المنظمة الدولية للشرطة الجنائية
Loading...
Date
2016
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة محمد بوضياف المسيلة
Abstract
في د ا رسة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية )الإنتربول(، وعرضنا دورها
الرائد في تنمية التعاون الدولي الشرطي بين دول العالم المختلفة، من أجل مكافحة الجريمة
والمجرمين لاسيما الج ا رئم المنظمة، والج ا رئم عبر الوطنية التي تستطيع أن تتجاوز حدود الدول
التي أرتكب فيها هذه الج ا رئم، لذا أردنا أن نلقي الضوء من خلال هذه الد ا رسة على كل ما
يتعلق بهذه المنظمة الدولية من تنظيم وتشكيل، وآليات ووسائل فنية متاحة لهذه المنظمة
تساعدها على أداء دورها الموكل إليها.
وتعتبر المنظمة الدولية للشرطة الجنائية )الإنتربول( التي أنشئت عام 1923 من أقدم
المنظمات الدولية التي أفرزها عصر التنظيم الدولي، و لربما كانت حاجة الدول للتعاون
الشرطي الدولي في إطار تنظيمي أو مؤسساتي السبب الرئيسي لإنشائها، و ذلك بغية حماية
أمنها الداخلي الذي كانت تتهدده الجريمة العالمية و التي سجلت في تلك الفترة تطو ا ر خطي ا ر
خاصة من حيث الوسائل المستعملة و الإطار الجغ ا رفي للجريمة و كذا ظهور الاحت ا رفية في
الإج ا رم، فزيادة وتيرة الأعمال الإج ا رمية الدولية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية و بالمقابل
محدودية نظم العدالة الجنائية و مواردها إضافة للسهولة غير العادية لتنقلات الأشخاص
و السلع و التدفق في نظام مصرفي عالمي يصبو لأقصى معدلات السهولة والفعالية، و إضافة
لعجز العدالة الجنائية الوطنية منفردة عن مواجهة التحديات الإج ا رمية إضافة للمعوقات الخاصة
بتعقب المجرمين و البحث عن الأدلة في دول عدة و كذا نقص العمالة ذات الخبرة دون أن
ننسى الإشارة إلى معضلة التسليم التي تعاني منها الجهات القضائية ، كل هذه الأسباب دفعت
بالدول لانتهاج سبيل التعاون الشرطي الدولي و نفس هذه الاعتبا ا رت أدت بالدول إلى دعم
استم ا رر عمل المنظمة إلى غاية اليوم و توسيع اختصاصاتها، على عكس التنظيمات الشرطية
التي عرفتها تلك الحقبة من الزمن و التي كان مصيرها الزوال.
و ما ساعد على استم ا رر منظمة الإنتربول كذلك هو كون المنظمة تتميز بتنظيم محكم قائم
على احت ا رم سيادة البلدان الأعضاء و هو ما يظهر جليا من خلال نص المادة الثالثة من
نظامها الأساسي، كما أن مجالات نشاطها ما فتأت تتوسع لتشمل مختلف أصناف الجريمة
العالمية إضافة إلى دورها و حضورها الدائم لتقديم المساندة الميدانية للبلدان الأعضاء، ما
يجعل المنظمة تحضى باعت ا رف أشخاص المجتمع الدولي ككل دولا و منظمات دولية بفعاليتها
و حيادها، و لربما يكون الدليل الأكثر وضوحا هو 192 دولة عضو لغاية 2016 إضافة إلى
135
الكم الهائل من اتفاقيات التعاون و بروتوكولات الاتفاق التي أبرمتها المنظمة و باقي المنظمات
الدولية خاصة الفاعلة منها.
ولعل أن أهداف المنظمة الوارد ذكرها في نص المادة الثانية من النظام الأساسي للمنظمة
خاصة الفقرة ب التي تؤكد على احت ا رم نشاط المنظمة لحقوق الإنسان في ظل الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان من شأنها تبرير هذه المكانة كما تجعل للمنظمة دو ا ر ا رئدا في هذا المجال على
الصعيد الدولي، خاصة أن هذا المفهوم أساسي في نظام التعاون الشرطي الدولي الذي وضعته
المنظمة و الذي ينص على أن هدفه الأول هو الحماية من كل استعمال سيء للمعلومات
الشرطية المعالجة و الخام في إطار الوقاية من كل ما من شأنه المساس بحقوق الأف ا رد.
