استراتيجية الجزائراتجاه التطورات الامنية في شمال افريقيا و البحر المتوسط

Loading...
Thumbnail Image

Date

2019

Journal Title

Journal ISSN

Volume Title

Publisher

جامعة محمد بوضياف المسيلة

Abstract

من الجليّ شدّة تأثرّ الجزائر بمجريات الدوائر الجيوسياسيّة التي تقع ضمنها أو تجاورها، وإنّ منشأ هذا التأثّر بالأساسهو اتساع إقليم الدولة الجزائريّة، ارتباطه بفضاءاتٍ جيوسياسيةٍ عديدةٍ وانعكاسات أوضاعه الداخلية على البيئات الأمنيةالإقليمية. ويمكن القول إن تأثرّ الجزائر بالدوائر الجيوسياسيّة لأمنها القومي مثلما بينّاه عبر فصول هذه الدراسة مزدوجٌ: علىمستوى الأمن القوميّ، أي أن تكون الدائرة مصدرًا للخوف والتهديد بالنّسبة للجزائر؛ وعلى مستوى السلوك الأمنيّ، أي أن تؤثرّالتفاعلات والأحداث الأمنيّة لكلّ دائرةٍ على الاستراتيجية الأمنيّة للجزائر وعلى علاقاتها مع الفاعلين الأمنيين ضمن كلّ دائرةٍ. واستحكم تأثر الجزائر بالدوائر الجيوسياسيّة لأمنها القوميّ منذ مستهل عقد التسعينيات بفعل مجموعةٍ من المتغيّرات المحلّية،الإقليميّة والدوليّة، وكذا بسبب التوسّع الذي شهده أمنها القوميّ. على أنّ هذا التأثرّ ليس متماثلاً، بل يختلف باختلاف الدوائر. بالنسبة للدائرة المغاربيّة، فيغلب على فواعلها الأمنيّين الطابع الدولاتيّ وعلى تهديداتها للأمن القوميّ الجزائريّ البعدالعسكريّ الصلب والكامن، مع وجودٍ لبعض التهديدات الليّنة والحقيقيّة، لكنّ الأخيرة لا ترقى إلى الأولى لا من حيث حجمالتهديد المؤثّر على قيم ومرجعيّات أمن الجزائر، ولا من حيث مكانتها ضمن شواغلها الأمنية. ومنشأ المهدّدات المغاربية للأمنالجزائري هو بؤر التوترّ ضمن الإقليم المغاربي التي أضفت عليه بنيةً أمنيّةً نزاعيه ومحيطًا عدوانيًا يؤثرّ مباشرةً وبقوّةٍ على أمنالجزائر. إنّ معظم تهديدات وتخوّفات المغاربية المصدر سببها صراع الزعامة مع المغرب الذي اشتعل منذ استقلال الجزائرعندما تجلّت مطامحه ومطامعه في التوسّع، التزعّم وتغيير الوضع لصالحه مغاربيا على حسابها، وهي مطامحٌ تأكّدت الجزائر منصحّتها بفعل تجارب تاريخيّةٍ: الاحتلال المغربي على مرحلتين لإقليم الصحراء الغربية (1975 ثمّ 1979)، معركة ''أمقالا'' عام1976، ثم حادثة فندق الأطلس بمراكش عام 1994 التي برهنت على ريبة وتوجّس المغرب من الجزائر وعدائه لها. أمّا حاليا، ومنذ سنة 1975، فيعتبر النزاع الصحراويّ-المغربيّ هاجسًا أمنيا إقليميا بأبعادٍ دوليّةٍ ضمن الدائرة المغاربيّةللأمن القومي الجزائري بحكم بما يعانيه من ستاتيكية وتعقّدات واحتمالات تأجّج للتوترّ بين أطرافه المباشرة وغير المباشرة. فبسببه،يبقى المنطق الهوبزي طاغيًا على العلاقات الجزائرية-المغربيّة المصطبغة بحالة من التنافر والعداء الصريح من طرف المغرب (مثلماتبينه خطاباته وسلوكياته) والمضمر من طرف الجزائر، والتي أدخلتهما في حركيّةٍ مزمنةٍ من الفعل والفعل المضادّ والنشاطالاستخباراتي المكثّف أبقت على حالة الخوف الاستراتيجي في الجهة الغربية من الإقليم الجزائري مستمرّةً، وتساهم بشدّةٍفي حالة الشلل الملازمة للمحاولات المغاربية للتكامل أو الشراكة في شتّى القطاعات. ونظرًا لمحوريّة دور الفواعل فوق-المغاربية فيالنزاع الصحراوي وفي الديناميكيّات الأمنيّة المغاربية وتأثيرها على ميزان القوى الإقليمي سعت الجزائر منذ انفراج أزمتها الدّاخليّةإلى تطوير علاقاتها مع هذه الفواعل سيما الولايات المتّحدة محاولةً توظيفها إمّا لإرغام المغرب الأقصى على قبول مقترح تقريرالمصير الذي يفضي إلى انفصال الصحراء الغربية عنه أو اندماجها فيه، وإمّا كسب حيادها تجاه أطراف النزاع على الأقلّ. فيما يتعلّق بالدائرة الإفريقيّة، فيغلب على فواعلها الأمنيين الطابع غير الدولاتي، وعلى تهديداتها البعد الليّن وغيرالعسكري، لكنّ هذا لا ينفي أبدًا ثقل تأثيرات تهديداتها وانعكاساتها السلبيّة على الأمن القومي الجزائري منذ بداية تسعينياتالقرن المنصرم، بحكم رضوخ غالبية دول وأقاليم القارّة الإفريقيّة (خاصّة الإقليم الساحلي) تحت حالة من اللاأمن واللااستقرارمنذ موجات الاستقلال التي شهدتها في العقود الأخيرة من القرن العشرين. وعلى خلاف الدائرة المغاربيّة، تتجّه الجزائر نحو صعوبةٍأكبر في توقّع التهديد على مستوى الدائرة الإفريقيّة لسببين: أولهّما، هو الجنوح المتنامي لتهديداتها نحو الطابع الليّن والعابر للأوطان؛وثانيهما، هو ضبابيّة العدوّ ضمن هذه الدائرة وانتفاء البعد الجغرافيّ عنه. إنّ أكبر مصدر للخوف الجزائريّ وأثقل تهديدٍ من حيث الحجم حاليا ضمن الدائرة الإفريقيّة، والذي يقع على رأسشواغل الدولة الجزائريّة الأمنيّة وفي قمّة هرم أولويّات استراتيجيتها الأمنيّة، هو الإرهاب والروابط التي نسجها منذ العقد السابق معالجريمة المنظمّة (اختطافاتٌ، تهريبٌ بشتّى أشكاله، تجارة المخدّرات والأسلحة) وعصاباتها، ليس فقط بدعوى نشاطاته، بلبحكم ما يثيره أيضًا من انشغال دوليّ بمنطقة الصحراء والساحل وما يتمخّض عنه من تهديداتٍ أخطرها على الإطلاق بالنسبةللجزائر هو احتمال تسبّبه في تدخّل أجنبيّ. بيد أنّ الإرهاب لا ينبغي أن يكون الشجرة التي تغطّي الغابة ضمن الدائرة الإفريقيّةللأمن الجزائري، فلا يمكن بأيّ شكل من الأشكال إهمال التهديد الكامن للوحدة الترابيّة للدّولة الجزائريّة الذي قد ينجرّ عن انفصالالطوارق، ورغم حالة الاستقرار التي تطبع علاقتهم بها إلاّ أنّ الحذر يبقى مطلوبًا، لأنّ إقليم تمركز الطوارق إقليمٌ جيوستراتيجيحسّاسٌ بالنسبة للعديد من القوى الإقليميّة وفوق-الإقليميّة التي لا يستبعد تدخّلها المباشر أو غير المباشر هناك لإثارة النزعةالاستقلالية لدى الطوارق، وهو ما يجب أن تحتاط منه الجزائ

Description

Keywords

التطورات الامنية- شمال افريقيا -البحر المتوسط

Citation

Collections