النظرية الواقعية للمرونة الواجبة للتكيف مع كل التحولات التي عرفتها السياسة العالمية إلى ظهور مفهوم الأمن الإنساني كمفهوم جديد يتجاوز مفاهيم الأمن التقليدية التي تعتبر الدولة الموضوع المرجعي والمركزي الأوحد ، التي تضع الإنسان/الفرد في صلب المعادلة الأمنية. غير أن الحوار حول الأمن الإنساني كتصور نقدي للأمن بمضامينه التقليدية المراجعة لم يقصد إحداث القطيعة مع أمن الدولة ، التي تبقى المسؤولة عن أمن أفرادها وضمانه ، وبالتالي تتحول المقاربة الأمنية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة مبنية على التعاون مع الدولة وعبرها وليس من خلال التناقض معها . تميزت هذه المرحلة بالتفاعل بين الفواعل الدولتيين وغير الدولتيين على المستويات الوطنية ، والعالمية والإقليمية على حد سواء ، فالترابط العالمي بفعل مسارات العولمة جعل الدول عرضة لشتى التهديدات العابرة للحدود الإقليمية ، وأظهرت هذه التهديدات محدودية إمكانيات الدولة ، وعجزها عن حماية حدودها وأمن مواطنيها بمفردها ، هذا ما أعطى أهمية للتعاون الإقليمي في مختلف المجالات : الاجتماعية ، الاقتصادية، الثقافية ، السياسية والأمنية ، وأوجد ضرورة التعاون بين الدول في إطار التفاعل بين عنصري الدفاع والأمن اللذين لا يقتصران على القدرات العسكرية ، إنما يتعديان ذلك إلى الجوانب المعقدة للمعاملات المستحدثة ، في ظل العولمة التي تخطت بدورها كل المجالات والميادين . وعليه يمكن تلخيص بعض النتائج : - - البيئة الأمنية في منطقة المتوسط تتميز بالتفاوت بين ضفتين : الضفة الشمالية تشمل بلدان جنوب أوروبا، ترى استمرارها في تكتل الاتحاد الأوروبي ، خالية من المشاكل الأمنية فيما بينها ، ذات تفوق عسكري وتنظيم إلى أكبر حلف عسكري (حلف شمال الأطلسي NATO ( وفي المقابل الضفة الجنوبية التي تشمل بلدان عربية منقسمة ، تعرف حالة تخلف ، وفراغ مؤسساتي ، وإمكانات عسكرية محدودة ، ما جعل من منطقة المتوسط دائرة نفوذ أورو-أطلسية . - رغم هذا الاختلافات والفروق الشاسعة في الإمكانيات وموازين القوى ، فقد اعتبر جنوب المتوسط بمشاكله الكثيرة عدوا جديدا شاملا ومركبا ضمن أطروحة "التهديد القادم من الجنوب"، بما يخدم مصالح الأمنية الغربية ، مما أدى إلى إدخال التهديدات غير العسكرية إلى جدول أعمال الأمن في هذه المرحلة . - إن نهاية الحرب الباردة جعل من فصل ضفتي المتوسط في التصورات الأوروبية أمرا غير وارد ، لأن القضايا الأمنية والدفاعية المتوسطية غير قابلة للفصل ، ما يوجب النظر للمتوسط كمنطقة واحدة ، لكن تلك الاختلافات في الإمكانيات (سواء بين الدول الأورو-متوسطية والدول العربية ، أو بين هذه الأخيرة وإسرائيل) ، وفي مدركات التهديد والشواغل الأمنية للضفتين ، خلق هوة بين الضفتين ، وأدى إلى إخفاق التكيف الأمني للدول الجنوبية والأوضاع الجديدة للبيئة الأمنية المتوسطية ، مما أفقدها قوة التأثير في إيجاد دور لها في صياغة المعادلة الأمنية-العسكرية في منطقة المتوسط . ورغم التداخل من حيث المشاكل الأمنية ، إلا أن الأمن في المتوسط خاصة إذا ما تعلق الأمر بالمدركات والاعتبارات الإستراتيجية هو أقرب إلى صيغة الجمع منه إلى صيغة المفرد . وبذلك يبقى المتوسط فضاء مجزءا ومختل الموازين ، بين ضفتيه الشمالية والجنوبية ، ما خلق فجوة بين مركبين للأمن الغربي ، والشرق أوسطي. هي فجوة قابلة للاتساع بمرور خاصة مع السعي الأوربي للحد من قدرات الدول العربية بشتى الوسائل بما فيها القوة . ما يجعل الإشكالية الأمنية المتوسطية تفتقر لأدنى مؤشر موضوعي لتصور مشترك للأمن في المنطقة ، أو لإنشاء هوية إستراتيجية متوسطية ويبقى مشروع الشراكة الأورومتوسطية ذريعة يهدف إلى ضمان الوقاية من الأخطار التي يمكن أن يشكلها الجنوب غير المستقر ضد أمن الشعوب الأوروبية و الحكومات الديمقراطية و الرفاهية والنظام المدني .otherالتعاون -الأنماط الجديدة -النظم الأمنية -منطقة المتوسطالأنماط الجديدة للتعاون ضمن النظم الأمنية الإقليمية في منطقة المتوسطThesis