هذا ما أدى بالمنظمة إلى غاية إنشاء جهاز مستقل تماما عن أجهزة المنظمة الأخرى، يتمثل
في لجنة م ا رقبة محفوظات الأنتربول تنحصر مهامها في م ا رقبة جمع و معالجة و استخدام
المعلومات الشرطية التي تضم بيانات شخصية.
و بالتالي فالملاحظ أنه للإعلان العالمي لحقوق الإنسان آثار بالغة تظهر في مختلف
النصوص التي تحكم سير المنظمة بحيث أنه لا يمكن للمنظمة أن تستعمل المعلومات التي
توفرها البلدان الأعضاء لأغ ا رض غير تلك المنصوص عليها في إطار القواعد القانونية التي
تحكم نشاطاتها و هذا ما يؤدي بالضرورة لحياد المنظمة من جهة و احت ا رمها للسيادة الوطنية
للبلدان الأعضاء من جهة أخرى ، و لعل أن الدليل على ذلك هو محتوى أهم مادة في النظام
الأساسي للمنظمة و هي المادة 3 من النظام الأساسي للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية.
و مع أن منظمة الإنتربول تعتبر الجهاز الأقدر على مكافحة الجريمة وملاحقة المجرمين
الدوليين إلا أنها اليوم تعاني من عدة مشاكل الأمر الذي يحول دون تفعيل دور المنظمة أكثر
في مهمتها في مجابهة الجريمة العالمية، و لعل أن أهمها هو ضعف الإمكانيات و الموارد
المادية بالمقارنة و النشاط العالمي للمنظمة باعتبار أن هناك دولا معدودة تستطيع تسديد
مساهماتها بطريقة منتظمة)الدول الغنية ( فعديدة هي الدول التي لا تستطيع تسديدها لكونها في
حد ذاتها تعاني من عجز في مي ا زنياتها الوطنية، و اتخاذ المنظمة لإج ا رءات متكررة ضدها
يحول دون المساهمة الفعالة لهذه الدول في المنظمة ما يثبط حركة المنظمة ككل، إضافة
لصعوبة التحكم في جميع المكاتب المركزية الوطنية المنتشرين عبر العالم، إلا أن الأخطر
هو تنامي محاولات اخت ا رق المجرمين النظام الأمني لمنظمة الأنتربول فقد سجلت منذ قيام
المنظمة عدة حالات كان آخرها ما تناقلته الصحف الدولية عن رشوة رئيس المنظمة و رئيس
بالإضافة لتهم Jackie Selebi المكتب المركزي الوطني لجنوب إفريقيا جاكي سلبي
أخرى كالاحتيال و تضليل العدالة، و هذا في نظرنا دليل قاطع على فعالية المنظمة فلو كان
العكس لماذا يبذل المجرمون الجهد و المال لتجنب الوقوع بين يديها.
أما بخصوص البنيان الهيكلي للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية، فقد أخذت المنظمة بمبدأ
تعدد الأجهزة وتخصصها وفقا لنص المادة الخامسة من ميثاقها فنجدها تتكون من خمسة أجهزة
رئيسية، تشتغل وفق مبادئ وأهداف وتمارس أعمالها بشكل منتظم ومستمر، أولها الجمعية
العامة والتي تعتبر أعلى سلطة تشريعية في المنظمة، ثم اللجنة التنفيذية والتي تعتبر الجهاز
التنفيذي للمنظمة الذي يقوم بوضع ق ا ر ا رتها وتوصياتها موضع التنفيذ، وتتكون المنظمة الدولية
للشرطة الجنائية أيضا من الأمانة العامة التي ي أ رسها أمين عام المنظمة ومن عدد من
الموظفين والخب ا رء والمستشارين ومجموعة من الأقسام والوحدات الإدارية لحسن سير العمل
وتنظيمه، كما تضم المنظمة مكاتب مركزية وطنية ومكاتب مركزية إقليمية موجودة في الدول
الأعضاء مهمتها التنسيق مع الأمانة العامة ومع بعضها البعض عبر وسائل اتصال سريعة
وحديثة ومتطورة ومأمونة هدفها سرعة نقل المعلومات والوثائق اللازمة لتنفيذ التعاون الدولي
الشرطي بين الدول في مكافحة الج ا رئم المختلفة.
