تمويل الجماعات المحلية في الجزائر بين الاستقلالية والتبعية

Abstract

عرضنا في ثنايا هذه المذكرة أبرز مقومات نجاح الجماعات المحلية ، هو وضوح العلاقة بين هذه الأخيرة والسلطة المركزية وجوهر وأساس هذه العلاقة يكمن في استقلال الهيئات المحلية عن السلطة المركزية، إلا أنه استقلال محدود ، أي في الإطار الذي يسمح فيه للدولة بحق التدخل في أعمال وصلاحيات اﻟﻤﺠالس المحلية (البلدية والولائية ).إلا أن هذه الصلاحيات تبقى مكسبا منقوصا بدون توفير الوسائل الكافية لتحويلها إلى واقع ملموس، ولعل من أهم هذه العيوب هي عدم استقرار الموارد المالية للجماعات المحلية وكذا افتقارها إلى الكفاءات الإدارية لدى موظفيها، ولقد أدى ضعف هذه الوسائل إلى حاجتها الحتمية لمساعدات السلطة الوصية مما خلق حالة شبه كاملة من التبعية و عدم التحرك إلا بأمر من هذا الأخير، بحيث للتحقق من قيامها بما تفرضه عليها القوانين من التزامات وما يقتضيه الصالح العام، على أن يكون هذا التدخل بالقدر الذي يحقق هذا الغرض وأن لا يحد من حرية العمل الممنوحة لها . وفي أرض الواقع فافتقار معظم الجماعات المحلية للموارد المالية أدى إلى شلل في أجهزتها المحلية التي اتسمت في كثير من الأحيان بعجز في تحويل الاختصاصات المعترف بها نظريا إلى واقع ملموس، مما أدى إلى فسح المجال أمام التدخل الحتمي للأجهزة المركزية للنهوض بالتنمية المحلية، وهذا ما ترتب عنه التبعية شبه المطلقة بدل اللامركزية المطلقة، وهذا ما يظهر جليا في جميع ميزانيات الجماعات المحلية. بما أن الجماعات المحلية هيئة إدارية أسندت لها مهمة إدارة المرافق المحلية بإمكاناتها الداخلية والخارجية وبالرغم من تعددها وتنوعها تبقى غير كافية لتلبية حاجات المواطنين المتزايدة وتحقيق أهداف الجماعات المحلية، وبالنتيجة لا يمكنها من القيام بالدور المحدد لها بسبب تراكم الديون وتعدد الفجوات التنموية المحلية من جهة، والنقص في ترشيد استعمال الوسائل والموارد الخاصة للجماعات المحلية، مما يستدعي تطوير هذه الإيرادات وتكييفها مع التطورات الاقتصادية الراهنة والتفكير في إيجاد موارد جديدة ترفع من فعالية الجماعات المحلية، وتجعلها أقدر على مواجهة متطلباتها المحلية والوطنية ولتجاوز كل الصعاب و العوائق التي تعترضها في تنفيذ وظائفها و ذلك بالحرص على تطبيق مختلف الإصلاحات و المقترحات التي تطرقنا إليها وبتفعيل دور المواطنين على مستوى المحلي في وضع و تنفيذ مختلف البرامج التنموية و تبني كل الآفاق و التطلعات التي من شانها تحقيق تنمية محلية وصولا تنمية الشاملة. ولكن منح الاستقلالية المناسبة للجماعات المحلية لأداء مهامها في إطار وحدة الدولة هو بمثابة أول خطوة نحو فك الخناق المفروض عليها بالرقابة غير الفعالة التي تخضع لها و ذلك بسبب التقييد الكبير لها، لهذا يتوجب التخفيف من هذه الرقابة و التضييق منها، إن ممارسة الجماعات المحلية لصلاحياتها خصوصا في إدارة التنمية المحلية مرتبط بوجود جهاز إداري فعال يتوفر على كفاءات قادرة على تسييره دون اعتماد على هيئات أخرى وهذا يتطلب ما يلي: - إعادة تكييف المنظومة القانونية بما يسمح بتدعيم الاستقلال الفعلي للجماعات المحلية في جميع النواحي. - تزويد حصة الجماعات المحلية من المحصلات الجبائية وإعطائها حرية التصرف في بعض الضرائب والرسوم المحلية. - تأطير الموظفين بالكفاءات العالية و التقليل من سياسة العقود المؤقتة. - تخصيص هياكل وأجهزة محلية و جهوية على مستوى المحلي لإدارة التنمية المحلية انطلاقا من المصالح المختصة - كمصلحة المشاريع و مصلحة الإدارة و المالية - وتزويدها باطارات متخصصة و ذات كفاءة تسمح بإشراك منظمات المجتمع المدني وتفعيل دورها في مجال الشراكة مع الجماعات المحلية و وضع آليات قانونية و تنظيمية لإدماج المجتمع المحلي في إدارة التنمية المحلية. - توسيع الشراكة مع القطاع الخاص في الإطار المحلي . - إحداث مصالح لتكوين على مستوى القيادات الإدارية في الجماعات المحلية لأنها تعاني في الأغلب على مشكلة الأمية الإدارية. - إن أكبر تحدي قد يواجه الجماعات المحلية في الجزائر هو ترقيتها إلى مستوى المؤسسة العصرية القادرة على تقديم الخدمات وتسريع معاملات المواطنين، والتواصل المباشر معهم وتفعيل مشاركتهم، وجعلها عملية مستمرة في التنمية المحلية وكما قلنا سابقا فالتنمية المحلية كالشجرة الطيبة جذعها في الأرض وفرعها في السماء يزهر زهرها وينع ثمرها في كل فصل ولأجيال اللاحقة. وبهذا قد وصلنا إلى صحة الفرضيات المطروحة في بداية البحث. وفي الأخير تبقى آفاق البحث مفتوحة أمام طلاب العلم خصوصا في موضوع : - دور المجتمع المدني مع الجماعات المحلية في إدارة التنمية المحلية بالجزائر. - تطبيق الديمقراطية المحلية بين ما هو مكتوب وما هو ملموس في الواقع المحلي وتأثيرها على الجماعات المحلية.

Description

Keywords

تمويل الجماعات المحلية- الجزائر -الاستقلالية والتبعية

Citation

Collections