الشيخ عبد الحليم بن سماية وقضايا الإصلاح (1866م – 1933م)
Loading...
Date
2018-06-21
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية العلوم الانسانية والاجتماعية جامعة محمد بوضياف بالمسيلة
Abstract
تعد فترة الوجود الاستعمار الفرنسي على أرض الجزائر، من أهم الفترات المميزة في التاريخ الجزائري عامة والثقافي خاصة، بحيث لم يكتفي المستعمر ببسط نفوذه على الجزائر واحتلالها احتلالا شمالا ، بل راح محاولا طمس معالمها الحضارية المعنوية وأسسها الثقافية والمتمثلة أساسا في الهوية الوطنية، لذلك كان لازما على أفراد النخبة المثقفة من الوقوف في وجهه هذه المحاولات، ومن الاوائل الذين وقفوا ضد سياسة فرنسا نجد الشيخ عبد الحليم بن سماية (1866 – 1933م) رفقة مجموعة من أقرانه على غرار عبد القادر المجاوي، ابن ابي شنب وغيرهم، وقبل الخوض في القصايا الإصلاحية التي عالجها الشيخ يجب التعرف على شخصية الشيخ ونشأته وتكوينه حيث ترجع معظم المصادر نسب الشيخ إلى الكراغلة وكان مولده بضواحي الجزائر العاصمة بمنطقة سيدي عبد الرحمان الثعالبي، وبما أن الشيخ كان سوف يخوض في غمار الإصلاح الذي يتطلب التبحر في العلم والثقافة الواسعة، فقد كون نفسه تكوينا عاليا في تلك الفترة، فقد نهل من مختلف العلوم وعلى يد عديد العلماء، حيث أن نشأته كانت في بيت علم وعلماء، لذلك فالشيخ تحمل مسؤولية اصلاح أحوال المجتمع من الآفات الاجتماعية التي انتشرت في أوساط الجزائريين بفعل الاستعمار الفرنسي مثل الكسل والخمول عن طلب العلم وطلب العمل وانتشار مجالس الغمار، وتأثر الجزائريين بالفرنسين متجاهلين ثقافتهم ومقومات مجتمعهم، كما دعا الشيخ عبد الحليم إلى تعليم المرأة وتثقيفها لأنها أساس بناء المجتمع فهي التي تربي الأجيال الصاعدة، خاصة وأنه اهتم بترية الناشئة فقد وضع بعض التوجيهات للآباء من أجل تربية أبنائهم تربية صحيحة، ومن أجل نشر وايصال أفكاره الإصلاحية اعتمد الشيخ على عدة وسائل ومرتكزات كتلقين الدروس، حيث بدأ التدريس مبكرا في المساجد، ثم التعليم المدرسي إذ كان يحث دائما على وجوب المحافظة على الهوية الشخصية والمتمثلة في الدين واللغة والعادات والتقاليد المتوارثة من الأجداد، كما وظف مؤلفاته التي بعضها بقيت طي النسيان والآخرى وصلنا منها القليل عن طريق تلاميذه من بينهم عبد الرحمان بن محمد الجيلالي مثل رسالة فلسفة الإسلام، ومن بين الوسائل التي اعتمدها الشيخ هي الكتابة في الجرائد على قلتها في تلك الفترة مثل جريدة المغرب التي نشر فيها عدة مقالات منها شرف العلم والتعلم والقوة الجاذبة، كما نشر في جريدة كوكب إفريقيا، ناهيك عن نشاطه في الجمعيات والنوادي التي كان يقدم فيها محاضراته التي لا تخلو من رسائل يبغي من خلالها الاصلاح وبعث اللغة العربية وتقويم وتنقية الدين الإسلامي من الشوائب التي لحقت به، غير أن الظروف لم تساعد الشيخ الذي تعرض لعدة ضغوطات من بينها التضيق عليه من طرف المستعمر الفرنسي، نتيجة مواقفه التي كانت لا تخدم فرنسا نهائيا بل كانت تحرض عليها صراحة تارة وبالإيحاء تارة آخرا، لذلك أصيب الشيخ بمرض نفسي حيث أصبح لا يعرف ما يفعل ويقول.
وختما يمكن أن نقول أن الشيخ رفقة المصلحين الذين ظهروا نهاية القرن 19 م وبداية القرن 20م قد بذروا بذرة الإصلاح في الجزائر لتعتني بها مجموعة من خيرة علماء الجزائر في ثلاثينيات القرن 20م أمثال عبد الحميد بن باديس، بتأسيس أم الجمعيات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
Description
Keywords
الاصلاح ، الاستعمار، الهوية الشخصية، المقاومة الثقافية