وتستخدم المنظمة الدولية للشرطة الجنائية )الإنتربول( عدة وسائل فنية لأداء عملها اليومي
عبارة عن عدد من النش ا رت الدولية التي تصدرها الأمانة العانة لمكافحة الج ا رئم وتعقب
المجرمين )سواء كانوا محكوم عليهم أو متهمين( عبر وسائل اتصال حديثة ومأمونة معتمدة في
ذلك على المعلومات الشرطية الهامة المخزنة في قواعد البيانات الجنائية، علما أن الإنتربول
يختص بتعقب مرتكبي ج ا رئم القانون العام فقط والمعاقب عليها بالحبس بمدة لا تقل عن سنة،
حيث تخرج الج ا رئم السياسية، والعسكرية، والدينية، والعنصرية عن مجال عمله، وقد تم التطرق
في البحث إلى بعض الج ا رئم الخطيرة التي يوم يقوم الإنتربول بمكافحتها كالإرهاب والمخد ا رت
وسرقة الآثار والاتجار بالبشر.
ما يمكن استخلاصه من هذه الد ا رسة أن العدو الأول للبشرية هو الجريمة بكل
أشكالها، و أن تطور هذه الأخيرة و تجاوزها للحدود الوطنية يستلزم تطور التعاون الشرطي
ال ا رمي لمكافحتها و تجاوزه للحدود كذلك في إطار مؤسساتي مجسد في المنظمة الدولية للشرطة
الجنائية، التي ما فتأت تطور وسائلها و توسع من اختصاصاتها، و لعل أن التطور البطيء
الذي يعيبه عليها العديد من المتتبعين يعتبر السمة الغالبة للقانون الدولي ككل.
ورغم أن منظمة الإنتربول تعد أبرز و أهم جهاز مكافح للجريمة الدولية في العالم إلا أننا أ رينا
في ختام هذه الد ا رسة أن نلقي الضوء على بعض النقاط الهامة ، والتي بتعديلها ستزداد فعالية
هذه المنظمة في مجال تنمية التعاون الدولي الشرطي بين الدول الأعضاء ونقترح ما يلي:
- أن مكافحة الجريمة العابرة للحدود تقتضي أن يفعل دور منظمة الإنتربول، بحيث تمنح له
سلطة واسعة في التواصل مع الدول قصد ملاحقة المجرمين الدوليين و إلقاء القبض عليهم هذا
من جهة ومن جهة أخرى، فإن المكافحة الفعالة لهذه الجريمة تستحق أن يكون هناك تعاون
فعال بين الدول الأعضاء المعنية بمكافحة الجريمة المنظمة مع المنظمة ذاتها، بل وندعو إلى
أن يكون هناك تعاون بين الدول الغير أعضاء في المنظمة، إضافة إلى ضرورة الإس ا رع في
تحديث النصوص القانونية الوطنية وجعلها أكثر مرونة قصد تنشيط التعاون الشرطي في
مكافحة الجريمة المنظمة.
- ضرورة توسيع اللغات الرسمية المعتمدة من قبل المنظمة ، وذلك بإدخال اللغات الرسمية
المعتمدة في الأمم المتحدة، وهي سبع لغات ، بدلا من الاقتصار على اللغات الحالية وهي أربع
لغات ، فاقترحنا تعديل نص المادة ) 43 ( من القانون الأساسي للمنظمة من أجل توسيع نشاط
منظمة الإنتربول واقليم اختصاصها.
- ضرورة قيام منظمة الأمم المتحدة والدول المتقدمة بمد يد العون والمساعدة المالية
والفنية، والتكنولوجية إلى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية حتى تتمكن الأخيرة من مواجهة
الأعباء المالية المت ا زيدة عليها بسبب توقف بعض الدول الأعضاء عن سداد اشت ا ركاتها المالية
المفروضة عليها لصالح منظمة الإنتربول وللنهوض بالمكاتب المركزية الوطنية المهملة والفقيرة
حتى تستطيع أن تقوم بأعمالها في مجال تنمية وتطوير التعاون الدولي الشرطي بين دول
المنظمة من أجل مكافحة كافة صور وأشكال الج ا رئم وتعقب المجرمين من أجل سلم أمن
الإنسان في كل مكان في العالم أيا كان لونه أو دينه أو لغته أو جنسه.
وفي النهاية لا يسعنا سوى أن نؤكد على أننا لم نتناول كل تفصيلات هذه المنظمة الدولية
للشرطة الجنائية ، اونما حاولنا قدر الإمكان أن نحدد الإطار العام لها ، اوعطاء فكرة عامة
عنها وعن عملها ، أملا أن يكون هذا العمل مقبولا من جمهور القانونيين و القارئين
Description
Keywords
القانون الدولي /المنظمة الدولية /الشرطة الجنائية/القانون الجنائي